افتتاحيات الصحف

افتتاحيات الصحف ليوم السبت 8 آب 2020

افتتاحية صحيفة النهار

شرعيتكم سقطت… متى ترحلون؟

… وماذا بعد؟ ثلاثة أيام بعد الزلزال ولبنان بكل مناطقه تحول الى مشهد جنائزي تتوزع في أنحائه مواكب التشييع والجنازات والدموع الحارقة فيما مشهد الدمار في بيروت والمناطق التي ضربها إعصار مرفأ بيروت تشهد على حرقة النبض التطوعي الواسع لشباب لبنان وشاباته من جهة، والتصاعد غير المسبوق لغضب حارق ينذر بتطورات ربما تبلغ هذه المرة ذروة الخطورة. ومع ذلك فان كل هذا الغليان والغضب والأسى وكل هذا النبض الحارق المتفجر للبنانيين الذين سقطت على رؤسهم كارثة انفجار 4 آب كانها نهاية الطريق في سلاسل الكوارث وذروتها المأسوية المفجعة، لم يجد جسر وصل بعد برموز السلطة من رأس الهرم الى أسفله، فاذ بنا البارحة تماما امام مشاهد تقليدية من التصريحات والكلمات البائدة التي ان وجد من سمعها فهي عكست البهتان والتكلس وانعدام استعدادات اهل العهد والحكومة والسلطة لفهم وإدراك ان الزلزال الذي انفجر في 4 آب كانت له امتدادات زلزالية لا تتوقف عند مئات الشهداء وألوف الجرحى ومئات الاف المتضررين، بل ضربت أولا وأخيرا كل رموز السلطة من اعلى الهرم الى أسفله بما يستحيل بعد الزالزال ان يمضي كما كان قبله في واقع العهد والحكومة والسلطة وحتى مجلس النواب نفسه. ولسوء حظ المسؤولين المعنيين في رأس الهرم أولا أي رئيس الجمهورية ميشال عون انه اختار او ترك لفريقه اختيار لحظة شديدة السوء في الإطلالة على الاعلام غداة الزيارة الخارقة للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لبيروت وما تخللها من محطات مذهلة في كشف واقع سقوط الثقة الشعبية اللبنانية سقوطا مدويا بالعهد والرئيس والحكومة والطبقة السياسية بأسرها. لم يقنع كلام رئيس الجمهورية قطعا كل هؤلاء الذين انتظروا ان يظهر العهد أولا استعداده لاستجابة تداعيات الكارثة وما سبقها من أزمات صار العهد رمزا لاهوالها. كما لن يقنع أي نهج ستمضي فيه حكومة حسان دياب اليوم وغدا وبعده أفواج الضحايا اللبنانيين شهداء وجرحى ومصابين وذوي مفقودين تحت الركام والحطام في ليل أسوأ ما اقترفته دولة وسلطة في العالم من اهمال او تواطؤ او قصور او تآمر ادت في النهاية الى ما بات يصنف بانه احد أسوأ الانفجارات غير النووية في العالم. كان مشهد لبنان الحقيقي الحارق امس بين ايدي عشرات الشباب والشابات المتطوعين رافعين المكانس والرفوش في ورشة رفع الركام والحطام وتنظيف شوارع بيروت الجريحة وأحيائها ومناطقها المتضررة وقد توافدوا من سائر المناطق اللبنانية. هؤلاء الى الحيز الأكبر المتعاظم من اللبنانيين باتوا في الضفة الأخرى تماما من واقع الانهيار اللبناني يترقبون إشارة او مبادرة تنبئ بان اهل العهد والحكم والحكومة والسلطة التقطوا شيئا مما صار وقته البارحة قبل اليوم واليوم قبل الغد . انها حقيقة الانهيار التام الناجز الكامل لبقايا مهترئة بالثقة بكل الطبقة الحاكمة والرسمية سواء شاءت الاعتراف بذلك ولو متأخرة جدا بحيث لن يعود ينفع الاعتراف امام أسوأ ما قد يتطور اليه الوضع او استمرت في سياسة الانكار المدمر وطمر الرؤوس في رمال الهروب من الحقائق العارية والحارقة. ارتفع عدد الشهداء امس الى ما يتجاوز ال 154 شهيدا وفاق عدد الجرحى الـ5000 ويستحيل حتى الان حصر الحصيلة الإجمالية للزلزال فيما تتوالى الانباء الصادمة عن قصص الفواجع مثل استشهاد الطفلة ألكسندرا نجار. ويبكي لبنان شجعانا وأبطالا مثل جو عقيقي وعلي مشيك وعشرات مثلهم وقلبه يعتصر خوفا على عشرات آخرين من المفقودين. في هذا العبق الصادم المحزن وبعد النموذج التعبيري الصارخ الذي شكل ذروة زيارة الرئيس ماكرون وتحول استفتاء حارا حارقا ضد العهد والسلطة يرتسم السؤال الحائر المخيف: ماذا تراهم ينتظرون لاطلاق شرارة واحدة وحيدة لا سبيل سواها لوضع البلاد امام انقاذ حقيقي قبل خرابه خرابا مبينا؟ لقد سقطت مع الثقة المنهارة شرعية السلطة بكل مستوياتها وليس ما يجري في الشارع منذ انتفاضة 17 تشرين الأول أساسا فكيف الان؟ ولعل أسوأ ما يعكسه اهل العهد والحكومة والسلطة وكذلك مجلس النواب ولو منتخبا قبل سنتين ونيف ان يحتموا وراء شرعية صارت هي الأخرى ركاما وحطاما ولن تنفع في ترميمها كل الألاعيب السخيفة وكل الكذب وكل الكلام الخشبي وكل المناورات واصطناع التحسس مع الناس. امام صور شهداء قضوا في الانفجار او جرحى يعانون الام جراحهم وذوي ضحايا ومفقودين وكل الذين دمرت بيوتهم وممتلكاتهم ماذا تراهم ينتظرون بعد لكي يعلموا ان وقت الرحيل حان بل تأخر اكثر مما يمكن الاحتمال ووقت الانتخابات المبكرة رئاسية ونيابية شاملة قد أزف أخيرا ؟ بالأمس لاقى الشارع النابض بالغضب والمبادر تطوعا الى تنظيف بيروت السيدة ماجدة الرومي كرمز وصوت للثورة غداة ملاقاته ايمانويل ماكرون كرئيس اجنبي فرض حضورا أخاذاً في لحظة افتقاد اللبنانيين الى رموز تغيير. ماذا تراهم ينتظرون بعد من رسائل الشارع والمناطق والناس والضحايا والمعذبين والساخطين والغاضبين ؟ لقد استقال في أوقات متزامنة في الأيام الأخيرة الوزير السابق ناصيف حتي والنائب مروان حماده وسفيرة لبنان في الاردن تريسي شمعون ويتجه النائب نديم الجميل في الساعات المقبلة الى الاستقالة فيما ترددت معلومات تكتمت عليها الأوساط الكتائبية المعنية عن امكان ان يعلن رئيس الحزب النائب سامي الجميل استقالة نواب الحزب اليوم خلال مأتم الأمين العام الراحل للحزب نزار نجاريان. فلماذا لا تنطلق الموجة بأوسع مدى وتفرض التغيير الكبير من فوق الى تحت على كل مستويات السلطات؟

