ورقة التفاهم المشتركة بين التيار الوطني الحر وحزب الله

انعقد بتاريخ 6 شباط/فبراير 2006 لقاء هو الأول بين رئيس كتلة “التغيير والإصلاح” النائب العماد ميشال عون والأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله، في صالون كنيسة مار مخايل – الشياح، في حضور محمود قماطي وغالب أبو زينب عن “حزب الله”، وجبران باسيل وزياد عبس وفؤاد الأشقر عن “التيار الوطني الحر”، وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذت في محيط الكنيسة.

استمر الإجتماع نحو ثلاث ساعات، وتخلله الإعلان عن ورقة تفاهم مشتركة بين التيار والحزب. وتلاها أبو زينب وباسيل.

 

نص ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر المعلنة:

في 6 شباط/فبراير من العام 2006 وقّع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر(آنذاك) العماد ميشال عون التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني، وفي كنيسة مار مخايل على تخوم الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

وهذا نص التفاهم بين الحزب والتيار:

1 – الحوار:
إن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان، وذلك على قواعد ثابتة وراسخة، هي انعكاس لإرادة توافقية جامعة، ما يقتضي توفر الشروط الضرورية التالية لنجاحه:

أ – مشاركة الأطراف ذات الحيثية السياسية والشعبية والوطنية، وذلك من خلال طاولة مستديرة.
ب – الشفافية والصراحة، وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، وذلك بالاستناد الى إرادة ذاتية، وقرار لبناني حر وملتزم.
ج – شمول كل القضايا ذات الطابع الوطني، والتي تقتضي التوافق العام.

2 – الديموقراطية التوافقية:
إن الديموقراطية التوافقية تبقى القاعدة الأساس للحكم في لبنان، لأنها التجسيد الفعلي لروح الدستور، ولجوهر ميثاق العيش المشترك. من هنا فإن أي مقاربة للمسائل الوطنية وفق معادلة الأكثرية والأقلية تبقى رهن تحقق الشروط التاريخية والاجتماعية للممارسة الديموقراطية الفعلية التي يصبح فيها المواطن قيمة بحد ذاته.

3 – قانون الانتخاب:
إن إصلاح وانتظام الحياة السياسية في لبنان تستوجبان الاعتماد على قانون انتخاب عصري، قد تكون النسبية أحد أشكاله الفعالة، بما يضمن صحة وعدالة التمثيل الشعبي ويسهم في تحقيق الأمور التالية:
1 – تفعيل عمل الأحزاب وتطويرها وصولاً الى قيام المجتمع المدني.
2 – الحد من تأثير المال السياسي والعصبيات الطائفية.
3 – توفر فرص متكافئة لاستخدام وسائل الإعلام المختلفة.
4 – تأمين الوسائل اللازمة لتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من ممارسة حقهم الانتخابي.
إن الحكومة والمجلس النيابي مطالبان بالتزام أقصر المهل الزمنية الممكنة لإقرار القانون الانتخابي المطلوب.

4 – بناء الدولة:
إن بناء دولة عصرية تحظى بثقة مواطنيها وقادرة على مواكبة احتياجاتهم وتطلعاتهم وعلى توفير الشعور بالأمن والأمان على حاضرهم ومستقبلهم، يتطلب النهوض بها على مداميك راسخة وقوية لا تجعلها عرضة للاهتزاز وللأزمات الدورية كلما أحاطت بها ظروف صعبة، أو متغيرات مفصلية، الأمر الذي يفرض مراعاة التالي:

