افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم الخميس 13 آب 2020

 

افتتاحية صحيفة النهار

السلطة والمعارضة تتخبطان و”كاسحة” ماكرون وسط الألغام

وسط خشية جدية من ان تكون التعقيدات الداخلية التي بدأت تتراكم وتؤخر مسار التكليف فالتأليف وعودة الألاعيب السياسية التقليدية لتتحكم بمجمل الاستحقاق الحكومي وإطالة امد الفراغ بدأت بعد يومين من استقالة حكومة حسان دياب ترتسم لوحة متشائمة داخليا ولكن من شأنها ان تزيد الرهانات على التحرك الفرنسي خصوصا ثم الأميركي لبلورة الاتجاهات نحو فتح الطريق امام حكومة جديدة. ذلك انه فيما بدت قوى السلطة تتخبط بقوة غداة استقالة الحكومة وعدم توافق قواها على بوصلة موحدة ثابتة حتى الان ربما في انتظار الموقف الذي سيعلنه مساء غد الأمين العام ل”حزب الله ” السيد حسن نصرالله، وفيما لم تكن حال قوى المعارضة افضل ابدا اذ تظهرت من اول طريق الاستحقاق مواقف قواها المتناقضة بما يخدم قوى السلطة، وسط كل هذا الغبار الداخلي اتجهت الأنظار تكرارا الى المبادرة الفرنسية المستمرة بفصولها التي يتولاها مباشرة الرئيس ايمانويل ماكرون كرافعة أساسية محتملة لاخراج ازمة الاستحقاق من تعقيداتها التي ظهرت سريعا. والواقع ان الاستقالة السريعة لحكومة حسان دياب ابرزت في جانبها الخلفي ان معظم القوى السياسية موالية او معارضة لم تكن جاهزة اطلاقا لاستحقاق تغيير الحكومة بدليل ان معسكري التحالف الحاكم كما المعارضة بقواها الكبرى الأساسية بدت تتسابق الى التخبط والانكشاف الامر الذي سيشجع رئاسة الجمهورية على مزيد من توظيف التعقيدات للتباطؤ في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة بحجج وذرائع سبق ان اعتمدها العهد وصار يكررها كعرف مع انه تثير إشكالية دستورية كبيرة لجهة التمادي في اجتهادات تخدم مصالحه السياسية. ولذلك تعاظم التعويل على التحرك الفرنسي خصوصا بعدما اتضح ان الرئيس ماكرون وضع لبنان في رأس أولوياته منذ قام بزيارته الخارقة لبيروت غداة الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت واتخذ تحركه طابعا بالغ الجدية وربما تتجاوز دلالاته الواقع اللبناني الى الإقليمي فيما يبدو كأنه كاسحة الغام يسعى عبرها ماكرون الى إحلال مناخ خارجي – داخلي يتيح للبنان ان يبدأ بتلقي جرعات الاوكسيجين تدريجيا ومعالجة ازماته المصيرية. هذا البعد برز في الاتصال امس بين ماكرون والرئيس الإيراني حسن روحاني والذي كان لبنان الموضوع المركزي فيه. وكشف قصر الاليزيه ان ماكرون قال لروحاني ان على كل الأطراف المعنيين الكف عن التدخل الخارجي في لبنان ودعم تشكيل حكومة جديدة. كما ان اتصالا مماثلا جرى بين ماكرون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونقلت وسائل إعلام روسية عن بوتين تأكيده لماكرون ضرورة تسوية مشاكل لبنان دون تدخل خارجي. وأوضح الاليزيه ان ماكرون دعا بوتين الى المشاركة في ألية جمع تبرعات للبنان.

وفي المقابل تبين ان الرئيس الفرنسي يقيم جسر اتصالات مفتوحا مع القادة السياسيين في لبنان استكمالا للحوار الذي رعاه في قصر الصنوبر الأسبوع الماضي. وبعد اتصالات اجراها في الساعات الثماني والاربعين الأخيرة وشملت الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كان اتصال امس بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وستتجه الأنظار اليوم وغدا الى اللقاءات التي سيجريها وكيل وزارة الخارجية الأميركي ديفيد هيل الذي يصل اليوم ويبدأ لقاءاته صباح الجمعة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعدهما ستكون له لقاءات مع عدد من الزعماء السياسيين ابرزهم الرئيس سعد الحريري وجنبلاط وجعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل. ومع ان جانبا أساسيا في زيارة هيل يتصل بمسألة ترسيم الحدود اللبنانية البرية والبحرية مع إسرائيل فان استقالة الحكومة والشراكة الواضحة الفرنسية الأميركية التي برزت عقب انفجار بيروت رفعت التوقعات بدور أميركي بارز سيتضح من خلال محادثات هيل حول موقف ادارته من الاستحقاق الحكومي والشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة وما ينتظر منها خصوصا وسط مضي الولايات المتحدة بسياسة دعم اللبنانيين ولكن مع تصعيد العقوبات ضد “حزب الله”. ولذا ستكون نقطة الرصد الأساسية لموقف هيل غدا متعلقة بموقفه من مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة كما من طبيعة الدعم الأميركي للحكومة الجديدة اذا رست تشكيلتها على اطار حكومة وحدة وطنية.

وأفادت السفارة الأميركية مساء امس ان هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية مساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة وإعادة بناء حياتهم. وأشارت الى انه في الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب سيؤكد وكيل الوزارة هيل الحاجة الملحة لتبني الإصلاح الاقتصادي والمالي والقضاء على الفساد المستشري وتحقيق المساءلة والشفافية وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة. وأضافت السفارة ان هيل سيؤكد استعداد اميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزاما حقيقيا اجندة الإصلاح هذا وتعمل وفقا لها.

المشهد من الداخل

وفي غضون ذلك بدا واضحا ان المشهد الداخلي لا يزال يتسم بارتباك سياسي واسع حيال الاتجاهات التي سيسلكها استحقاقا التكليف والتأليف. فعلى صعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة قالت مصادر بعبدا امس انها لن تجري قبل الأسبوع المقبل خصوصا ان نتيجة الاتصالات والمشاورات السياسية لم تتضح بعد وما زالت في بداياتها. وأشارت هذه المصادر الى ان الخيار الأكثر تداولا هو تشكيل حكومة وحدة وطنية الا ان طبيعة التمثيل فيها لم تحسم بعد. وقالت ان المشاورات السياسية ناشطة أكان في العلن ام في الكواليس من اجل التوافق على الحكومة ورئيسها. وأوضحت ان مهمة التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم تأتي في اطار المساعي والاتصالات الجارية مع القوى السياسية لتسهيل عملية التوافق المطلوب حول حكومة الوحدة الوطنية. وأشارت الى ان الكلام عن انجاز تشكيل الحكومة قبل عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان في مطلع أيلول يحتاج الى جهد استثنائي. وأضافت ان الزيارات والاتصالات الدولية تؤكد ان المظلة الدولية ما زالت قائمة فوق لبنان. ولفتت الى ان زيارة الموفد الأميركي ديفيد هيل لبيروت رغم انها كانت مقررة لبيروت قبل استقالة الحكومة فمن شانها المساهمة في المساعي الجارية لتسهيل الحل السياسي في لبنان. وثمة رهان على ان زيارة هيل قد تساعد في حسم الكثير من النقاط العالقة وأبرزها تأمين الغطاء الأميركي لمبادرة الرئيس الفرنسي وإعطاء الضؤ الأخضر بالسير في الحكومة الجديدة بتحديد طبيعة شخصياتها وكيفية تمثيل القوى الداعمة لها فضلا عن حسم الشخصية التي ستترأسها انطلاقا من ان الرئيس سعد الحريري هو المرشح الأول حتى هذه اللحظة. ومع ان الحريري يتجنب أي دخول في احتمالات ترؤسه للحكومة علما انه يشترط أساسا ان تكون حكومة مستقلة عن الأحزاب فان المعطيات تؤكد ان الثنائي الشيعي يفضّل حكومة برئاسة الحريري حتى بشخصيات مستقلة يسميها السياسيون كما ان بعبدا والتيار الوطني الحر بدأا يلمحان الى عدم وجود فيتو على الحريري.

جعجع والحكومة

غير ان واقع القوى المعارضة حيال الاستحقاق الحكومي بدا مشوبا بكثير من انعدام احتمالات التوافق وتوحيد الرؤية بل ان التناقضات والحساسيات بين قواها عادت لتقفز الى واجهة المشهد الداخلي بما يعقد الوضع اكثر. وقد برز امس في هذا السياق الموقف الذي اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والذي ترك انطباعات واضحة عن عدم قبوله بتسمية الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة العتيدة. واعلن عقب ترؤسه اجتماع تكتل الجمهورية القوية انه يؤيد تشكيل حكومة حيادية ومستقلة وليس كحيادية واستقلالية الحكومة السابقة. وردا على سؤال عن امكان الذهاب نحو حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري قال جعجع “نحن مع حكومة جديدة كليا ولسنا مع طرح حكومة الوحدة الوطنية ونرفض هذا الطرح ونؤيد حكومة جديدة تماما لان هذا ما يقتضيه الوضع في الوقت الراهن “. وتلقى جعجع اتصالا مطولا امس من الرئيس ماكرون تناول حسب مصادر القوات عناوين المرحلة بعد استقالة الحكومة لافتة الى انه ليس صحيحا الكلام عن حكومة وحدة وطنية والرئيس ماكرون لم يطرحها في اللقاء الحواري الذي عقد في قصر الصنوبر بل انه يحكي عن حكومة حيادية.