وما دام الشيء بالشيء يذكر هل من يملك إجابة قاطعة مقنعة تبدد الفضيحة الأحدث التي فجرها امس تحديدا النائب وائل أبو فاعور عن بدء عملية لإخفاء الجريمة مشيرا الى ” قاض يحسب على رئيس الجمهورية تجب حمايته وموظف محسوب على رئيس الحكومة تجب حمايته ويجب حماية بعض القضاء المتورط من رأسه حتى اخمص قدميه “. وجزم بان رئيس الجمهورية على علم بأمر مخزن المواد المتفجرة منذ توليه الرئاسة والأجهزة الأمنية أخبرته مرات عدة كان آخرها في 20 تموز الماضي كما ان امن الدولة اخبر رئيس الحكومة حسان دياب خطيا بخطر المتفجرات في 24 حزيران و20 تموز .

وما تجدر الإشارة اليه أخيرا ان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سارع امس الى النفي “نفيا قاطعا مطلقا حاسما جازما بان لا شيء لنا في المرفأ لا مخزن سلاح ولا صواريخ ولا بندقية ولا قنبلة ولا رصاصة ولا نيترات” ووصف المواقف المسبقة التي “حرضت على الحزب بانها على مستوى عال من الظلم والتجني “. اما المفارقة اللافتة في كلمة نصرالله فتمثلت في مرونته غير المألوفة حيال التحرك الخارجي في اتجاه لبنان انطلاقا من ترحيبه بزيارة ماكرون قائلا انه ينظر بإيجابية الى كل زيارة ومساعدة في هذه الأيام .

وفي تطور يكتسب دلالات بارزة سارع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى الرد على نصرالله فقال ” لن ادخل في جدل مع نصرالله لكن هناك سؤال هل من الممكن الا يعلم حزب الله بان هذه الكمية من النيترات موجودة منذ عام 2014 ؟ استخبارات الحزب قوية جدا فلماذا لم يبلغوا الدولة عن مثل هذا الخطر”.