أ – اعتماد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة.
ب – إن القضاء العادل والنزيه هو الشرط الضروري لإقامة دولة الحق والقانون والمؤسسات، وهذا يستند إلى:
– الاستقلالية التامة لمؤسسة القضاء واختيار القضاة والمشهود لهم بالكفاءة بما يفعّل عمل المحاكم على اختلافها.
– احترام عمل المؤسسات الدستورية وإبعادها عن التجاذبات السياسية وتأمين استمرارية عملها وعدم تعطيلها (المجلس العدلي والمجلس الدستوري) ويشكّل ما جرى في المجلس الدستوري نموذجاً لعملية التعطيل خاصة في مسألة الطعون النيابية المقدمة أمامه والتي لم يجرِ البت بها الى الآن.
ج – معالجة الفساد من جذوره، حيث إن المعالجات الظرفية والتسكينية لم تعد كافية، وإنما باتت مجرد عملية تحايل تقوم بها القوى المستفيدة من الفساد بكل مستوياته لإدامة عملية نهبها لمقدرات الدولة والمواطن معاً. وهذا ما يتطلّب:
– تفعيل مؤسسات ومجالس الرقابة والتفتيش المالي والإداري، مع التأكيد على فصلها عن السلطة التنفيذية لضمان عدم تسييس أعمالها.
– إجراء مسح شامل لمكامن الفساد، تمهيداً لفتح تحقيقات قضائية تكفل ملاحقة المسؤولين واسترجاع المال العام المنهوب.
– تشريع ما يلزم من قوانين تسهم في محاربة الفساد بكل أوجهه والطلب الى الحكومة توقيع لبنان على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
– العمل على إصلاح إداري شامل يكفل وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لا سيما أولئك المشهود لهم بالجدارة والكفاءة ونظافة الكف، وذلك عبر تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية وقيامه بصلاحياته الكاملة.
– وضع مهل زمنية لمعالجة هذه القضايا؛ لأن عامل الوقت بات مميتاً، والأمر يتطلب معالجات حكيمة وسريعة في آن، تستخدم الوقت لمصلحتها بدل أن يستخدمه الفاسدون لمصلحتهم.

5 – المفقودون خلال الحرب:
إن طي صفحة الماضي وإجراء المصالحة الوطنية الشاملة يتطلّب إنهاء ما بقي من ملفات الحرب العالقة. وان ملف المفقودين في الحرب يحتاج الى وقفة مسؤولة تنهي هذا الوضع الشاذ وتريح الأهالي الذي لا يمكن مطالبتهم المسامحة من دون احترام حقهم بمعرفة مصير أبنائهم، لذلك نطلب من كافة القوى والأحزاب التي شاركت في الحرب التعاون الكامل لكشف مصير المفقودين وأماكن المقابر الجماعية.

6 – اللبنانيون في “إسرائيل”:
انطلاقاً من قناعتنا ان وجود أي لبناني على أرضه هو أفضل من رؤيته على أرض العدو فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل تتطلّب عملاً حثيثاً من أجل عودتهم الى وطنهم آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع؛ لذلك نوجه نداء لهم بالعودة السريعة الى وطنهم استرشاداً بنداء سماحة السيد حسن نصر الله بعد الانسحاب “الإسرائيلي” من جنوب لبنان واستلهاماً بكلمة العماد عون في أول جلسة لمجلس النواب.

7 – المسألة الأمنية:

أولاً، في الاغتيال السياسي:
إن كل شكل من أشكال الاغتيال السياسي هو أمر مدان ومرفوض لتناقضه مع الحقوق الأساسية للإنسان، ومع أهم ركائز وجود لبنان المتمثلة بالاختلاف والتنوع، ومع جوهر الديموقراطية وممارستها.
من هنا، فإننا بقدر ما ندين عملية اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وصولاً الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدّد على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسمياً وصولاً الى معرفة الحقيقة فيها، التي هي أمر لا يمكن إخضاعه لأي مساومة، باعتباره الشرط الضروري لإحقاق العدالة وإنزالها بحق المجرمين، ولوقف مسلسل القتل والتفجير. لذا، من الواجب إبعاد هذه القضايا عن محاولات التوظيف السياسي التي تسيء لجوهرها، ولجوهر العدالة التي يجب أن تبقى فوق أي نزاعات أو خلافات سياسية.

ثانياً، في الإصلاح الأمني:
إن إصلاح الأجهزة الأمنية جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح الشامل لمؤسسات الدولة الأساسية، ولإعادة بنائها على قواعد صحيحة وثابتة.
ونظراً للموقع الحساس الذي تحتله الأجهزة الأمنية في حفظ وحماية الاستقرار الأمني في البلاد إزاء أي خروقات أو تهديدات تمسّه، يجب إيلاء عملية بنائها عناية مركزة، من هنا فإن الحكومة مدعوّة لتحمل مسؤولياتها كاملة، وفق التالي:

أ – وضع خطة أمنية متكاملة تقوم على مركزية القرار الأمني تنهض على تحديد واضح للعدو من الصديق، ولمكامن التهديد الأمني ومنها مسألة الإرهاب والثغر الأمنية الواجب معالجتها.
ب – تحييد الأجهزة الأمنية عن الاعتبارات والمحسوبيات السياسية وأن يكون ولاؤها وطنياً بالكامل.
ج – إيلاء مسؤولياتها لشخصيات مشهود لها بالكفاءة ونظافة الكف.
د – إن الإجراءات الأمنية يجب أن لا تتناقض مع الحريات الأساسية التي نص عليها الدستور وفي طليعتها حرية التعبير والممارسة السياسية، من دون أن يؤدي ذلك إلى الإخلال بالأمن والاستقرار العام.
هـ – تشكيل لجنة برلمانية أمنية تواكب عملية الإصلاح والبناء الأمنيين وتراقبهما.