وفي سياق متصل اعلن النائب نهاد المشنوق بدوره تأييد ترشيحه للسفير السابق نواف سلام لترؤس الحكومة الجديدة واتهم المشنوق إسرائيل بالوقوف وراء تفجير مرفأ بيروت.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

عون اقترح «حكومة أقطاب» لـ«تعويم» باسيل… وقوبل بالرفض

شكري يدعو إلى «وقف التدخلات غير العربية» في لبنان

بيروت: محمد شقير

كشفت أوساط سياسية بارزة أن رئيس الجمهورية ميشال عون سعى جاهداً، فور استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، إلى تسويق فكرة تشكيل «حكومة أقطاب»، في محاولة لإعادة «تعويم» رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل؛ لكن فكرته وُئدت في مهدها، وسقطت ليل الاثنين الماضي، وكأنها لم تكن.

وقالت الأوساط السياسية لـ«الشرق الأوسط» إنها تستغرب مبادرة الرئيس عون لتسويق باسيل في محاولة منه لإعادة الاعتبار له، مع أنه كان السبب في تهاوي «العهد القوي»، وقالت إن رفض تعويمه لم يكن محصوراً بقوى المعارضة، وإنما بأطراف رئيسة في «8 آذار» التي تحبذ تشكيل حكومة وحدة وطنية، شرط ألا يكون باسيل في عدادها.

ولفتت الأوساط نفسها إلى أن محاولة باسيل الاستقواء بحليفه «حزب الله» لم تلقَ حماسة، مع أن اللقاء الذي جمعه ليل الاثنين الماضي برئيس المجلس النيابي نبيه بري والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، حسين خليل، أخذ علماً برغبة رئيس الجمهورية تشكيل حكومة أقطاب.

ورأت أن عون لم يعد في الموقع الذي يسمح له بفرض شروطه كما في السابق لدى تشكيل أي حكومة، واعتبرت أن ترشيح باسيل لسفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام لتولي تشكيل الحكومة الجديدة، ما هو إلا مناورة مكشوفة يتوخى منها ابتزاز زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري الذي كان أول من رشحه لتولي رئاسة الحكومة السابقة، واعترض على ترشيحه باسيل و«حزب الله».

ودعت باسيل إلى أن «يخيط بغير هذه المسلَّة»، وقالت بأنه يخطئ إذا كان يعتقد بأن الأمر يعود له في ترشيح سلام أو الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، وبات عليه أن يتواضع ولو قليلاً، وألا ينكر الواقع السياسي الجديد والأزمات التي أصابت البلد، وهو يتحمل مسؤولية حيال بعضها، لإمعانه في تعطيل جلسات مجلس الوزراء.

ولاحظت «الشرق الأوسط» أن البرنامج الذي أُعد للقاءات وزير الخارجية المصري سامح شكري في خلال زيارته الخاطفة لبيروت، لم يشمل باسيل، رغم أنه استقدم أكثر من وساطة كما أكدت الأوساط السياسية، وعزت السبب إلى أن لا مبرر للقائه ما دام التقى رئيس الجمهورية.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» بأن شكري أبلغ عون استعداد القاهرة للمشاركة في التحقيق في انفجار مرفأ بيروت؛ لكنه استمع إليه من دون أن يصدر عنه أي تعليق.

وقالت مصادر لبنانية مواكبة للقاءات شكري بأنه رأى بأن إعادة إنتاج الصيغ السابقة لتشكيل الحكومات لم تعد مقبولة، لاعتماد المحاصصة وغياب المحاسبة والإصلاحات، هذا قبل الانفجار في مرفأ بيروت، فكيف يمكن تسويقها بعد الكارثة التي حلَّت وفي ظل استمرار الحراك الشعبي.

ونصح شكري بضرورة اعتماد رؤية جديدة، والاستفادة من اليد المفتوحة عربياً ودولياً لمساعدة لبنان، ونقل عنه قوله بأن: «المساعدات ستبقى في إطارها الإنساني؛ لأن توفير الدعم الاقتصادي والمالي في حاجة إلى إجراءات كبيرة، أولها الإصلاحات».

وشدد على أن هناك ضرورة لاستعادة الحاضنة العربية للبنان، وهذا يتطلب الوقوف في وجه التدخلات غير العربية في الملف اللبناني؛ لأن هناك ضرورة لخروج لبنان من عزلته، ودعا إلى التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، وعدم إلحاقه بسياسة المحاور أو في التجاذبات الخارجية.

ورأى أن هناك ضرورة لتقويم التجارب السابقة التي مرت فيها الحكومات؛ بغية استخلاص العبر؛ لأن لبنان لم يعد يحتمل استنساخ هذه التجارب التي كانت وراء الانهيار الاقتصادي والمالي.

لذلك كان للوزير شكري جولة أفق في العناوين التي تتصدر الأزمة اللبنانية التي بلغت ذروتها مع الكارثة التي أصابت بيروت، من دون أن يغيب عن باله دعوة الذين التقاهم للانفتاح على الدول العربية والمجتمع الدولي، وإنما هذه المرة برؤية سياسية اقتصادية متكاملة، مقرونة بجدية تفتح الباب أمام لبنان ليستعيد ثقة العالم به، مع الإشارة إلى أن تلويح بعض الكتل النيابية بالاستقالة من البرلمان بات بحكم المجمد؛ لأن البلد لا يحتمل أزمة برلمانية تضاف إلى أزمة تشكيل الحكومة.

وعليه، فإن ولادة الحكومة العتيدة يجب أن تأتي على قياس الاستعدادات العربية والدولية لدعمها اقتصادياً، وفي حال أن تركيبتها ستكون كسابقاتها فإن لبنان سيدفع ثمن إضاعة الفرصة.

*********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

لهذه الأسباب رفض “القضاء الأعلى” تعيين مرشح نجم محققاً عدلياً

عون يروّج لحكومة أقطاب… وباسيل “قطبتها المخفية”!

ساذج وبسيط من يعتقد أنّ قطوع تشكيل الحكومة الجديدة سيمرّ بسلاسة بلا عُقد وتعقيدات، أو بالأحرى ساسة هذا البلد لا يزالون رغم كل ما حصل ينظرون إلى شعبهم ويتعاملون معه على أنه ساذج وبسيط… فمن بعدُ يصدّق مثلاً رئيس الجمهورية ميشال عون حين يتعهّد بسهر الليل لتحصيل حقوقهم وهي لم تُهدر في تاريخ لبنان الحديث مثلما هُدرت في عهده، ومن بعدُ يُصدّق وعده بمحاسبة المسؤولين عن الإهمال والتقصير في قضية تخزين قنبلة “نيترات الأمونيوم” وهو أصبح علناً في قفص الاتهام داخلياً وخارجياً بوصفه المسؤول الأول عن هذا الإهمال بعدما ثبت بالأدلة والوثائق أنه تلقى تقريراً من جهاز أمن الدولة يحذره فيه من خطورة وجود هذه القنبلة في المرفأ لكنه لم يتصرّف ولم يسارع لإنقاذ بيروت وأهلها.

وكذلك في الملف الحكومي، ليس ثمة عاقل واحد على وجه المعمورة يؤمن حقاً بأنّ عون يمكن أن يولي أي مصلحة مهما كبرت أو صغرت أولويةً على إعلاء مصلحة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. لطالما كان هذا دأبه، واليوم أكثر من أي وقت مضى لن يحيد عن هذا الدأب، خصوصاً وأنّ وجود باسيل على قيد الحياة السياسية أصبح مهدداً جدياً بعدما خابت كل رهاناته الرئاسية والسياسية والشعبوية وباتت سيرته الفاشلة على كل لسان وشفة سواءً في الشارع اللبناني أو على محطات التلفزة العالمية، بدءاً من “بهدلة” مذيعة قناة “CNBC” له على هامش مشاركته في منتدى دافوس، وصولاً إلى “بهدلة” مذيعة “CNN” له قبل أيام… لكن ولأنه البقية الباقية للنهج العوني المتداعي، لن يُعدم رئيس الجمهورية وسيلة في محاولة إعادة انتشال صهره من قعر المستنقع الذي بلغه عبر اجتراح مزيد من الأفكار والطروحات لإعادة تعويمه على سطح المشهد السياسي، وجديده في هذا الإطار الترويج لطرح تشكيل حكومة “أقطاب” ليكون باسيل بطبيعة الحال أحد أبرز “قطبها المخفية”.

إذ تنقل مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ”نداء الوطن” أنّ هذا الطرح بدأ يتردد بقوة خلال الساعات الأخيرة في الكواليس العونية حيث يتم “التسويق بشكل مركّز لفكرة حكومة الأقطاب باعتبارها تحظى بدعم ورعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”، مشيرةً إلى أنّ “عون في واقع الأمر إنما يريد من عملية جسّ نبض الأفرقاء إزاء تأليف تشكيلة أقطاب ضمان حجز مقعد لباسيل على طاولة مجلس الوزراء بوصفه واحداً من هؤلاء الأقطاب سواءً باعتماد معيار رؤساء الأحزاب أو رؤساء الكتل النيابية”، غير أنّ المصادر تؤكد في المقابل أنّ “معظم المعنيين يؤكدون أنّ المسعى الفرنسي لم يخض في أي تفصيل من هذا النوع ولم يحدد شكل الحكومة المنوي تأليفها بل ترك للبنانيين أنفسهم تدبّر أمر التوافق على صيغتها الوطنية”، لافتةً الانتباه في هذا المجال إلى أنّ “أوساطاً ديبلوماسية رفيعة تشدد على أنّ المهلة الزمنية الممنوحة لرئيس الجمهورية لتوجيه الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة ليست مفتوحة نظراً لكون عملية تكليف رئيس جديد للحكومة هي محكومة بضرورة التزام السقف الذي رسمه الرئيس الفرنسي أمام المسؤولين اللبنانيين وهو تاريخ عودته إلى بيروت مطلع أيلول”.