*************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

تظاهرات حاشدة اليوم… “إحذروا غضب الناس”

تحقيق السلطة: الحقّ على “التلحيم”!

غادر إيمانويل ماكرون فعاد كل حيّ إلى حيّه، وعادت السلطة إلى دهاليزها لتحاول الالتفاف على مطالب الإصلاح والشفافية في تظهير نتائج التحقيقات في انفجار عنبر “النيترات”… فبعدما بدا جلياً من محضر جلسة “قصر الصنوبر” أنّ الاصطفافات السياسية حول مسألة الاستعانة بلجنة دولية في عملية التحقيق أنعشت ذاكرة “الانقسام الآذاري” بين قوى 8 و 14 آذار، سرعان ما كرس رئيس الجمهورية ميشال عون والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هذا الانقسام أمس من خلال تصديهما العلني لمطلب “المستقبل” و”القوات” و”الاشتراكي” و”الكتائب” بمشاركة دولية في لجنة التحقيق لضمان الوصول إلى نتائج شفافة ذات مصداقية بعيداً عن سطوة السلطة الحاكمة على الأجهزة القضائية والأمنية في البلد.

وعلى هذا الأساس يستعجل فريق 8 آذار الحاكم استصدار النتائج والخلاصات النهائية للجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة بغية قطع الطريق على مطالبة قوى المعارضة بتحقيق دولي من شأنه أنّ يكشف المستور ويمنع طمس الحقائق أو اللعب بمسرح الجريمة وصولاً ربما إلى رفع سقف تحديد المسؤوليات ليبلغ مستوى تحميل “رؤوس كبيرة” في الطبقة الحاكمة مسؤولية ما جرى باعتبار أنّ كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب كانا على اطلاع مباشر بتقارير التحذير من خطورة تخزين “نيترات الأمونيوم” في المرفأ ولم يحركا ساكناً، في حين أنّ لجنة التحقيق الحكومية تعتزم حصر المسؤولية بمسؤولي المرفأ الإداريين والجمركيين، وهي قد توصلت بالفعل إلى خلاصة شبه نهائية تضع أغلب اللوم في مسببات ما جرى على “تلحيم” باب العنبر رقم 12 بوصفه أطلق الشرارة الأولى للإنفجار الكبير.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة على ملف التحقيقات لـ”نداء الوطن” أنّ الأمور وصلت إلى خواتيمها على صعيد عمل لجنة التحقيق التي يترأسها رئيس الحكومة حسان دياب، كاشفةً أنّ “ما توصل إليه التحقيق هو أنّ شرارة نيران تطايرت جراء عملية التلحيم ووصلت إلى مخزون من المفرقعات ما أدى إلى اندلاع الحريق الأول بدايةً، ثم ما لبثت المفرقعات أن بدأت بالانفجار تباعاً وأسفرت في نهاية المطاف عن انفجار مخزون النيترات الموضّب في المرفأ”.

وبينما تخطى عدد الموقوفين العشرين شخصاً على ذمة التحقيق، نقلت المصادر أنّ من بين الموقوفين “العمال السوريين الثلاثة الذين تولوا عملية تلحيم باب العنبر، بحيث أفادوا خلال التحقيق معهم أنهم كلفوا بهذه المهمة ولم يكونوا على علم مطلقاً بالمواد المخزنة خلف الباب، فأنجزوا مهمتهم وغادروا المرفأ قبل نحو ساعة من الانفجار لكي يتبيّن لاحقاً أنّ إحدى شرارات عملية التلحيم كانت قد تطايرت إلى داخل العنبر الذي يحوي مفرقعات فأحدثت حريقاً سرعان ما أدى إلى أكثر من تفجير صغير كما ظهر في الفيديوات المسجلة للحظات الأولى التي توثق حادثة اندلاع النيران في المرفأ إلى أن شكلت هذه التفجيرات ما يشبه الصواعق المحفّزة لتفجير مادة النيترات”، مشددةً على أنّ “مستوى الإهمال كان كبيراً في هذا الملف إلى حد تبيّن معه أنّ متعهد أعمال الصيانة لم يكن على دراية بالموجودات داخل العنبر الذي كُلّف صيانة بابه، بينما كان من الواجب على إدارة المرفأ أن تطلعه على وجود مواد شديدة الاشتعال والانفجار في المكان لكي ينبّه عماله إلى ضرورة توخي الحذر”.

