جنرال غادة عون

أنجز مجلس القضاء الأعلى التشكيلات القضائية، في شهر آذار من العام 2020، وقضى بتعيين القاضية غادة عون مستشارة في محكمة التمييز. إنتفضت عون فيسبوكياً وكتبت “اذا كان معيار مجلس القضاء الانتقام من القاضي الذي حارب الفساد فهنيئاً لهم بهكذا تشكيلات. بعد كل العذاب والنضال بعتقد الشعب اللبناني يستاهل ينتفض ويقول ستوب كفى استهزاءً بعقولنا” وأعلنت عن عزمها وضع استقالتها “بتصرف فخامة رئيس الجمهورية” ولو حصل الأمر لكانت عون سجّلت سابقة مع رئيس سبّاق في كل خطوة وقرار.

بعد أخذ ورد بين مجلس القضاء الأعلى، ووزيرة العدل ماري كلود نجم، أعدت الأخيرة مرسوم التشكيلات وأرسلته إلى رئيس الجمهورية. وضعه الرئيس في الجارور ولسان حاله “لعيون غادة عمرها ما تكون تشكيلات قضائية” أليس الرجل نفسه من قال أيضاً في آب 2009 على منبر الرابية “لعيون صهر الجنرال عمرها ما تتألف حكومة”؟ وأليس الجنرال بالذات من طبّق شعار “إن لم أكن أنا الرئيس عمرها ما تكون انتخابات رئاسية ” طوال عامين وخمسة أشهر؟

وصلت القاضية عون إلى منصب مدعي عام جبل لبنان العام 2017 إبّان تولي المحامي سليم جريصاتي وزارة العدل، والأرجح أن عون من ملائكته، وهي تدين بالولاء المطلق للعماد ميشال عون، وترى فيه كما يبدو صورة منقذ لبنان من الفساد وحامل سيف الحق والنزاهة والعدل وأمل الشباب بالمستقبل الواعد في كندا.

مأخوذة به. ومسنودة عليه. وبينهما كما يُلاحظ جوامع مشتركة.

فالإثنان سريعا الغضب والإشتعال.

والإثنان يسكران بالمد الجماهيري.

والإثنان متسرعان إنفعاليان مسكونان بالتوتر العالي.

والإثنان يعتبران أن الجمهور العوني هو الشعب اللبناني بأسره، كل الشعب.

والإثنان يلعبان أدوار بطولة دونكيشوتية.

والإثنان شعبويان.

والإثنان يعتبران أنهما وكيلا الكف النظيف الحصريان.

والإثنان يعشقهما الإعلام المرئي ويشكلان مادة دسمة للصحافة وعدسات الكاميرا.

والإثنان يعرفان تقريباً بكل شيء: علم السياسة، علم المال والموازنات، علم الإقتصاد، القانون، الدستور. بي الدستور. أم الدستور.

والإثنان في داخلهما نزعة تيوقراطية.

الإثنان، لو عرفهما الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، لأضاف إلى “خريف البطريرك” رواية بالمنزلة نفسها.

الإثنان اشتهرا بالتمرّد: الاول تمرد على الحكومة والرئاسة الشرعيتين والثانية تمرّدت على قرار الرئيس عويدات ومجلس القضاء الأعلى.

تشبه القاضية غادة عون الرئيس ميشال عون كثيراً. نسخة نسائية منه، سلوكاً ونبرة وممارسة. كم تشبه انتصارات القاضية عون أمس في ضبيه انتصارت العماد عون قبل ثلاثة عقود ونيّف في حربي التحرير والإلغاء. هو أيضاً حرر ضبيه. تحية. لكنّ جنرال غادة وبالتوفيق في حرب لا هوادة فيها…

 

عماد موسى-نداء الوطن