فتنة بشار: انتخابات “النازحين” أم المجندين؟


لعل اغرب ما شاهده اللبنانيون امس غداة انحسار عاصفة الإساءة الكبيرة للمملكة العربية السعودية ان يطل عليهم طيف بشار الأسد تحت تسمية “ديموقراطية” هي الانتخابات الرئاسية ولكن بفائض التزييف الكاذب من خلال استغلال ضحاياه النازحين الذين هجرهم بالنار والقتل لينتهي الامر به الى استثمار من جندهم من اعداد منهم تكرارا في التشفي والاستفزاز واثارة كل الحساسيات الدفينة الكامنة في لبنان حيال حقبة وصاية نظامه على لبنان. لم يكن ما حصل امس وما شهدته مناطق لبنانية عدة، ولو كانت الأضواء مركزة على منطقة نهر الكلب والساحل الكسرواني والاشرفية حيث تصدى شباب بشدة للاستفزازات، مجردعراضات انتخابية اعتيادية ومألوفة يمكن تجاوز إشكالاتها وتجاوزاتها مع انتهاء اليوم المسمى انتخابيا. فما حصل خرج عن كونه تحشيدا للانتخابات وتحولت معه اعداد كبيرة من “النازحين” السوريين الى مجندين للنظام راحوا يشحنون المناطق التي عبروها من أقاصي الشمال والبقاع والمناطق الأخرى الى اليرزة حيث السفارة السورية بنفس الاستفزازات والتحريض ومن ثم افتعال الصدامات. لم تمر هذه العراضات بطبيعة الحال مرورا امنا في مناطق الحساسيات العالية ضد الوصاية السورية ومخلفاتها خصوصا في كسروان والمتن والاشرفية ولكن المؤسف ان من وصموا دوما بالعنصرية راحوا يوظفون العراضات ليهاجموا خصومهم ويسترضوا الأسد ونظامه عبر اشعال التوترات الداخلية الامر الذي يضيء على الجانب الأبشع من هذه العراضات وتداعياتها ووظيفة مستثمريها. يضاف الى ذلك ان الفضيحة المدوية التي واكبت هذه العراضات برزت في انكشاف حقيقة اختباء عشرات الوف النازحين تحت عنوان النازح فيما هم يسخرون لخدمة النظام السوري. وانبرى هؤلاء وانصار النظام ليلا الى مهاجمة بيت الكتائب في طرابلس بزجاجات المولوتوف الحارقة فيما اتخذ الجيش تدابير لمنع الاعتداء على مركز للقوات اللبنانية في المدينة أيضا.

فقد توافد عشرات الوف السوريين الى السفارة السورية في اليرزة بباصات حاملين الاعلام السورية وصور بشار الاسد ما تسبب بإشكالات متنقلة على الطرق، من شكا الى الزوق الى نهر الكلب وجل الديب وصولا الى ساحة ساسين، حيث رأى كثير من اللبنانيين في هذا السلوك، استفزازا لهم خصوصا ان النظام السوري مسؤول عن قتل وخطف الآلاف في لبنان منذ اندلاع الحرب وفي ايام السلم كذلك.

وعلى وقع الفوضى التي سادت الشارع والتي استدعت انتشارا عسكريا امنيا كثيفا،تباكى السفير السوري علي عبد الكريم علي معتبرا “إن الاعتداء على الناخبين السوريين في لبنان مؤلم، ونضعه برسم السلطات المعنية في لبنان”. واردف “أن الاعتداء على حافلات الناخبين لا يليق باللبنانيين”، مؤكدا أنه يضع هذه الاعتداءات برسم السلطات المعنية في لبنان.

ولم يتأخر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في توظيف الواقعة وانما في محاولة للنيل من خصومه فنشر عبر “تويتر” صورة عن “القوات اللبنانية” أرفقها بالتعليق التالي: “عندما قلنا بعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين، قلتم انّنا عنصريون! عندما وضعنا خطة حضارية لعودة آمنة وكريمة للنازحين، عارضتموها وقلتم اننا فئويون! عندما تضربون نازحين مسالمين ذاهبين للتصويت في سفارة بلدهم وتعتدون على امانهم وكرامتهم، نقول عنكم انّكم نازيّون، مع فرق واحد، انها الحقيقة”.

واصدر حزب “القوات اللبنانية” لاحقا بيانا عنيفا للغاية رد فيه على من وصفهم “بالمنافقين” وذكر فيه بان القوات اللبنانية “كانت أول من طالب لبنان الرسمي بتحمُّل مسؤولياته الانسانية لدى اندلاع الثورة السورية تجاه نساء وشيوخ ورجال وأطفال نزحوا قسرًا من تحت نير اضطهاد نظام الأسد،فيما انبرى بعض قياديي التيار الوطني الحر مُدَّعينَ بإعادة النازحين، بينما بحسب زعمِهِم القوات حالت دون ذلك “. ولفت أنه “منذ العام 2016 أصبح للتيار الوطني الحر رئيسً للجمهورية وأكثريّة وزاريّة ونيابيّة فماذا فعلوا لإعادة النازحين غير المزايدات الكلاميّة لاعتبارات شعبويّة في الشكل، وسياسيّة في المضمون، بغية تغطية قرار إبقائهم في لبنان، ترجمة لقرار النظام السوري وتوجّهاته برفض عودة النازحين”. وسأل “لماذا لا يتّخذ التيار الوطني الحر قرار إعادتهم طالما أنّ لديهم ثلاثية الرئاسة الأولى وحكومة تصريف الأعمال التي هي من لون واحد وأكثرية نيابيّة؟ والإجابة بكل بساطة لأنهم كذابون ومنافقون”. واعتبر انه لجهة أحداث امس “فإنّ اللاجئ تعريفًا بحسب القانون الدولي يخسر صفة اللاجئ عندما لا يعود يخاف من سلطة موطنه الأصلي، وبالتالي على كلّ نازح اقترع للنظام السوري أن يُكمل طريقه من السفارة في الحازمية إلى مناطق النظام في سوريا لا أن يعود أدراجه من حيث أتى للتصويت لهذا النظام، وإذا قفزنا فوق هذا التعريف فمن غير المقبول أساسًا أن يتذرّع بعض جماعة الأسد في لبنان بالانتخاب في السفارة من أجل القيام بعراضات مقصودة، تخللها رفع أعلام وصور وهتافات وأناشيد في عمق المناطق اللبنانية عمدًا، ممّا استفزّ أكثريّة اللبنانيين المسالمين والآمنين وأدى إلى بعض الاشكالات التي عمل الجيش وقوى الامن الداخلي على تطويقها بسرعة