ورداً على سؤال، أكدت المصادر أنّ “التحقيقات لم تُثبت ضلوع الطيران الإسرائيلي أو أي قصف صاروخي بوقوع انفجار المرفأ”، كاشفةً أنّ “رادارات الجيش اللبناني لم تظهر أي شيء من هذا القبيل، ولكن التحقيقات لا تزال مستمرة في ما يتعلق بهذه الفرضية ولم تُحسم بعد 100%”، كما لفتت إلى أنّ “عمليات فحص التربة في مكان الانفجار من أكثر من زاوية وفي أكثر من بقعة لم تُظهر سوى مخلفات مادة النيترات ولم يتبيّن أي أثر لما يمكن اعتباره بقايا صاروخ، غير أنّ التحقيقات ستتواصل في هذا المجال بانتظار ما سيتم تزويد السلطات اللبنانية به من صور للأقمار الاصطناعية”.

وعن الجانب المتعلق بإهمال إدارات وأجهزة الدولة، أوضحت المصادر أن هناك أكثر من علامة استفهام تطرح حول هذه النقطة وأبرزها: “لماذا لم يقم الجيش اللبناني بوضع اليد على كميات النيترات التي علم منذ العام 2015 بوجودها، ولماذا لم يبادر إلى إزالتها أو تلفها، سيما وأنها تعتبر مادة شديدة الانفجار ولها استخدامات عسكرية؟ ولماذا تأخر تحقيق مديرية أمن الدولة في هذا الملف خصوصاً وأنها اكتشفت وجود مخزون المواد الكيماوية في شهر 12 من العام 2019 لكنّ التحقيق لم يبدأ في القضية إلا بحلول شهر 5 من العام 2020، فلماذا تأخر انطلاق التحقيق 5 أشهر؟” مشددةً على أنّ التعاطي الرسمي والإداري والأمني في مقاربة موضوع بهذا الحجم من الخطورة لم يكن على القدر الكافي من المسؤولية “فعلى الأقل كان يجب فتح أبواب العنبر وجرد موجوداته كماً ونوعاً بدل الاكتفاء بتلحيم بابه وسد الثغرات فيه، سيّما وأنّه مما تبيّن في التحقيقات على سبيل المثال أنّ جهاز أمن الدولة لم يكن يعلم بوجود مفرقعات وتينر وغيرها من المواد المشتعلة والمتفجرة إلى جانب مخزون النيترات، هذا عدا عن أنّ عدم إحصاء كمية المخزون من هذه المواد الكيماوية يفسح المجال أمام تسريب بعضها أو تهريبه لأغراض ربحية أو إرهابية، علماً أنّ بعض الخبراء يرجّح أن تكون الكمية التي انفجرت في العنبر رقم 12 أقل من 2700 طنّ من نيترات الأمونيوم لأنّ انفجار كمية بهذا الحجم كان ليسبب ضرراً أكبر بكثير مما حصل”.

واليوم، تتجه أنظار السلطة إلى الشارع على وقع تواتر معطيات نقلتها أوساط في الحراك المدني وتفيد بأنّ بعض المسؤولين الرسميين أجروا اتصالات خلال الساعات الأخيرة ببعض المعنيين الأمنيين والعسكريين للتشديد على ضرورة ضبط إيقاع التحركات الشعبية ومنع تفلّت الأمور تحت وطأة تعاظم نقمة المواطنين جراء انفجار بيروت، وحذرت الأوساط في المقابل من أنّ “أي محاولة قمعية من جانب السلطة وأجهزتها ضد المتظاهرين اليوم سيؤدي إلى اشتعال الشارع أكثر”، متوجهةً إلى الطبقة الحاكمة بالقول: “إحذروا غضب الناس هذه المرة ولا تضعوا العسكر في مواجهة شعبه”.

*************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

ترامب يتصل بعون… والفاجعة تعمّق الإنــقسام..

48 ساعة، يُفترض انّها فاصلة عن لحظة الحقيقة المنتظرة التي تميط اللثام عن السبب الذي ادّى الى الكارثة التي دمّرت مرفأ بيروت، ونكبت كل المناطق المحيطة به، وذهب ضحيّتها ما يزيد عن 5 آلاف بين شهيد وجريح ومفقود.

ومساء، برز تطوّر لافت، حيث تلقّى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدّم خلاله تعازيه والشعب الأميركي بضحايا الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، مؤكداً وقوفه الى جانب لبنان في هذه الظروف. وإن مساعدات عاجلة سترسل الى لبنان للتضامن مع شعبه.

وأكد ترامب لعون أنه سيشارك في مؤتمر باريس الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدعم لبنان وتقديم مساعدات عاجلة له.

