“الخيار الثالث” جِدّي… لكن حظوظه لا تتقدم على فرنجية؟

كل مَن يدور في فلك زعيم “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية يؤكد بما لا يقبل الشك ان الرئاسة محسومة وموعد الانتقال الى قصر بعبدا لا يتعدى الشهرين. وفي انتظار اعلان فرنجية نفسه ترشيحه وبرنامجه الرئاسي، لا يشكك هؤلاء لحظة في مدى التزام قيادتَي “أمل” و”حزب الله” دعمهما الكامل له، رافضين ما يتردد في الاوساط السياسية والاعلامية من ان دعم “الثنائي” لفرنجية قبل ان يعلن ترشّحه يرمي الى حرقه عبر افساح المجال للخصوم لرفضه تمهيداً لبدء مرحلة التفاوض بحثاً عن المرشح الثالث. ويضع هؤلاء هذه القراءة في اطار التهويل وزعزعة التحالف الآذاري بقيادة الحزب، بعد استبعاد “التيار الوطني الحر” بسبب رفضه السير بفرنجية.

لا يزال مبكراً البحث في المرشح الثالث قبل ان تتبين فعلاً حظوظ فرنجية ومدى قدرة “الثنائي” على إحداث خرق على الجبهة المسيحية الموصدة في وجه الرجل حتى الآن. فالاحزاب المسيحية المختلفة والمتصارعة على كل شيء لا يجمعها قاسم مشترك وحيد إلا رفض فرنجية، ما يجعل طريق الرجل الى بعبدا محفوفة بالالغام المسيحية. وتفكيكها لن يكون سهلاً او قراراً داخلياً، ولن يتبلور مساره إلا بعد قراءة جيدة ومتروية لتطورات المنطقة، وقد بدأت ملامح هذه التطورات تتضح مع الاعلان عن الاتفاق الايراني – السعودي امس على استئناف العلاقات بين البلدين، مع ضرورة الاخذ في الاعتبار ما يمكن ان يرتبه من انعكاسات على الملف اللبناني المطروح على طاولة التسويات مع ملفات اليمن وسوريا والعراق.

حتى الآن، لا يبدو “الثنائي” في وارد التخلي عن فرنجية، فهو لا يملك خياراً آخر يمكنه السير به. كما انه مقتنع بأن للرجل حظوظاً في الوصول الى بعبدا، حتى لو لم يكن الفريق الشيعي قادرا على حسم الامر، ما دام لا يملك الاصوات الكافية الكفيلة بانجاز الانتخابات، فضلاً عن ان لا ترشيحات جدية على المقلب الآخر. فباستثناء تبنّي المعارضة للنائب ميشال معوض، لا ترشيحات جدية من قِبل شخصيات من خارج الاصطفاف السياسي يمكن ان تشكل خياراً ثالثاً بعد الخيارات المعلنة لفرنجية ومعوض وقائد الجيش. كما ان سلة الاسماء التي طرحتها بكركي ضمن مبادرة سيدها البطريرك بشارة الراعي لا تزال تدور في المربع الاول في ظل عدم تعامل اي من القوى السياسية معها بالجدية المطلوبة. وهو الامرالذي يستفيد منه “الثنائي” ويستغله بالدفع بخيار فرنجية.

وتؤكد مصادر هذا الفريق ان رئيس المجلس لم يكن ليندفع لاعلان الدعم لفرنجية لو لم يكن يملك اوراقاً قوية تعزز موقفه، كاشفة ان الفرنسيين لعبوا، ولا يزالون، دوراً مهماً واساسياً في تسويق فرنجية إقليمياً ودولياً، وهذا ما تظهّر في اجتماع خماسية باريس، رغم الموقف السعودي الرافض لمرشح “حزب الله”. وتكشف المصادر ان الجهود الفرنسية انصبّت على اقناع المعترضين على فرنجية برزمة متكاملة تقوم على مقايضة الرئاسة بالحكومة على قاعدة ان السلطة التنفيذية تتولى صلاحيات اوسع واشمل من صلاحيات الرئيس. وقامت تلك المعادلة على فرنجية رئيساً وأحد “السلامَين”، أي الرئيس الاسبق للحكومة تمام سلام أو السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة. وتضيف ان التركيبة الحكومية باتت جاهزة ايضاً بحيث لن تتأخر مراسيم تشكيل الحكومة متى انجِز الاستحقاق الرئاسي، وان الامور يجب ان تنتهي قبل تموز المقبل، موعد انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي، على نحو يتيح للعهد الجديد ان يحسم امر خلافته، وتفادي الطروحات المتصلة بتولّي نائب الحاكم صلاحياته.

لكن الصورة المشرقة التي يرسمها طبّاخو التسوية تغفل عناصر عديدة مهمة، على ما تردّ مصادر من الوسط المقابل، اذ ترى هذه المصادر ان ثمة مطبات ومعوقات عدة لا تزال تقف في طريق التسوية المشار اليها، ولا بد من اخذها في الاعتبار. اولاها العامل المسيحي المستمر في رفض فرنجية، والثانية ان لا ضمانات حقيقية بالنسبة الى معادلة فرنجية – سلام، تمام أو نواف، باعتبار ان رئيس الجمهورية يستمر في ولايته ست سنوات، في حين ان رئيس الحكومة معرّض للسقوط، استقالةً أو إقالة، في اي لحظة، وتجربة الرئيس سعد الحريري مع الرئيس ميشال عون اكبر دليل على ذلك، اذ اطاح عون الحريري عند اول محطة رغم الاتفاق بينهما على ان يكون الحريري رئيساً لكل حكومات العهد.

في الخلاصة، لا تزال احتمالات الخيار الثالث بعيدة، لا سيما بعد التطور البارز الذي سُجل امس بالاتفاق السعودي – الايراني، ما يجعل فرنجية متقدماً حتى إشعار آخر!

سابين عويس – النهار