8 – العلاقات اللبنانية السورية:
إن إقامة علاقات لبنانية سورية سويّة وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة باستخلاص ما يلزم من العبر والدروس ولتلافي ما علق بها من أخطاء وشوائب وثغرات، وبما يمهّد الطريق للنهوض بهذه العلاقات على أسس واضحة من التكافؤ والاحترام الكامل والمتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة الى أي شكل من أشكال الوصاية الخارجية. لذا يجب:

أ – اتخاذ الحكومة اللبنانية كافة الخطوات والإجراءات القانونية المتعلقة بتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الأمم المتحدة وذلك بعد أن أعلنت الدولة السورية لبنانيتها الكاملة.
ب – ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بعيداً عن التشنجات التي تؤدي الى تعطيل العملية التي طالما احتاج لبنان وسوريا على إنهائها ضمن اتفاق البلدين.
ج – مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من أجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية في أجواء بعيدة عن الاستفزاز والتوتر والسلبية التي من شأنها إعاقة البت في هذا الملف على نحو إيجابي.
د – إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين وتوفير الظروف الملائمة لها بما ينقل العلاقة من الأفراد والمجموعات الى علاقة بين المؤسسات بحيث تؤمن استمرارها وثباتها.

9 – العلاقات اللبنانية الفلسطينية:
إن معالجة الملف الفلسطيني يتطلب مقاربة شاملة تؤكد من جهة احترام الفلسطينيين لسلطة الدولة اللبنانية والتزامهم بقوانينها، وتجدد التضامن مع قضيتهم واستعادتهم لحقوقهم، وذلك حسب القواعد التالية:
أ – إن الوضع الاجتماعي للفلسطينيين يستدعي الاهتمام الشديد لناحية تحسين الظروف المعيشية وتأمين المستوى اللائق لأسس الحياة الإنسانية الكريمة وفق ما يقتضيه التعاون الثنائي وشرعة حقوق الإنسان إضافة الى إعطائهم التسهيلات اللازمة للانتقال داخل وخارج الأراضي اللبنانية.
ب – إن حق العودة للفلسطينيين هو أمر أساسي ثابت، ورفض التوطين هو أمر يجمع عليه اللبنانيون ولا يمكن التراجع عنه بأي شكل من الأشكال.
ج – تحديد العلاقة بين الدولة اللبنانية والفلسطينيين في إطار مؤسساتي فلسطيني واحد يكون ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في لبنان بما يؤمن حسن التنسيق والتعاون.
د – معالجة ملف إنهاء السلاح خارج المخيمات وترتيب الوضع الأمني داخلها يجب أن يتم في إطار من الحوار الجاد والمسؤول والحثيث بين الحكومة اللبنانية والفلسطينيين، بما يؤدي الى بسط سلطة الدولة وقوانينها على كافة الأراضي اللبنانية.

10 – حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته:
إن حماية لبنان وصون استقلاله وسيادته هما مسؤولية وواجب وطني عام تكفلهما المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان لا سيما في مواجهة أي تهديدات أو أخطار يمكن أن تنال منهما من أي جهة أتت. من هنا، فإن حمل السلاح ليس هدفاً بذاته وإنما وسيلة شريفة مقدسة تمارسها أي جماعة تحتلّ أرضها تماماً، كما هي أساليب المقاومة السياسية.
وفي هذا السياق فإن سلاح حزب الله يجب أن يأتي من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدين: الحد الأول هو الاستناد الى المبررات التي تلقى الإجماع الوطني والتي تشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، والحدّ الآخر هو تحديد الظروف الموضوعية التي تؤدي إلى انتفاء أسباب ومبررات حمله.
وبما أن “إسرائيل” تحتل مزارع شبعا وتأسر المقاومين اللبنانيين وتهدّد لبنان فإن على اللبنانيين تحمّل مسؤولياتهم وتقاسم أعباء حماية لبنان وصيانة كيانه وأمنه والحفاظ على استقلاله وسيادته من خلال:
1 – تحرير مزارع شبعا من الاحتلال الإسرائيلي.
2 – تحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية.
3 – حماية لبنان من الأخطار الإسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي إلى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون وينخرطون فيها عبر تحمّل أعبائها والإفادة من نتائجها.