الحقيقة!

بالتأكيد، انّ انبلاج الحقيقة التي يُفترض ان تقدّمها لجنة التحقيق واضحة لا تشوبها شائبة، لن تعوّض الخسائر الكارثية التي خلّفها هذا الزلزال، ولا الارواح البشرية التي ازهقها، ولا اجساد الجرحى ولا البيوت والمؤسسات وجنى عمر الناس، التي اضحت دماراً ورماداً، الّا انّها مطلوبة لتحديد «المجرمين» في اي موقع كانوا، ومعاقبتهم على «جريمة العصر» التي ارتكبوها بحق بيروت ولبنان وكل اللبنانيين، بالتكافل والتضامن والشراكة الكاملة، مع منظومة السلطة وما يتفرّع عنها من محميات فساد ومغاور لصوص ومرابع واوكار، لفاقدي الانسانية والاخلاق.

بالأمس، اعطى التحقيق اشارة بأنّه توصّل الى شيء ما، حينما امر بتجميد حسابات موظفين حاليين وسابقين، لهم ارتباط وظيفي بمرفأ بيروت، وبتوقيف آخرين. والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا المجال؛ هل سيُكتفى بذلك، ام انّ حبل التوقيفات سيشدّ على رقاب مستويات رفيعة على صلة بهؤلاء، كانوا في موقع المسؤولية او لا يزالون فيها؟

الحقيقة التي تطلبها بيروت، بشهدائها وجرحاها وركام بيوتها ومؤسساتها المدمّرة، ينبغي ان تكون صارخة، لا بل ناصعة في صدقيتها، تبدّد الغموض الذي ما زال يكتنف الانفجار وسببه او اسبابه او مسببيه، وتقدّم اثباتات لا تقبل ادنى شك فيها، حول السبب الحقيقي، سواء اكان ناجماً عن احتكاك كهربائي كما قيل، او عن حريق عرضي، او عن حريق بفعل فاعل، او عمل عدواني بعبوة ناسفة، او بهجوم خفي، بطائرة او بصاروخ او بجسم متفجّر؟ وذلك يتطلب بالدرجة الاولى امتلاك لجنة التحقيق الحقيقة العلمية لما كان يحتوي عليه العنبر 12، والتي تحدّد ماهية الانفجار، أكان من داخل العنبر او خارجه، وهذا ما يفترض أن يؤكّده خبراء عسكريّون مختصون، وخبراء في علم الكيميائيات وتفاعلاتها، فهل هؤلاء الخبراء موجودون؟ وهل ستطلب اللجنة منحها مزيداً من الوقت؟ وهل ستطلب الاستعانة بخبراء ومختصين من الدول الصديقة والشقيقة؟

التحقيق

وفيما استمرت التحقيقات في انفجار المرفأ، سألت «الجمهورية» مرجعاً امنياً حول مسار التحقيق، فرفض الدخول في اي تفصيل، واكتفى بالقول: «التحقيق يجري على كل المستويات، مع موظفين مدنيين وغير مدنيين، ووفق ما هو مرسوم، وهناك امور كثيرة اصبحت في ايدي المحققين، والنتائج ستظهر قريبا جداً».

ورداً على سؤال عمّا اذا كان التوقيف سيطال رؤوساً كبيرة حتى سياسيين، ان ثبت تورطهم، اكّد المرجع : «لا توجد خيمة فوق أحد».

وأفيد مساء امس، عن توقيف المدير العام للجمارك بدري ضاهر في ملف تفجير مرفأ بيروت بعد التحقيق معه من قِبل القاضي غسان الخوري وبإشراف من المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات.

وسألت «الجمهورية» وزير المالية غازي وزني حول التوقيفات فقال: «ما حصل كبير جدًا، ولا غطاء على أحد مهما كان حجمه او موقعه، وكل متورط يجب ان يحاسب». واشار الى انّه سيتم التدقيق المالي في حسابات كل الموقوفين.

اكثر من 20 موقوفاً

الى ذلك، افيد بأنّ عدد الموقوفين في تزايد مستمر وفاق امس الـ20 موقوفاً. وفي المعلومات، انّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي استمع الى المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي وآخرين حول كيفية وصول الباخرة «روسوس» الى لبنان وإنزال البضائع منها وتخزينها، وكذلك حول المسؤول عن التخزين والمراسلات، التي جرت بين الجمارك وبين جهات قضائية وغير قضائية.