وفي الغضون، لا يزال مجلس القضاء الأعلى يتصدى لمحاولات فرض الإرادة العونية عليه في مختلف الملفات والتشكيلات وصولاً إلى مسألة تعيين محقق عدلي في جريمة تفجير المرفأ التي سجلت أمس فصلاً جديداً من فصول “الأخذ والرد” بين وزيرة العدل المستقيلة ماري كلود نجم والمجلس بعدما رفض السير باقتراحها تسمية القاضي سامر يونس محققاً عدلياً في القضية. فإثر اجتماع استمر على مدى أكثر من 7 ساعات، أوضحت مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن” أنّ مجلس القضاء الأعلى توصل إلى قراره هذا إثر تثبته من أنّ “القاضي يونس هو مقرّب من رئيس التيار الوطني الحر وبالتالي لا يمكن للمجلس أن يوافق على تكليف أي قاضٍ لديه ميول سياسية بمهمة التحقيق العدلي في قضية وطنية حساسة كقضية تفجير العنبر رقم 12 في المرفأ”، لافتةً إلى أنّ “رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لن يسمح بأن يشوب التحقيق في هذه القضية أي شائبة، بدليل أنّ القاضي يونس هو صديق شخصي له وعلى الرغم من ذلك آثر رفض تعيينه منعاً لاختلاط الشخصي بالعام”.

بدورها، اكتفت مصادر قضائية بالتأكيد لـ”نداء الوطن” على أنه فور طلب وزيرة العدل المستقيلة تعليلاً من مجلس القضاء لرفض تعيين يونس “سارع المجلس إلى صياغة كتاب رده على وزيرة العدل مبرراً أسباب وموجبات هذا الرفض، وبالتالي لن يكون أمام وزيرة العدل سوى اقتراح إسم بديل ليحظى بموافقة مجلس القضاء الأعلى”، موضحةً رداً على سؤال أنّ “أي وزير عدل ليس بمقدوره أن يقرر وحده تعيين القاضي المراد تكليفه بالتحقيق العدلي في أي قضية، بل إنّ قبول المجلس هو قبول حتمي ولا بد بالتالي من أن يحظى بموافقته عليه لكي يصار إلى تعيينه محققاً عدلياً”.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

باريس تنصح «بالتقاط الفرصة».. والبحث عن «الرئيس» يسابق الوقت والشروط

سيمرّ وقت طويل جداً، قبل ان تستفيق بيروت واهلها، ومن خلالهما كل لبنان واللبنانيين، من صدمة انفجار «نيترات الموت» في مرفأ بيروت، وحجم الكارثة التي حلّت، وحجم الوجع من الجراح التي بضعت اجساد اللبنانيين الآمنين، ومن آلام استشهاد الآباء والامهات والاخوة والاخوات والاحباء والاصدقاء، وحجم الدمار الزلزالي الذي سوّى ارزاق اللبنانيين بالأرض، أصعب واكبر من أن يُحتوى.

تحديد المسؤوليات

المريب في الأمر، هو الغموض القاتل الذي ما زال يكتنف هذا الانفجار الرهيب، فلا أجوبة واضحة وشافية حول حقيقة ما حصل، ومسببات هذا الانفجار، وهو أمر يرسم اكثر من علامة استفهام حول جدّية ما قيل انّه تحقيق قد بدأ لجلاء الملابسات وتحديد المسؤوليات، وطال مجموعة من الموظفين الحاليين والسابقين ممن لهم علاقة مباشرة بمرفأ بيروت، وممن كانوا على علم بوجود شحنة الموت.

وما خلا بعض التوقيفات التي حصلت، فإنّ التحقيق لم يُرسل أي اشارة حتى الآن، تفيد بوصوله الى حقيقة من هو صاحب هذه الشحنة ومن جلبها الى لبنان، او تفيد بأنّه سيتوسّع صعوداً ليطال الرؤوس الكبيرة ممن كانوا في مراكز السلطة على مدى السنوات التي خُزِّنت فيها هذه الشحنة في مرفأ بيروت، بوصفهم شركاء مباشرين في هذه الجريمة التي ارتكبتها السلطات اللبنانية المتمادية منذ 6 سنوات حتى الآن.

وإذا كانت حكومة حسان دياب قد قرّرت إحالة هذه الجريمة على المجلس العدلي، فإنّ العبرة ليست في هذه الخطوة، بل في سلوك التحقيق العدلي مساره الصحيح، الذي يُفترض ان يصل الى الإجابات الدقيقة والواضحة، ويحدّد المسؤوليات بكل جرأة مهما كان مستواها، سواء اكانت تطال موظفاً او مسؤولاً، او وزيراً، او حتى في موقع رئاسي حالي او سابق.

وتجدر الاشارة هنا، الى انّ وزيرة العدل في الحكومة المستقيلة، ارسلت كتاباً الى مجلس القضاء الاعلى، مقترحة فيه تعيين القاضي سامر يونس محققاً عدلياً في جريمة انفجار مرفأ بيروت، واعتبرته «قاضياً متحرّراً من السياسيين والقضاة والاجهزة الامنية»، الّا انّ المجلس رفض هذا التعيين، طالباً الى الوزيرة اقتراح بديل، ما حدا بها الى ارسال كتاب الى مجلس القضاء طلبت فيه تبرير رفضه تعيين القاضي يونس. ويُذكر هنا، انّ النائب وائل ابو فاعور تحدث عن «انّ هناك تدخّلات من اعلى مواقع السلطة من أجل تعيين محقق عدلي مطواع، يدير التحقيق بما يرضي بعض المتورطين».

تنقيب قبل التكليف

سياسياً، التنقيب عن الشخصية التي سترأس الحكومة الجديدة، يسير بوتيرة متسارعة، تسابق الوقت، لتشكيل هذه الحكومة في اسرع وقت ممكن، وهذا التسريع متفق عليه بين مكونات الاكثرية التي كانت حاضنة لحكومة حسان دياب المستقيلة.

هدفان

مشاورات التنقيب، تجري بصورة مكثفة، وتحاط بتكتم شديد، وثمة هدفان مرسومان لها، الأول وهو الأساس، هو الخروج بسرعة من مأزق الفراغ الحكومي الذي يبقى احتمالاً قائماً، طالما لم يتمّ العثور على ذلك «الفدائي» الذي سيقبل ترؤس حكومة، في وضع هو أصعب ما مرّ على لبنان منذ نشوئه، تتجاذبه ازمات قاتلة، إن على صعيد ازمة «كورونا» التي انتقلت الى مرحلة التفشي المجتمعي الخطير، او على صعيد الأزمة الاقتصادية والمالية التي بلغت ادنى درجات الانهيار والاهتراء، او على صعيد زلزال «نيترات الموت» والنتائج الكارثية التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت.

واما الهدف الثاني، فهو تجنّب تكرار دوامة تضييع الوقت ذاتها قبل اشهر، والوقوع في بازار الاسماء المحروقة، على ما جرى قبل تكليف الرئيس حسان دياب تشكيل الحكومة. وبالتالي الحسم السريع لإسم «الفدائي»، وتقريب الاستشارات النيابية الملزمة لتسميته، الى موعد لا يتجاوز نهاية الاسبوع المقبل، وكذلك حسم شكل الحكومة الذي لم يتبلور بعد، سواء حكومة اختصاصيين مستقلين، او حكومة وحدة وطنية مختلطة بين سياسيين واختصاصيين.

نصائح بالتعجيل

في المعلومات، انّ نصائح أُسديت من اكثر من مستوى دولي، الى مستويات رسمية لبنانية، بوجوب التعجيل في تشكيل الحكومة الجديدة، وعدم استنساخ محطات التشكيل السابقة، التي كانت تراوح في المماطلات ومحاولات التعطيل وتضييع الوقت في شروط وشروط مضادة. واللافت للانتباه، انّ حنفية النصائح الفرنسيّة، مفتوحة على آخرها في هذه الفترة، وجوهرها «انّ على اللبنانيين ان يلتفتوا الى انّ وضع بلدهم لا يحتمل مزيداً من الانتظار، وبالتالي لا بدّ من ان تكون للبنان حكومة في غضون ايام قليلة، وقبل نهاية الشهر الجاري، حيث تنتظرها مهام كبرى لمواجهة تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية، بإصلاحات جذرية تحدّ من الانهيار والاهتراء الذي اصاب لبنان، يضاف الى ذلك، العبء الكبير الذي خلّفه الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت والوضع الكارثي الذي نتج منه».

وبحسب المعلومات، انّ هذه المشاورات التي تجري بين قوى الاكثرية الاساسية؛ اي «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» و«حزب الله»، ويتولّى ادارتها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، مرتكزة على مبدأ «الذهاب الى حكومة بحجم المرحلة وتحدّياتها، اي حكومة طوارئ انقاذية، لمهمة محدّدة؛ اجراء الاصلاحات الفورية في شتى المجالات، تبدأ بشكل خاص بملف الكهرباء وحسمه نهائياً، بما يوقف النزيف الدائم لمليارات الدولارات، واستعادة ثقة اللبنانيين بالدولة، وكذلك استعادة ثقة المجتمع الدولي، وخصوصاً انّ الانفجار الرهيب، اتاح للبنان فرصة ذهبية، تتمثل في انّ دول العالم، ومن دون استثناء، عيونها مفتوحة اليوم على لبنان، وعادت ودخلت اليه من الباب الانساني، وهذا امر يوجب على اللبنانيين ان يلتقطوا هذه الفرصة، ويتشاركوا في محاولة فتح ابواب الدعم الدولي الاقتصادي والمالي للبنان، والتي اكّد المجتمع الدولي انّ لها مفتاحاً وحيداً هو اجراء الاصلاحات الجدّية والمقنعة».

وكشفت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ حركة المشاورات الداخلية للتنقيب عن رئيس الحكومة العتيد، متواكبة مع رصد خارجي وتحديداً فرنسي، لمجرياتها، ولم تستبعد المصادر ان تُواكَب هذه المشاورات، بتواصل حول الملف الحكومي اللبناني، على الخط الاميركي – الفرنسي – السعودي. وتوحي بذلك الاجواء الواردة من العاصمة الفرنسية، من انّ باريس مستعدة للقيام بكل ما يمكن ان يسهِّل التوافق بين اللبنانيين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، سبق ان اكّد عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، معربة عن الامل في ان يتمّ تشكيل هذه الحكومة قبل زيارة ماكرون الى بيروت، والتي ما زالت مؤكّدة مطلع ايلول المقبل.

