شهد شاهد من أهله.. حكومة عاجزة


فعلها وزير الخارجية ناصيف حتي واستقال من منصبه. هو صبر كثيرا وسكت كثيرا وأعطى الحكومة الفرصة تلو الاخرى، الى ان بلغ السيل الزّبى، مع قناعة ترسّخت لديه بأن أداءها بات يتهدد جديا، مسيرته الدبلوماسية الطويلة وسيشكّل “وصمة” في سجلّه المهني، فقرّر الانسحاب… الاسباب كثيرة والتحليلات أيضا.
فالبعض ربط الاستقالة بموقفه المتحمّس للحياد والذي لم يرُق لعرّابي الحكومة، والبعض الآخر – “الممانِع” الهوى- ربطها بضغوط غربية أوروبية متجددة تمارس لمحاولة اسقاط الحكومة. أما اطراف أخرى فرأت انها نتيجة هفوات رئيس الحكومة حسان دياب “الدبلوماسية” المتراكمة والتي لم يعد حتّي قادرا ولا راغبا بترقيعها… على اي حال، النتيجة واحدة.
الرّجل قلب الطاولة على الحكومة، وحاول في بيان اصدره عقب لقائه رئيسها صباح اليوم، تبديد الغموض الذي يلّف خلفيات قراره. هو لم يدخل في التفاصيل، الا ان ما قاله ذهب الى الاساسيات وطال الجوهرَ بالمباشر: “لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجاً، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لاسمح الله، وإنني أسائل نفسي كما الكثيرين كم تلكأنا في حماية هذا الوطن العزيز وفي حماية وصيانة أمنه المجتمعي، إنني وبعد التفكير ومصارحة الذات، ولتعذّر أداء مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي اؤمن به وطنا حرا مستقلا فاعلا ومشعا في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به، قررت الإستقالة من مهامي كوزير للخارجية والمغتربين متمنياً للحكومة وللقيمين على إدارة الدولة التوفيق وإعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات من أجل إيلاء المواطن والوطن الاولوية على كافة الاعتبارات والتباينات والانقسامات والخصوصيات…. شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد إسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لاسمح الله سيغرق بالجميع”.
شهد شاهد من أهله اذا، أحد أفراد الاسرة الوزارية دان أداء السلطة الحاكمة وتخبّطها وعجزها عن الاصلاح وتبديتها مصالحها على الهم الوطني الكبير، وحيث ان سلوكها بات يتهدّد الدولة اللبنانية وصورتَها التاريخية المعهودة وموقعَها الاستراتيجي الطبيعي.