وفي خلاصة اولية لهذه التحقيقات، يتبيّن انّ جميع المعنيين بأمر باخرة «روسوس» كانوا على علم بخطورة مواد «نيترات الامونيوم» التي كانت تحملها. خصوصاً بعدما فحص الجيش نسبة الآزوت فيها، وتبيّن انّها تبلغ 34,7 في المئة، وهي نسبة خطيرة جداً، في حين يجب ان تكون فقط 11 في المئة.

وعُقد امس اجتماع بين فريق خبراء التحقيق الفرنسيين والمدّعي العام التمييزي، للاطلاع على سير التحقيقات وخطة العمل. ويأتي ذلك في وقت افيد فيه بأنّ مفرقعات نارية كانت موجودة ايضاً في العنبر 12 حيث كانت «نيترات الامونيوم» مخزّنة.

الإنتربول

الى ذلك، أعلن الانتربول عن إرسال فريق خبراء دوليين مختصين في تحديد هوية الضحايا إلى موقع انفجار بيروت بطلب من السلطات اللبنانية.

الاستقالة واردة

علمت «الجمهورية» أن المكتب السياسي لحزب الكتائب سيجتمع اليوم وسيكون موضوع استقالة نواب الحزب من البرلمان على طاولة البحث.

وفي هذا الإطار، قالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد: «انّ استقالتها من الحكومة واردة في اي لحظة في حال عدم التمكن من تحصيل حقوق المواطنين، وإذا لم يصل التحقيق المحلي إلى نتيجة في 5 ايام، فسنطرح قضية التحقيق الدولي على مجلس الوزراء».

حذار اللفلفة

لقد ضُربت بيروت في 4 آب 2020، بشبه قنبلة نووية نكبت العاصمة ودمّرت المرفأ ومحت معالم مناطق بأكملها، وستُضرب بما يعادلها، وربما اكثر، إن جاءت الحقيقة المنتظرة مبتورة او منقوصة، او غامضة قابلة للتأويل، او مستبطنة لمنحى اللفلفة والاكتفاء بالتضحية ببعض الرؤوس الصغيرة وحصر المسؤولية فيها، دون ملامسة الرؤوس الكبيرة التي كانت او لا تزال في موقع المسؤولية.

ولعلّ اللافت في هذا السياق، ما اعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من انّ «التحقيق يرتكز على 3 مستويات، اولاً على كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12، والثاني، ما اذا كان الانفجار نتج بسبب الاهمال او حادث قضاء وقدر، والثالث، هو احتمال ان يكون هناك تدخّل خارجي ادّى الى وقوع هذا الحادث».

وقال عون: «لن يكون هناك اي غطاء لكل من تورط في انفجار مرفأ بيروت، وانّ ابواب المحاكم ستكون مفتوحة امام الكبار والصغار، ولا احد يستطيع ان يمنعني من كشف الحقائق»، رافعاً في الوقت نفسه شعار «بيروت ستعود اجمل مما كانت»، ومعلناً انّ هناك مساعدات دولية ذات قيمة ستصل الى لبنان، وانّ مخطط اعادة الاعمار في طريقه الى التنفيذ».

المعارضة

وبرغم كل ذلك، فإنّ السلطة في نظر المعارضة متهمة من رأسها الى اسفلها وبكل اجهزتها السياسية والامنية والقضائية، ومن هنا تتعالى المطالبات من «القوات اللبنانية» و»تيار المستقبل» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» بلجنة تحقيق دولية في الانفجار.

ولفت في هذا السياق، التشكيك المسبق بنتائج التحقيق، وتجلّى ذلك في ما كتبه عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل ابو فاعور امس: «عملية اخفاء الجريمة بدأت، قاضٍ يُحسب على رئيس الجمهورية تجب حمايته، وموظف محسوب على رئيس الحكومة تجب حمايته، بعض القضاة متورط من رأسه حتى اخمص قدميه وبدأت عملية اخفاء الملفات وحماية المتورطين».

نصرالله

الى ذلك، وصف الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله انفجار المرفأ بالفاجعة والمأساة، معرباً عن تضامنه مع المتضررين وعائلات الشهداء والجرحى والمفقودين. منتقداً بعض وسائل الاعلام المحلية والعربية التي حرّضت على الحزب واستبقت التحقيق، بمحاولاتها ربطه بالانفجار.

واكّد نصرالله أنّ «في هذا الأمر ظلماً وتجنياً وقلباً للحقائق». وقال: «انني أنفي نفياً قاطعاً مطلقاً أن لا شيء يعود لنا في المرفأ والتحقيق سيثبت ذلك، وانّ القول بأنّ «حزب الله» يتحمّل المسؤولية لأنّه يتحكّم بالمرفأ هو كذب، نحن لا ندير ولا نسيطر ولا نتحكّم بالمرفأ ولا نعرف ماذا يوجد فيه».