من هو الرئيس؟

اجواء المشاورات الجارية لا توحي حتى الآن بحسم اي اسم. ويقول مشاركون فيها لـ«الجمهورية»: «انّه مجرّد ان اعلن الرئيس حسان دياب استقالة حكومته، فُتح نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، وبدأت بعض الماكينات السياسية وغير السياسية في رمي الاسماء وادخالها اليه، وهذا أمر طبيعي يسبق تشكيل اي حكومة، وبالتأكيد انّ هذه الاسماء ستزيد اكثر فأكثر، طالما انّ التوافق لم يُحسم بعد على اسم معيّن».

وبحسب هؤلاء، فإنّ المشاركين في هذه المشاورات، ينطلقون من مسلّمة عدم تكرار الدخول في بازار الاسماء الذي افقد التشكيل وهجه، على ما حصل قبل تشكيل حكومة دياب المستقيلة، ومن هنا قرارهم بالذهاب مباشرة الى محاولة التوافق على الشخصية التي تُعتبر مؤهّلة لتشكيل الحكومة في هذه المرحلة، وعلى هذا الاساس فإنّ العين مركّزة بشكل جدّي جداً على مرشح وحيد حتى الآن هو الرئيس سعد الحريري.

هل سيقبل الحريري؟

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ قنوات التواصل المباشر وغير المباشر قد فُتحت مع الحريري، وتحديداً من قِبل الرئيس نبيه بري سواء عبره مباشرة او عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل. وتجدر الاشارة هنا، الى انّ الشريكين الآخرين، اي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» ليسا بعيدين عن هذا التوجّه نحو الحريري، وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، الذي قال كلاماً بهذا المعني في لقائه امس الاول مع الرئيس بري في عين التينة، وخرج من هذا اللقاء متبنياً لحكومة الطوارئ الإنقاذية التي يدعو اليها بري، مناقضاً، اي جنبلاط، لدعوته قبل يومين الى تشكيل حكومة حيادية.

وكشفت مصادر معنية بحركة المشاورات لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس الحريري قد فوتح في أمر عودته، ولكن حتى الآن، لم يُكشَف ما اذا كان قد اعطى اشارات ايجابية أو سلبية او «بَين بَين»، حيال هذا الطرح. الّا انّ ما ينبغي لحظه هو اعلان مقرّبين من الحريري بالأمس بأنّه غير معني بكل الروايات التي تُنسج حول امكان عودته الى رئاسة الحكومة؟

واذ تقرّ المصادر عينها، بأنّ مهمة اقناع الحريري تبدو صعبة حتى الآن، وخصوصاً بعدما تحدثت اوساط قريبة من الحريري عن انّ عودته مرهونه بالالتزام بجملة شروط يضعها، الّا انّ المحاولات ستستمر بشكل مكثف معه.

وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة، انّ المشاورات مع الحريري، ترتكز على امرين:

الاول، انّ الوضع الداخلي تعرّض لانقلاب، ولبنان دخل بعد زلزال المرفأ في 4 آب، في عالم كارثي آخر، لا يحتمل شروطاً من اي نوع، بل يوجب شراكة كل المكونات في عملية الانقاذ.

الثاني، توفير المساعدة وكلّ ما يسهّل عليه تشكيل حكومة جامعة ومختلطة من سياسيين واختصاصيين في اقرب وقت ممكن، تقوم بمهامها بتغطية من كل الاطراف. علماً انّ الحريري كان قبل انسحابه من نادي المرشحين لرئاسة الحكومة قبل تشكيل حكومة حسان دياب، قد خفّض سقف شروطه، وقَبِل بحكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، بناء على الطرح الذي قدّمه آنذاك الرئيس نبيه بري بتشكيل حكومة غالبيتها من اختصاصيين وتتضمن في صفوفها سياسيين لا يشكّلون استفزازاً لأحد.

الشروط

الّا انّ الصورة في المقلب الحريري، ما زالت ثابتة عند النقطة التي عاد واكّد عليها الحريري قبل ايام قليلة، حينما قال: «لديّ شروط للعودة الى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر، والبلد يحتاج الى طريقة مختلفة في العمل، وتغيير الآلية والمحاصصة، وبناء البلد على اسس جديدة». متبعاً ذلك بموقف حاسم بأنّه لن يغطي احداً قريباً منه لترؤس الحكومة. علماً انّ الحريري، وكما يقول مقرّبون منه، ليس راكضاً وراء رئاسة الحكومة، وسبق له ان اشترط لعودته ان يكون على رأس حكومة من اختصاصيين فقط، تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الازمة.

ومعنى ذلك، انه يريد حكومة بلا سياسيين، وبلا جبران باسيل، وبلا دور لجبران فيها، و»حزب الله» خارجها. وكان مستشاره غطاس خوري واضحاً قبل ايام حينما قال: «انّ عودة الحريري تتطلب تضحية كبيرة من جميع القوى السياسية، وانّ اي حكومة ستُشكّل على غرار الحكومات السابقة لن تنتج بل ستتعرّض للعرقلة، كما حصل معه في حكومته الاخيرة، حيث لم تكن التجربة ناجحة».

ماذا لو اصرّ الحريري؟

موقف الحريري، إن بقي على شروطه السابقة، يلقي الكرة في ملعب الثلاثي «امل» و«حزب الله» و«التيار» وسائر القوى الحليفة التي تشكّل مجتمعة الاكثرية النيابية. فإما ان تقبل بها، واما ان تنتقل الى البحث عن شخصية ثانية لتشكيل الحكومة.

في هذا السياق، اكّدت مصادر هذه الاكثرية لـ»الجمهورية»، انّها تتمنى ان يكون الحريري واقعياً، ولا يذهب الى وضع شروط تعجيزية، غير قابلة للقبول بها من سائر المكونات السياسية، واذا كانت «الأفضلية الآن هي لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، لما يمثله من ثقل سياسي وسنّي، الّا انّ الأولوية ايضاً في الظرف اللبناني الحالي مصيري، هي لعدم الذهاب الى حكومة من لون واحد، خصوصاً بعد التجربة الفاشلة مع حكومة حسان دياب، بل حكومة شراكة تكنو – سياسية عنوانها الأساس الوحدة الوطنية للانقاذ والاصلاح. ومن هنا ليس في امكان ايّ طرف أن يتجاوز المكونات السياسية، او ان يلغي تمثيلها. كما انّ ايّ طرف، سواء أكان حركة «امل» او «حزب الله» او «التيار الوطني الحر»، لن يقبل بأن يُستبعد، وان يتفرّد طرف بعينه بمسار الحكم في لبنان ويتخذ ما شاء من قرارات».

ورداً على سؤال عمّا اذا اصرّ الحريري على شروطه التي تسميها الاكثرية تعجيزية، قالت المصادر: «دعونا لا نستعجل، فما زلنا في بداية الطريق، مع انّ هذا الطريق قصير جداً، ولا نملك متسعاً من الوقت، والمحاولات معه ستستمر، فإن وافق كان به، وان لم يوافق فساعتئذ لا حول ولا، حيث سيتمّ البحث عن بديل».

وعمّا اذا كان الحريري ينتظر ضوءًا اخضر من جهات خارجية، قالت المصادر: «لا علم لنا بذلك، اسألوه».

وماذا عن نواف سلام؟ تجيب المصادر: «هناك من يفتح باب نادي المرشحين لرئاسة الحكومة ويُدخل اليه الكثير من الاسماء، دعونا لا نستبق النتائج، ولا نغرق في لعبة الاسماء، المشاورات مع الرئيس الحريري في بدايتها، ولم تصل الى نهاياتها بعد، ونأمل ان تفضي الى ايجابيات، اما اذا كانت النتائج خلاف ذلك، فبالتأكيد سيُبنى على الشيء مقتضاه».

ماكرون وروحاني وباسيل

والبارز امس، ما أُعلن عن اتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني، تمحور حول الوضع في لبنان. واعلن قصر الاليزيه انّ ماكرون قال لروحاني، انّ على كل الاطراف المعنية الكف عن التدخّل في لبنان ودعم تشكيل حكومة جديدة. ويأتي ذلك في وقت اعلن فيه الاليزيه «انّ ماكرون اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين داعياً الى المشاركة في جمع تبرعات للبنان».

كذلك اتصل ماكرون برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وتباحثا في «آخر التطورات والسبل الآيلة الى متابعة المبادرة والجهد الذي يقوم به ماكرون بخصوص الازمة اللبنانية».

هل هذا تشويش؟

الّا انّ ما لفت الانتباه في توقيته، المتزامن مع التحضيرات الداخلية لتشكيل حكومة جديدة، وما اذا كان ينطوي على «أبعاد تشويشية» على الحراك الفرنسي تجاه لبنان وسعيه الى التسريع في حكومة جديدة في لبنان، هو ما كشفته صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مسؤولين اميركيين ومن سمّتهم «آخرين مطلعين على الخطط» من «انّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تستعد لفرض عقوبات لمكافحة الفساد ضد سياسيين ورجال أعمال لبنانيين بارزين، في محاولة لإضعاف نفوذ «حزب الله» في أعقاب انفجار الأسبوع الماضي في مرفأ بيروت.

ويرى المسؤولون الأميركيون بحسب الصحيفة، أنّ هناك فرصة لدق إسفين بين «حزب الله» وحلفائه، كجزء من جهد أوسع لاحتواء القوة المدعومة من طهران.

زيارة هيل

أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أنّ وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يزور لبنان في الفترة ما بين 13 و15 آب، وسيعبّر عن تعازيه للشعب اللبناني على خسائره جرّاء الانفجار المدمّر الذي وقع في بيروت في 4 آب.

