بيان نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة مرفوض

مرفوض البيان الذي وقّعه نواب حاكم المصرف المركزي يهددون فيه بالاستقالة الجماعية اذا لم يتم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. مرفوض لانه وليد لعبة سياسية واضحة المعالم تنفذها مجموعة تريد إبقاء القديم على قِدمه متجاوزة الاصول، والقوانين، ومناخ البلد العام، وما يعكسه البيان من صورة تفاقم وضعية لبنان في الخارج. بداية لا بد لنواب الحاكم ان يمتنعوا عن هذا الصنف من التسييس في مصرف لبنان، وهم الذين لم يثبتوا انهم حاولوا مرة ان يعزلوا السياسة عن دورهم في المصرف. ثم من المهم ان يدركوا ان لا تعيين لحاكم جديد لمصرف لبنان في ظل وجود حكومة تصريف اعمال منبثقة من انتخابات العام 2018، وليس انتخابات 2022. وهذه نقيصة كبيرة في المعادلة السياسية، ان تكون الحكومة التي تتولى زمام الأمور منفصلة تماما عن توازنات مجلس النواب الحالي. ولا يهمنا ان تكون معظم القوى النيابية تمكنت من العودة الى مجلس النواب العام 2022. المهم ان الحكومة الحالية لا يمكنها دستوريا ان تبتّ موضوع تعيين حاكم مصرف لبنان الجديد، اللهم إلا اذا كان الهدف ان يتم ذلك وفق صيغة مصلحة البلاد العليا من خارج جدران المؤسسات. عندها يمكن فعل كل شيء!

ثمة موضوع آخر وجبت الإضاءة عليه، ونعني بذلك ان الحل بسيط ويقضي بتسليم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان المسؤولية بالوكالة الى حين تعيين حاكم، او ان نجد طريقة لتجاوز المشكلة الطائفية من خلال اعتذار نواب الحاكم المسلمين بالتوافق لكي يتولى نائب حاكم مسيحي المسؤولية الموقتة فتبقى الحاكمية في عهدة حاكم مسيحي بالوكالة.

اما الحديث الذي بدأنا نسمعه خلف الكواليس من ان معركة التمديد التقني او الاستثنائي بناء على “مصلحة الدولة العليا” للحاكم الحالي رياض سلامة قد بدأت من خلال بيان الرباعي في مصرف لبنان، فإنه ليس من مصلحة البلاد ان يتم التمديد لسلامة تحت أي ظرف من الظروف، وهو القائل اكثر من مرة انه لا يريد لا التمديد، ولا التجديد، لاسيما ان شخصه صار يمثل إشكالية في مكان ما، وانه يخضع لملاحقة القضاء في دول أوروبية عدة. طبعا نحن نقر بقرينة البراءة، ولا نسمح لأنفسنا بالمسارعة الى الحكم على التهم المنسوبة الى سلامة. لكن الحق يقال ان صورة الحاكم الحالي في الداخل والخارج في آن واحد لا تسمح ببقائه دقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته. وفي مطلق الأحوال من الصعب ان نسمع سلامة يذهب مذهب التمديد التقني الموقت في هذا الظرف بالذات. من هنا لا بد للمرجعيات السياسية التي تقف وراء البيان الرباعي ان تعيد النظر بما تفعله، وبما ترمي اليه من خلال هذا الموقف الذي يمكن ان يرتد على البلاد، وعليهم بمزيد من السلبيات.

يجب ان يصدر رئيس حكومة تصريف الإعمال نجيب ميقاتي بيانا صريحا يعلن فيه عدم اختصاص حكومته البت بموضوع التعيين او حتى التمديد. وعلى المرجعيات المارونية المعنية بالموضوع ألا تخشى من الموقف الذي يبدو كأنه تهويل وابتزاز. ومع ان الوضع اللبناني المأزوم يستدعي ربما إجراءات استثنائية غير مسبوقة لمنع الانهيار لكن ان نرتكب الخطأ نفسه مرة بعد مرة فهذا امر سيبدو غريبا جدا. إلا ان الأهم ان لا يكون من وراء الموضوع تهويل في معرض تحسين شروط ترشيح سليمان فرنجية، وألا يكون محاولة جديدة لفرض استسلام المعارضين مسيحيين كانوا ام مسلمين امام سياسة الفرض والاكراه التي تمارَس من قِبل “الثنائي” ومعه مروحة المتواطئين والوكلاء في البيئات اللبنانية الأخرى.

 

 

علي حمادة – النهار