ولفت الى انّ «التحقيقات جارية والحقائق يفترض ان تظهر سريعاً، والتحقيق الجنائي والأمني يمكن أن يحدّد الموجودات في المخزن وطبيعة المواد وكيف حصلت عملية التفجير. وهذا الأمر لا يحتاج الى وقت طويل، وعندما تظهر الحقائق أتمنى من الرأي العام في مختلف المناطق أن يحاكم وجدانياً هذه المحطات وأن يحكم عليها ويقاطعها لأنّها محطات كاذبة».

الى ذلك، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لقناة «العربية»: لا أعتقد أنّ «حزب الله» لم يكن عنده علم بالشحنة الخطيرة في المرفأ ونصرّ على أن يكون هناك تحقيق لبناني – دولي».

هول الفاجعة

مع كل يوم يتكشّف هول الفاجعة أكثر فأكثر، عدد الشهداء أصبح على مشارف الـ160، ولا أثر لعشرات المفقودين، كما انّ المواطنين المنكوبين يلملمون ما تبقّى من جنى عمرهم المدمّر، وفي العين دمعة وفي القلب حسرة، وفي اليد خواء لا يعوّض رزقاً صار مفقوداً. فيما جسور المساعدات الخارجية تنقل الى لبنان دعم الاشقاء والاصدقاء، الذي على أهميته، لا يكفي لسد زاوية من الدمار الشامل الذي لحق ببيروت وأهلها.

يُشار في هذا السياق الى أنّ مجموعة الدول المانحة ستجتمع غداً عبر الفيديو لبحث الوضع في لبنان. وأعلن رئيس المجلس الاوروبي شارل ميشال عن زيارة له اليوم الى بيروت التي يصلها اليوم ايضاً الامين العام لجامعة الدول العربية، وكذلك وفد تركي رسمي رفيع تواكب مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من انّ تركيا ستقف الى جانب لبنان وشعبه بكل ما تملك، فيما توالت المساعدات بالوصول من الدول العربية وتحديداً من السعودية، إضافة الى مساعدات اميركية اعلنت السفارة الاميركية في بيروت انها بلغت ما يزيد عن 17 مليون دولار، وطلبت منظمة الصحة 15 مليون دولار للاحتياجات الطارئة بعد انفجار بيروت، فيما أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمجلس الأمن الروسي عن «نية موسكو تقديم المزيد من الدعم إلى لبنان». وقال: «إنفجار بيروت حادثة مأساوية»، منوّهاً بأنّ «مجموعة تم تشكيلها من عناصر وزارتي الطوارئ والصحة الروسيتين، بتوجيهات منه، قد وصلت إلى المدينة». وأوضح: «شرعَ زملاؤنا بالعمل في العاصمة اللبنانية بعد انفجار المرفأ، وسنفكر في فعل المزيد لمساعدة الناس في هذا البلد».

والوضع في لبنان كان محور اتصال هاتفي بين ماكرون والرئيس الاميركي دونالد ترامب، وأعلن البيت الابيض أنهما بحثا تداعيات انفجار بيروت واتفقا على تقديم مساعدة فورية.

لنفتح خزائنهم

الى ذلك، قال مرجع كبير لـ«الجمهورية»: أؤيّد قول رئيس الجمهورية انّ الانفجار فك الحصار الدولي عن لبنان، لقد أصابتنا مأساة كبرى، والعالم كله حالياً «فاتِح» عيونه تجاه لبنان، فدعونا في لبنان نستفيد من هذه الفرصة ونسعى الى حمله على فتح خزائنه لمساعدتنا على تجاوز أزماتنا، فاللهفة الدولية مشكورة، الّا انها تبقى غير كافية اذا لم تقترن بمساعدات ضرورية وعاجلة للبنان. وهذا بالتأكيد لا يعفي الحكومة من ان تبادر الى خطوات إصلاحية سريعة.

مجموعة دول!

ولعل الأكثر من مفجع، في موازاة ما حصل، هو انّ الطاقم السياسي، الحاكم وغير الحاكم، وبدل ان يتوحّد في مواجهة هذه الفاجعة الكبرى التي ضربت البلد، وبدل ان يكون مستنداً الى مقاربة وطنية واحدة لكيفية ازالة آثار هذه الفاجعة، أدخلها في بازار الانقسام السياسي واتخذها منصة للانتقامات المتبادلة والاستثمار السياسي والمزايدات والشعبويات ومحاولة تسجيل نقاط على بعضهم البعض، وهي الفضيحة الكبرى التي تجلّت أمام أعين العالم اجمع، وظهرت بأبشع صورها في لقاء ممثلي القوى السياسية المتخاصمة مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي لم يشعر أنّه أمام لبنانيين، بل شعر أنّ امامه مجموعة أطراف، وكل طرف ينتمي الى دولة ثانية غير لبنان، وكلّ منهم غَنّى على ليلاه، وكل طرف ينظر الى لبنان من منظاره، ويريد ان يحكمه وفق رؤيته الخاصة.