وأكدت انّ هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية بمساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة، وإعادة بناء حياتهم.

وفي الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب، سيؤكد وكيل الوزارة هيل على الحاجة الملحّة لتبنّي الإصلاح الاقتصادي والمالي والإصلاح الأساسي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية، وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة.

وأضافت السفارة أنّ هيل سيؤكد استعداد أميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب، وتلتزم التزاماً حقيقياً بأجندة الإصلاح هذه وتعمل وفقاً لها.

جلسة الاونيسكو

في سياق متصل، يعقد مجلس النواب جلسة عامة في قصر الاونيسكو عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، حول بند وحيد يتعلق بمناقشة موضوع اعلان حالة الطوارئ في بيروت.

الّا انّ الجانب المهم في هذه الجلسة، هو تلاوة كتب الاستقالة من المجلس النيابي التي قدّمها النواب: مروان حمادة، سامي الجميل، نديم الجميل، الياس حنكش، بولا يعقوبيان، هنري حلو، نعمة افرام، وميشال معوض.

وقالت مصادر مجلسية لـ«الجمهورية»، انّ رئيس المجلس سيبادر فور انعقاد الجلسة الى تلاوة كتب الاستقالة التي تصبح نافذة فور تلاوتها، وذلك عملاً بأحكام النظام الداخلي للمجلس، الذي يوجب في مادته السابعة عشرة، على رئيس المجلس ان يعلم المجلس بالاستقالات، بأن يتلو كتاب الاستقالة في اول جلسة علنية تلي تقديمها، على ان تُعتبر الاستقالة نهائية فور اخذ المجلس علماً بها.

واذا ما بقي النواب المستقيلون على موقفهم، فإنّه بعد تلاوة كتب الاستقالة، يتعرّض النصاب المجلسي الى تعديل فوري، فبدل ان يكون 65 نائباً كأكثرية مطلقة و86 نائباً في اكثرية الثلثين في مجلس الـ128 نائباً، تصبح الاكثرية المطلقة 61 نائباً، ويصبح الثلثان 80 نائباً، ويبقى هذا الامر سارياً حتى اجراء الانتخابات النيابية الفرعية وفق النظام الاكثري، لملء هذه الشواغر. والمادة 41 من الدستور تنصّ على الآتي («اذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخابات الخلف في خلال شهرين، ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحلّ محله»).

جعجع

وما لفت في هذا السياق، هي الدعوة التي وجهّها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى النواب المستقيلين بالعودة عن استقالاتهم.

وقال جعجع في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع «تكتل الجمهورية القوية» في معراب امس: «أدعو النواب الذين استقالوا ان يستردوا استقالاتهم قبل جلسة يوم الغد»، مشيراً الى انّ نواب «القوات» لن يشاركوا في جلسة الاونيسكو.

ولفت جعجع الى انّ «استقالاتنا في جيوبنا، ولنفترض أننا استقلنا الآن، هناك مجموعة مصالح كبيرة في البرلمان وستتوقف الأمور عند استقالة 25 نائباً وسيدعو وزير الداخلية لانتخابات فرعية، وعندها يفوز نواب بـ200 أو 300 صوت».

وقال: «بـ95 نائباً يصبح لديهم إمكانية تعديل الدستور أو انتخاب رئيس جمهورية من الدورة الأولى. وفي اجتماع معراب كنّا على قاب قوسين من الاستقالة». وغمز جعجع من قناة «الحزب التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل» وقال: بعد استقالة الحكومة، تريث «المستقبل» و»الاشتراكي» في تقديم الاستقالة من المجلس النيابي وبقيت «القوات» وحدها كالعادة.

وعن إعادة تسمية الرئيس سعد الحريري، قال: «نحن مع حكومة جديدة ومستقلة تماماً وحيادية تماماً، ولسنا مع طرح حكومات الوحدة الوطنية».

وحول انفجار المرفأ قال: «نطالب بلجنة تحقيق دولية، واذا لم يتحقق هذا المطلب سنتوجّه الى تقديم عريضة للمطالبة بتحقيق دولي وتقصير ولاية مجلس النواب».

وكان جعجع قد تلقّى مساء أمس إتصالاً مطولاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث تناولا خلاله الوضع الحكومي في لبنان.

«الكتائب»

ومساء، زار وفد من «القوات اللبنانية» رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل في مكتبه في بكفيا. وطرح الوفد القواتي فكرة العدول عن الاستقالة التي تقدّم بها نواب الكتائب قبل الجلسة النيابية اليوم. فيما أكّد رئيس الكتائب على صوابية استقالة نواب الحزب وسائر النواب المستقيلين، لما لهذه الخطوة من أهمية لجهة سحب الشرعية من المجلس النيابي، وبالتالي من المنظومة السياسية المهترئة والفاسدة. وكرّر مطالبته باقي النواب بتقديم إستقالتهم، لأنّ لا مهادنة مع هذه المنظومة خصوصاً بعد سقوط الحكومة.

*********************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

مفاوضات دولية – إقليمية لتمرير الحكومة.. وماكرون يضغط لبنانياً

هيل في بيروت للقاءات موسعة.. والتحقيقات تشمل الوزراء غداً بانتظار الإتفاق على المحقق العدلي

وراء «الدمار اللبناني» المروع، الذي تتكشف فصوله يوماً بعد يوم، بعد انقضاء تسعة أيام على وقوع الانفجار في مرفأ بيروت، الذي اودى بحياة اكثر من 171 مواطناً وإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، وفقدان العشرات، وتدمير جزء من مباني بيروت التاريخية وتحطيم واجهات المحلات التجارية والمقاهي والفنادق والعمارات الجديدة، تجري اتصالات دولية وإقليمية ومحلية، في ظل تقاطر الوفود الدولية والعربية إلى بيروت، لتقديم التعزية، وتقديم ما يلزم من مساعدات في المجالات كافة.. من أجل بلورة تفاهم «دولي – إقليمي» حول ترتيبات إعادة بناء ما تهدم، وضمان الاستقرار اللبناني، وإعادة تحريك الاقتصاد، وتوفير ما يلزم من اعانات وإغاثات.

وقالت مصادر سياسية انه في مرحلة «جسّ النبض»، القوى اللبنانية تلعب على حافة إضاعة فرصة الدعم الدولي.. فهي تلعب بورقة الحكومة على طريقة إخفاء المواقف الحقيقية وتبادل الحرب الإعلامية على هذا الصعيد.

ولئن كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يقود مشاورات دولية لنزع الألغام من امام تأليف حكومة جديدة، لا سيما عبر الاتصال مع المسؤولين الإيرانيين، وطلب المساعدة الروسية، والتنسيق مع العواصم العربية الداعمة للاستقرار وإخراج لبنان من محنته، كشفت تقارير إعلامية من طهران ان خط المشاورات الأميركية – الإيرانية في سلطنة عمان عاد إلى العمل، من زاوية الحد من فرض حظر جديد على التسلّح الإيراني، وكذلك العمل على العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.

لكن مصادر دبلوماسية غربية أعربت عن خشيتها من تباطؤ أو تعثر التفاهم الأميركي – الإيراني، ان مباشرة أو بالواسطة (عبر ماكرون، أو وسطاء عرب، أو حتى الجانب الروسي).

وأوضحت المصادر ان التفاوض الأميركي – الإيراني يتناول وضع لبنان كجزء من منظومة قضايا المنطقة، والتدخلات الإيرانية مباشرة أو بالواسطة في عدد من عواصم المنطقة.

وعليه، فإن التطورات اللبنانية رهن الحركة الدولية، التي يفترض ان تؤتي أكلها قبل مجيء ماكرون مجدداً إلى بيروت في 1 أيلول المقبل.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الإتصالات حول الملف الحكومي لم تتضح معالمها بعد. واشارت الى ان المشاورات تجرى بعيدا عن الأضواء وفي العلن لافتة الى ان من يرصد اللقاءات التي تعقد يتيقن ان الملف فيه اخذ وعطاء، وان هذه الحركة تأتي تمهيدا للاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس للحكومة يكلف تشكيل الحكومة.

وقالت المصادر ان المشاورات ضرورية قبل الأستشارات تفاديا لأي مشكلة تصيب التأليف فضلا عن ضمان تشكيل سريع للحكومة في هذه الفترة موضحة انه سيصار الى بلورة المواقف بعد مشاورات الكتل النيابية لاسيما في ما خص هوية الرئيس المكلف وشكل الحكومة وكل ما يتصل بها.

وقالت ان المؤكد هو ان لا استشارات نيابية هذا الأسبوع ولكن ليس معروفا ما اذا الموعد يحدد الأسبوع المقبل.

ولفتت المصادر الى ان هناك موفدين يعملون على خط الملف الحكومي وليس خافيا ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من بينهم مؤكدة انه حتى الآن الجو ميال الى حكومة وحدة وطنية بمعنى انه الخيار الأكثر تداولا حتى وان كانت كل الإحتمالات الأخرى مفتوحة.

ويتضح المشهد بالنسبة للمحور الحاكم، مع حلول مساء أمس، مع كلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي وإن كانت كلمته لمناسبة انتهاء حرب تموز 2006، فإنه سيتطرق إلى ما حدث، والشأن الحكومي والموقف من التحركات الدولية لمساعدة لبنان.

وفي حين تؤكد المعلومات ان هناك اصراراً دولياً على تشكيل الحكومة الجديدة في مهلة اقصاها اسبوعين على ابعد تقدير، تلفت في المقابل الى ان مهمتها ستقتصر على ادارة الازمة الاقتصادية فقط واجراء الاصلاحات واعادة الاعمار ومواجهة كورونا اضافة الى تحضير قانون انتخابي جديد، وهذه المعلومات تتطابق مع ما تروج له جهات داخلية وازنة في البلد من ان ادارة الازمة السياسية لن تتولاها هذه الحكومة انما «حكومة ظل» اذا صح التعبير سوف تكون مؤلفة من اقطاب اساسيين في الداخل وجهات دولية برعاية فرنسية مباشرة لتحضير تسوية سياسية شاملة لمرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون واجراء انتخابات نيابية جديدة على اساس قانون انتخابي غير طائفي.

وإذا كان «الثنائي الشيعي» يعطي الأولوية لإعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، فإن مصادر دولية، تؤكد أن الشخصية المستقلة المطروحة لترؤس حكومة جديدة، تتقاطع فيها رؤية المجتمع الدولي، والمطالب الوطنية بعد كارثة دمار بيروت، هي القاضي في محكمة العدل الدولية، وسفير لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام..

وأفاد مسؤول سياسي رافضاً الكشف عن اسمه، «فرانس برس» عن توجّه عام «لتشكيل حكومة جامعة»، لافتاً الى «توافق بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط على تسمية سعد الحريري». وقال إن حزب الله «لا يمانع في عودة الحريري».

لكن مصدراً مطلعاً، يرجح بقوة ان يكون سلام «كاظمي لبنان» (في إشارة إلى رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي) الذي تدعمه الولايات المتحدة الأميركية وقبلته طهران.

وإذا كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خارج التركيبة الجديدة، يجزم قيادي بارز في الثنائي الشيعي ان «لا حكومة من دون حزب الله»، مؤكدا ان كل التسويات الدولية التي تتولاها فرنسا والتي تقول بتمثيل الحزب بشكل غير مباشر في الحكومة الجديدة مرفوضة ولا يمكن السير بها.

ولكن بحسب معلومات مصادر دبلوماسية، فان الفرنسيين طرحوا مؤخرا حلا وسطا بين المطلب «الاميركي- العربي» بعدم تمثيل الحزب في الحكومة الجديدة وبين رفض الثنائي اية حكومة من هذا النوع، فحواه تمثيل الحزب بوزراء مقربين منه ولكن غير محسوبين عليه بشكل مباشر كوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن، وتقول المعلومات ان هذا الطرح لم يلق تجاوبا بعد.

ورشح السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبكين الرئيس سعد الحريري لترؤس الحكومة.

اتصالات ماكرون اللبنانية

دولياً، واصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصالاته الدولية والإقليمية واللبنانية.

واتصل ماكرون بالنائب جبران باسيل للتباحث بالملف الحكومي، حيث أبلغه انه مع تسهيل مهمة ولادة الحكومة، ومن المفيد ان تكون فاعلة وقادرة على تحقيق الإصلاحات، بصرف النظر عن شكلها.

كما أجرى ماكرون اتصالاً مع د. جعجع، استمر نصف ساعة تناول مرحلة ما بعد استقالة الحكومة، وكرر جعجع دعوته لحكومة محايدة، وجديدة وشفافة.

هيل ليومين

وسط ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أن وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يزور لبنان في الفترة ما بين 13 و 15 آب وسيعبر عن تعازيه للشعب اللبناني على خسائره جراء الانفجار المدمر الذي وقع في بيروت في 4 آب.

وأكدت ان هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية بمساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة وإعادة بناء حياتهم.

وفي الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب سيؤكد وكيل الوزارة هيل على الحاجة الملحة لتبني الإصلاح الاقتصادي والمالي والإصلاحي الأساسي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية، وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة.

وأضافت السفارة، أن هيل سيؤكد استعداد أميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزامًا حقيقيًا بأجندة الإصلاح هذه وتعمل وفقًا لها.

مساعدة ألمانية

واستمر مجيء الشخصيات الدولية الداعمة والمعزية إلى لبنان.. واستقبل الرئيس عون بعد ظهر أمس وزير خارجية المانيا الاتحادية هيكو جوزف ماس، الذي نقل تعازي المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل بضحايا انفجار المرفأ.

وكشف الوزير الالماني ان مؤتمر باريس أظهر تضامن المجتمع الدولي مع لبنان..

وقال إن بلاده سارعت إلى تقديم المساعدات العاجلة إلى لبنان سواء من خلال الصليب الاحمر اللبناني أو من خلال طواقم حضرت إلى بيروت وفرق إنقاذ، لافتاً إلى ان مبلغ العشرين مليون يورو الذي قدمته ألمانيا، ستليه مساعدات أخرى لدعم الاقتصاد اللبناني. واوضح أن شركة سيمنز التي رافق رئيس مجلس ادارتها الوزير ماس في زيارته، قررت تقديم مولدين للطاقة بقوة 80 ميغاوات لتأمين التيار الكهربائي لمدة سنة مجاناً إلى أكثر من 65 ألف نسمة، وتقدر كلفة هذا العمل بـ45 مليون يورو وأشار إلى أن المعدات اللازمة ستصل إلى بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة ليتم تركيبها في المناطق المنكوبة.

واثناء جولة في مرفأ بيروت حيث وقع الانفجار، قال ماس ان لبنان يحتاج إلى حكومة يمكنها محاربة الفساد وتنفيذ الإصلاحات.

وقال الوزير هايكو ماس «من المستحيل أن تبقى الأمور على ما كانت عليه… المجتمع الدولي مستعد للاستثمار لكنه يحتاج ضمانات لهذا الاستثمار. من المهم وجود حكومة تكافح الفساد».

وتابع «الكثيرون في أوروبا مهتمون كثيرا بهذا البلد. يريدون إصلاحات اقتصادية وحكما رشيدا هناك. أيا كان من سيتولى المسؤولية في لبنان سيكون عليه القيام بالكثير».

الجلسة اليوم استقالات.. لا استقالات

يعقد مجلس النواب قبل ظهر اليوم جلسة نيابية لمناقشة قرار مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ وهي الجلسة التي كانت مخصصة لمساءلة الحكومة قبل إعلان استقالتها.

ومن المقرّر ان تبدأ الجلسة بتلاوة كتب الاستقالة للنواب مروان حمادة، سامي الجميل، نديم الجميل والياس حنكش، بولا يعقوبيان، هنري حلو، نعمت افرام وميشال معوض.

فبحسب النظام الداخلي للمجلس عندما يقدم نواب استقالة خطية يتم التعاطي مع هذه الاستقالة وفق الية نص عليها عدد من المواد.

فالمادة ١٦ في الفصل الخامس المخصص للاستقالة في النظام الداخلي تنص على ان النائب يستقيل من النيابة بكتاب خطي صريح يقدم إلى رئيس المجلس، لكن ان وردت الإستقالة مقيدة بشرط تعتبر لاغية.

وبالتالي اذا لم تكن هذه الاستقالة مقيدة بأي شرط، تقبل وبحسب المادة ١٦ يعلم رئيس المجلس المجلس بالاستقالة من خلال تلاوته لكتاب الإستقالة في أول جلسة علنية تلي تقديمها وتعتبر الإستقالة نهائية فور أخذ المجلس علماً بها.

بالموازاة تعطي المادة ١٨ من النظام الداخلي النائب المستقيل حق الرجوع عن استقالته بكتاب خطي يقدم إلى رئيس المجلس قبل أخذ المجلس علماً بها وتعتبر الإستقالة كأنها لم تكن.

بعد ذلك يشرع المجلس لمناقشة قرار الحكومة المستقيلة إعلان حالة الطوارئ، إذ انه واستناداً إلى نص المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي 52/67 على مجلس النواب ان يجتمع للنظر بهذا التدبير في مهلة 8 أيام من تاريخ اتخاذه والا تعتبر حالة الطوارئ بحالة الملغية.

وسيطلع المجلس على التدبير وماذا شملت حال الطوارئ من صلاحيات أعطيت للقيادة العسكرية.

وعشية الجلسة، ناشد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الإسراع لسحب الاستقالة من قبل النواب الذين قدموها، حتى لا ينفرد المجلس بقرارات مصيرية، إذا انسحبت «القوى السيادية» على حدّ تعبيره..

وكشف ان نواب «الجمهورية القوية» لن يحضروا الجلسة اليوم، كاشفاً ان تراجع المستقبل و«التقدمي» عن الاستقالة الجماعية، جعل «القوات» لا تقدّم منفردة على هذه الخطوة.. وزار وفد قواتي رئيس الكتائب سامي الجميل، لاقناعه بسحب نواب الكتائب استقالتهم..

وكشف النائب نهاد المشنوق في مؤتمر صحفي عقده في منزله أمس ان الرئيس ماكرون أجرى اتصالات برؤساء عدد من الكتل، متمنياً التريث بتقديم استقالاتهم.

التحقيقات

على صعيد التحقيقات، يستمر التجاذب بين القوى السياسية، فمع تمسك قوى 14 آذار (المستقبل، اللقاء الديمقراطي، كتلة القوات اللبنانية) وتأكيد كتلة «حزب الله» ان الوصول إلى الحقيقة يكون عبر التحقيق الوطني العادل، وإنزال أشدّ العقوبات بالمتورطين مهما علا شأنهم.. يستمع القضاء بدءاً من يوم غد إلى عدد من الوزراء السابقين والحاليين الذين وقع مرفأ بيروت في نطاق مسؤولياتهم.

وقال مصدر قضائي ان المحامي العام لدى محكمة التمييز القاضي غسّان خوري «سيبدأ الجمعة (غداً) التحقيق مع وزير الأشغال السابق غازي العريضي، على أن يستدعي الأسبوع المقبل وزراء الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس وميشال نجار (حكومة تصريف الأعمال)، بالإضافة إلى عدد من وزراء المال والعدل السابقين».

وأوضح المصدر أنّ «استجواب الوزراء يأتي في سياق تحديد المسؤوليات، وحصرها بالأشخاص الذين أهملوا أو تجاهلوا خطر إبقاء المواد المتفجرة في المرفأ، من إداريين وأمنيين وعسكريين وقضاة وسياسيين». واستجوب القاضي خوري أمس عشرة ضبّاط من الجيش اللبناني وأمن الدولة والجمارك العاملين في المرفأ، بالإضافة إلى عدد من الإداريين في جهاز الجمارك، وقرر تركهم رهن التحقيق. ولا يزال قرابة عشرين شخصاً، بينهم المدير العام الحالي للجمارك بدري ضاهر والسابق شفيق مرعي، بالإضافة إلى مدير مرفأ بيروت حسن قريطم.

وأخذ المحققون الفرنيسون عينات من تربة المرفأ لفحصها، في إطار التحقيقات الجارية.

وفي سياق رسمي، ذكرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية انها وفور تبلغ الرئيس عون تقرير أمن الدولة قام المستشار العسكري والأمني لرئاسة الجمهورية باعلام الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في رئاسة مجلس الوزراء بهذا التقرير لاجراء اللازم، علما ان الأمين العام للمجلس قد تبلغ بدوره نص التقرير وفقا للأصول على ما افاد في بيانه التوضيحي بتاريخ 8/8/2020 وأحاله الى المراجع المختصة.

المحقق العدلي

وكما في مختلف الملفات، وفي اليوم الثاني لاحالة جريمة المرفأ إلى المجلس العدلي، حال التجاذب بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ومجلس القضاء الأعلى دون الاتفاق على اسم القاضي الذي اقترحته سامر يونس، ورفضه المجلس، فراسلته طالبة تبرير الرفض.

وليلاً، عقد اجتماع في مكتب وزيرة العدل المستقيلة شارك فيه أعضاء من مجلس القضاء الأعلى للاتفاق على اسم المحقق العدلي.

الصحة الدولية والحاجة إلى 76 مليون دولار

وفي إطار المساعدات، قالت أمس منظمة الصحة العالمية إنها طلبت مساعدات للبنان بقيمة 76 مليون دولار بعد انفجار المرفأ.

وقال مسؤولون من منظمة الصحة في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت إن الانفجار عطل ثلاثة مستشفيات عن العمل وجعل ثلاثة مستشفيات أخرى تعمل بجزء من طاقتها وخفض عدد الأسرة في المستشفيات العامة والخاصة بما يتراوح بين 500 و600 سرير.

وقالت رنا حجية مديرة قسم الأمراض المعدية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط إنه بعد أسبوع من وقوع الانفجار، ما زالت المنظمة تشعر بالقلق على صحة وسلامة من أصيبوا ومن فقدوا أحبائهم أو أصبحوا بلا مأوى وتتوقع أن يدوم الألم النفسي جراء الانفجار لفترة أطول بكثير.

وأضافت أن المنظمة قلقة بشكل خاص من عودة كوفيد-19 في لبنان وإنها أطلقت مناشدة للحصول على 76 مليون دولار وتطلب من المجتمع الدولي دعم الشعب اللبناني وإظهار التضامن معه بكل الأشكال الممكنة.

وقال ريتشارد برنان مدير الطوارئ الإقليمي بالمنظمة إن فقد أسرة مستشفيات «له تداعيات واضحة على التعامل مع كوفيد وغيره من الحالات المرضية».

وأضاف أن النتائج الأولية لتقييم شمل 55 عيادة ومركزا للرعاية الصحية في بيروت أظهرت أن أكثر من نصفها لا يعمل والباقي يعمل بمستويات متباينة.

7413

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 292 إصابة  كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 7413، وذلك خلال الـ24 ساعة الماضية، مع تسجيل حالتي وفاة.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

ماكرون لروحاني: لوقف التدخل في شؤون لبنان

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تصدرت أجندتها مستجدات الوضع في لبنان.

وذكر الكرملين في بيان، أن الرئيسين استعرضا بالتفصيل مستجدات الوضع في لبنان، مع التركيز على الإجراءات التي تتخذها موسكو وباريس في سبيل تقديم دعم إنساني إلى الشعب اللبناني في ظل الانفجار المدمر الذي هز مرفأ العاصمة بيروت في الرابع من اب الجاري.

وأطلع ماكرون، حسب البيان، نظيره الروسي على انطباعاته بشأن زيارته الأخيرة إلى بيروت ونتائج مؤتمر المانحين الافتراضي الذي نظمته فرنسا الأحد الماضي بهدف تفعيل المساعدات الدولية إلى لبنان.

من جانبه، أكد بوتين، خلال تبادل الآراء مع ماكرون حول لبنان، على موقف روسيا الداعم لوحدة هذا البلد وسيادته، مشددا على ضرورة تسوية جميع المسائل الخلافية فيه من قبل اللبنانيين أنفسهم على أساس حوار بناء، دون أي تدخل خارجي.

وبحث الرئيسان الإيراني، حسن روحاني، والفرنسي، إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، الوضع في لبنان بعد الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت، حسبما أفاد مكتب الرئاسة الإيرانية.

ونقل بيان للمكتب عن روحاني قوله إن لبنان يحتاج إلى وحدة جميع الفرق السياسية، ويجب أن «يعمل الجميع على تحقيق الوحدة».

كما شدد الرئيس الإيراني على أن لبنان بحاجة إلى حكومة وبرلمان قويين و»على جميع الأحزاب أن تعمل معا من أجل تحقيق ذلك».

وأشار روحاني إلى ضرورة دعم لبنان، كي تتمكن سلطاته من تحديد أسباب وملابسات الانفجار.

من جانبه، حث الرئيس الفرنسي إيران على المشاركة في فريق الدعم الدولي الخاص بلبنان، إضافة إلى دعوتها للمساعدة في حل الأزمة السياسية اللبنانية.

ورحب روحاني بدعوة الرئيس الفرنسي، وفقا للبيان الذي جاء فيه أن الزعيمين تناولا أيضا «الاتفاق النووي وآلية إينستكس المالية» الخاصة للمعاملات التجارية بين إيران والدول الأوروبية.

*********************************************

افتتاحية صحيفة الديار

خريطة المواقف الداخلية والدولية وجهود لتشكيل الحكومة في مطلع أيلول

ماكرون يوسع نطاق اتصالاته دولياً لتسريع الولادة والبدء بالانقاذ

محاولات ناشطة لصيغة تجمع بين التكنوقراط والتمثيل السياسي

محمد بلوط

ما هي حقيقة المواقف من تشكيل الحكومة الجديدة؟ من هو رئيسها؟

وهل ستأخذ عملية تأليفها فترة طويلة ام انها ستبصر النور قريباً؟

اسئلة عديدة تطرح حول الحكومة العتيدة والمرحلة المقبلة في ظل ظروف صعبة وشائكة للغاية افرزتها الازمة السياسية والاقتصادية المتفاقمة يضاف اليها انفجار المرفأ وتداعياته.

المعلومات المتوافرة حتى الآن ان هناك رغبة من معظم القوى السياسية الرئيسية من عدم تكرار التجارب السابقة مع تشكيل الحكومات، والعمل على تأليف الحكومة الجديدة في اسرع وقت. لكن هذه الرغبة لا تعني سهولة المهمة نظراً للتعقيدات التي قد تؤدي الى تأخير هذه العملية كما حصل سابقاً.

وتضيف المعلومات ان الاجتماع الذي عقد في عين التينة برعاية الرئيس بري وبمشاركة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل والخليلين اكد على نقطة اساسية ومهمة هي ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة في اقرب وقت.

موقف الثنائي الشيعي

وتقول هذه المعلومات ان الثنائي الشيعي ابلغ من يهمه الامر انه يؤيد الاولوية في تسريع تأليف الحكومة، وانه كما كان في السابق فهو اليوم حريص على تأليف حكومة فاعلة ومنتجة.

وحسب المعلومات، فان الاجتماع لم يبحث في حسم الاسم المطروح لرئاسة الحكومة الجديدة، لكنه ركز على البحث في طبيعة الحكومة وكيفية تشكيلها.

وتضيف بان الثنائي الشيعي كما حصل في المرة السابقة لا يضع شروطاً مسبقة، لكنه في الوقت نفسه لا يريد بل يعارض ما يسمى الحكومة الحيادية للاعتبارات التي اكد عليها سابقاً.

ووفقاً للاجواء فان الرئيس بري يتحرك بقوة في سبيل ولادة الحكومة في اقرب وقت، آخذا بعين الاعتبار مصلحة البلد ككل في الاسراع بهذه العملية. وتحرص اوساطه على عدم الدخول في الاسماء، مشيرة الى ان البحث لم يتناول الاسماء بعد. وتنفي ان يكون ابلغ الرئيس الفرنسي ماكرون رفض تسمية نواف سلام، مؤكدة في الوقت نفسه اننا لم ندخل بعد في مرحلة الاسماء.

واذا كانت اوساط رئيس المجلس حريصة على عدم فتح بازار الاسماء بهذه الطريقة، فان مصادر مطلعة تشير الى انه اقرب الى تسمية الرئيس سعد الحريري مع انفتاحه على البحث في اسماء اخرى اذا ما تعذر او استحال خيار الحريري.

اما حزب الله فهو يؤكد على مواقفه التي كان اكد عليها في المرة الماضية قبل تكليف الرئيس حسان دياب، مع رفضه ما يسمى بالحكومة الحيادية، باعتبار ان هذا الطرح هو طرح مسيس بحدّ ذاته.

ووفقا للمصادر المطلعة فان الحزب لا يرغب في الدخول بالتسميات، ولا يحبذ ذلك قبل التفاهم على طبيعة الحكومة الجديدة وتشكيلتها.

الوطني الحرّ

اما التيار الوطني الحرّ الذي يشعر بحراجة الموقف بعد انفجار المرفأ، فانه يبدو هذه المرة اكثر مرونة، وهذا ما عبر عنه تكتله النيابي في موقفه مؤخراً عندما اكد على انه «متعاون الى اقصى الحدود» في عملية تشكيل الحكومة.

الحريري

واللافت ان الرئيس سعد الحريري لم يصدر عنه اي موقف منذ ما قبل استقالة الرئيس دياب، لكن المعلومات تفيد بانه منخرط في الاتصالات الجارية بشأن الحكومة، وانه لا يمانع بل يرغب بالعودة الى رئاسة الحكومة من دون ان يكون مكبلاً او مقيداً بوزراء سياسيين يعيدون تجربة حكومته السابقة.

وتقول المعلومات ان الحريري لم يتحمس بالاصل لفكرة الاستقالة من المجلس وهو على توافق في هذا الموضوع مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي فرمل المضي في هذه الفكرة. ووضع في الاولوية تشكيل حكومة منتجة وفعالة.

جنبلاط

وفي هذا الصدد تؤكد المعلومات ان جنبلاط لم يعد متمسكاً بما سمي حكومة حيادية، وانه كما عبر بعد زيارته للرئيس بري لا يقف عند التسمية او الشكل بقدر ما يريد حكومة فعالة وقادرة.

وحسب المعلومات فان جنبلاط يؤيد عودة الحريري الى رئاسة الحكومة ويسعى مع الرئيس بري الى انجاح هذا الخيار.

جعجع

ويبدو ان «القوات اللبنانية» ماضية في موقفها المتشدد على الاقل ظاهرياً لاعتبارات عديدة ابرزها:

– استخدام هذا الموقف في مرحلة التفاوض على الحكومة.

– محاكاة الشارع بشكل عام الذي يضغط قسم منه باتجاه عدم عودة نموذج حكومات الوفاق الوطني.

– التمسك بالتشدد بانتظار جلاء الموقف الاميركي والغربي، مع العلم ان هذا الموقف لا يرغب بالذهاب الى التشدد الاقصى.

ولا يؤيد رئيس «القوات» سمير جعجع عودة الحريري الى رئاسة الحكومة كما فعل في المرة الماضية، وقد عبّر عن ذلك امس ردا على سؤال في هذا الشأن بالقول: نحن مع حكومة جديدة تماماً، حيادية تماماً، ومستقلة تماماً«.

وبرر عدم اقدام نوابه على الاستقالة بالقول: «بعد استقالة الحكومة تريث كل من «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي في تقديم الاستقالة من المجلس النيابي، وبقيت «القوات» وحدها كالعادة».

ودعا النواب الذين قدموا استقالاتهم الى العودة عنها عشية جلسة مجلس النواب اليوم، معلناً ان كتلته النيابية لن تحضر الجلسة.

وفي ظل الاتصالات المكثفة الجارية لازالة العقبات في وجه تشكيل الحكومة الجديدة والاتفاق على اسم رئيسها، ذكرت المعلومات ان الاستشارات الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتكليف رئيس الحكومة الجديد وتحديد موعدها مرتبطة باتفاق الكتل النيابية، وبالتالي من المستبعد ان تجري هذا الاسبوع.

المواقف الدولية

في هذا الوقت، لم تتضح حتى الآن تفاصيل الموقف الاميركي – الغربي من الحكومة الجديدة، لكن الرئيس الفرنسي ماكرون بقي ناشطاً في سبيل تشكيل الحكومة في اقرب وقت وقد تهاتف في الثماني والاربعين ساعة الماضية مع عدد من القيادات اللبنانية منهم الرئيس بري والنائب جبران باسيل.

ويقول مصدر بارز لـ «الديار» ان هناك اجواء تجاوب من القيادات ومعظم الاطراف السياسية مع السعي الى تأليف الحكومة قبل مطلع ايلول، لكن هذه الرغبة لا تعني ان الطريق معبّدة للولادة في الفترة المذكورة.

ووسّع ماكرون نطاق اتصالاته وتهاتف مع الرئيسين الروسي والايراني. وقالت مصادر مطلعة ان البحث يتركز على العمل من اجل تشكيل حكومة لبنانية في اقرب وقت.

وفي خصوص الموقف الاميركي – الغربي ترى المصادر ان هناك نوعا من الضبابية على هذا الموقف في شأن تشكيلة الحكومة ورئيسها وان كان هناك رغبة للمجيء بالسفير نواف سلام.

وتضيف المصادر ان اسهم الرئيس الحريري مرتفعة ايضاً لكن حسم هذا الموضوع يحتاج الى توافق داخلي، واشارات سعودية، وهذا الامر لم يتبلور حتى الان.

ويشير في هذا المجال الى ان المملكة العربية السعودية اكتفت بعد انفجار المرفأ بارسال كميات من المساعدات العينية للبنان، ولم تتناول او تنخرط في البحث بموضوع الحكومة الجديدة، مع العلم ان الرياض ترغب في اقصاء حزب الله عنها، وتؤيد ان تكون من المستقلين.

وكشف مصدر ديبلوماسي مطلع امس ان الموقف الاميركي – الاوروبي يلتقي عند اولوية عدم انزلاق لبنان الى الفوضى، والبحث عن قواسم مشتركة لانتاج حكومة انقاذية مهمتها معالجة الوضعين الاقتصادي والمالي وتحقيق الاصلاحات التي يطالب بها الشعب اللبناني، كما تعبر هذه الدول.

اما روسيا فهي تميل لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد عبر عن ذلك السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين في حديث له امس مؤيداً مثل هذه الحكومة برئاسة الرئيس الحريري.

ورأى انه على الرغم من توقع حصول خلافات في مثل هذه الحكومة كما حصل سابقاً، الا انه لا يرى حلا اخر.

والمح الى حل وسط لكنه لم يفصح عن طبيعته وتفاصيله.

وتبرز في الساعات المقبلة زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل التي ستتركز حول الوضع في لبنان وموضوع الحكومة وموضوع الحدود البحرية.

وعشية الزيارة، قالت السفارة الاميركية: ان هيل سيشدّد في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين على ضرورة اجراء اصلاحات اقتصادية جذرية وسياسية تنهي الفساد.

الحكومة الجديدة؟

وكشفت مصادر سياسية لبنانية مشاركة في الاتصالات الجارية لـ«الديار» امس عن ان هناك حديثاً عن المجيء بحكومة تكنوقراط برئاسة الرئيس الحريري لا تخلو من التمثيل السياسي. ويدور البحث في طبيعة وشكل الوزراء الذين سيمثلون القوى السياسية.

واضافت هذه المصادر ان هناك اقتراحا آخر ان يترأس الرئيس الحريري حكومة تكنوقراط «بنكهة سياسية»، شرط ان لا تتكرر تجربة حكومة دياب.

جلسة المجلس اليوم

على صعيد آخر يعقد مجلس النواب جلسة عامة اليوم برئاسة الرئيس بري في قصر الاونيسكو لمناقشة واقرار اعلان حالة الطوارئ على ضوء قرار مجلس الوزراء الاخير الذي حصر الطوارئ في بيروت.

ومن المتوقع تلاوة الاستقالات التي قدمها عدد من النواب الى الامانة العامة للمجلس، وبمجرد تلاوتها امام الهيئة العامة فانها ستصبح سارية المفعول.

والجدير بالذكر ان الذين تقدموا باستقالات خطية هم: نواب الكتائب: سامي الجميل، نديم الجميل والياس حنكش. والنواب: بوليت يعقوبيان، هنري حلو، مروان حماده، ميشال معوض، وديما جمالي.

ومن المنتظر ايضاً ان تشهد الجلسة مداخلات حول اخر التطورات لا سيما انفجار المرفأ وتداعياته، لكن الرئيس بري سيضبط كالعادة الجلسة لكي لا تخرج عن اطارها.

التحقيقات وموقف عون

وفي شأن التحقيقات المتعلقة بانفجار المرفأ جدد رئيس الجهمورية امس التأكيد على «انه حريص ان يأخذ التحقيق العدلي مداه الكامل، وفق النصوص المرعية، مستعينا بكل الخبرات التي يراها لتبيان الحقيقة الكاملة عن الانفجار وظروفه والمسؤولين عنه على كل المستويات».

وذكرت المعلومات ان التحقيق سيبدأ غداً مع وزراء اشغال ومال منذ العام 2016 وحتى يوم الانفجار.

من جهة ثانية رفض مجلس القضاء الاعلى اسم المحقق العدلي سامر يونس الذي اقترحته وزيرة العدل ماري كلود نجم، وابقى اجتماعاته مفتوحة بانتظار ورود اسم آخر من نجم.

ولاحقاً طلبت وزيرة العدل في الحكومة المستقيلة من مجلس القضاء الاعلى تبرير رفضه.

من جهة اخرى طلب الرئيس بري امس من وزيري المال والثقافة غازي وزني وعباس مرتضى منع اي استغلال للمساس بالملكية او المضاربة العقارية او تغيير الطابع العمراني والتراثي او التاريخي لمناطق بيروت المتضررة من انفجار المرفأ.

واعلن وزير الثقافة منع اجراء اي معاملة بيع او تصرف او تأمين تتعلق بهذه العقارات المتضررة ومنع تسجيلها الا بعد انتهاء الترميم وموافقة وزارة الثقافة.

مساعدة المانية كهربائية

وعلى صعيد المساعدات الدولية والعربية للبنان نشط الرئيس الفرنسي لترجمة مقررات المؤتمر الدولي الاخير، وتناول مع الرئيس الروسي في اتصال هاتفي تسريع تقديم المساعدات المالية وجمعها لتسريع عملية الاغاثة واعادة الاعمار.

وفي هذا الاطار ايضاً ابلغ وزير الخارجية الالماني هيكو جوزف ماس الرئيس عون خلال زيارته له، امس ان مبلغ العشرين مليون يورو الذي قدمته المانيا ستليه مساعدات اخرى لدعم الاقتصاد اللبناني، معلناً ان شركة «سيمنز» الالمانية قررت تقديم مولدين للطاقة بقوة 80 ميغاوات لتأمين التيار الكهربائي لمدة سنة مجاناً الى اكثر من 65 الف نسمة، وتقدر كلفة هذا العمل بـ45 مليون يورو. واشار الى ان المعدات اللازمة ستصل الى بيروت خلال الايام المقبلة ليتم تركيبها في المناطق المنكوبة.