أمّا الرئيس الفرنسي فكان أحرص منهم على وحدتهم من أنفسهم حينما قال لهم: «أمامكم فرصة لإعادة بناء الثقة، يجب ان تتفاهموا مع بعضكم البعض، والمسائل البعيدة الأمد اتركوها وعالجوا المشكلة الآنيّة، وأنصحكم بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وكلكلم معنيون في ان تكونوا معاً في الحلول، وتتشاركوا في معالجة الامور وحل مشكلات المواطن اللبناني. وإن قمتم بذلك، فأنا أضمن لكم الدعم الاوروبي والاميركي والسعودي والايراني، ولكن قبل ذلك تفاهموا مع بعضكم البعض».

وأكثر من ذلك، فإنّ ماكرون ألقى الكرة في أيدي اللبنانيين، حيث كان حاسماً في طلبه ان تبادر الحكومة اللبنانية الى إجراءات وخطوات إصلاحية سريعة، مشيراً الى انها امام فرصة من الآن وحتى موعد عودته في أول ايلول، ملوّحاً بأنه سيكون لباريس موقف آخر إذا حَضر ولم يجد هذه الاجراءات قد اتخذت. ونقلت احدى الشخصيات المشاركة في اللقاء عنه قوله ما مفاده «إن لم تقوموا بالاصلاحات من الآن وحتى اول ايلول، فإنّ فرنسا ستكون مضطرة لأن تخرج لبنان من سلّم أولوياتها».

على انّ اللافت للانتباه تجلّى في الأسئلة التي تطرحها تلك الشخصية ولم تصل الى أجوبة عنها بعد، ومفادها: «ما الذي هَمس به الرئيس الفرنسي في نهاية لقاء قصر الصنوبر لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد؟ وما هي الرسالة التي حمّله إيّاها؟ ولماذا يتكتم «حزب الله» عليها؟

هل انتهى الطائف؟

واذا كان رئيس الجمهورية قد اشار بالأمس الى اننا امام تغييرات، وهنا يبدأ الكلام عن نظام جديد لذلك، وهو كلام أعقب طرح الرئيس الفرنسي بعقد سياسي جديد في لبنان، خصوصاً انّ النظام القائم قد انهار على حد قوله، فإنّ هذا الطرح أحيط بتساؤلات كبرى، تمحورت كلها حول اتفاق الطائف وما إذا كان المقصود بالطرح الفرنسي الذهاب الى طائف جديد؟

وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية سنيّة (من «14 آذار») لـ«الجمهورية» انّ طرح ماكرون مفاجىء، يُدغدغ من جهة مشاعر فئة من اللبنانيين، لكنه في الوقت نفسه يستفزّ فئة أخرى، ما يعني انّ الرئيس الفرنسي من خلال هذا الطرح، وبدل ان يكون حلاً للمشكلة اللبنانية، يصبّ الزيت على نار الأزمة ويعمّق الانقسام الداخلي أكثر، ويعقّد هذه المشكلة أكثر فأكثر».

وفيما عبّرت اوساط حكومية عن تحفظّها الشديد حيال المَسّ بالطائف، قالت لـ»الجمهورية» إنها فوجئت بالطرح الفرنسي، ولم تتلق اي إيضاحات حول المقصود بهذا الطرح في هذا الوقت بالذات.

وفي رأي هذه الاوساط إنّ طرحَ ماكرون عقداً سياسياً جديداً ليس في مكانه ولا زمانه، في الوقت التي يشهد لبنان اكبر فاجعة انسانية في تاريخه. وإن كان المقصود هو الطائف، فهذا يعني انّ الطرح الفرنسي ساقط سلفاً، فالطائف كلّف ما كلّف اللبنانيين من أثمان للوصول إليه برعاية عربية ودولية، وهو الدستور الذي يحكم البلد، ولا نعتقد انّ هناك انقلاباً في الموقف الدولي على الطائف او التسليم بأنه انهار ولم يعد ملائماً للوضع اللبناني».

ورداً على سؤال حول طَرح ماكرون البَدء بعقد سياسي جديد، قال أحد رؤساء الحكومات السابقين لـ»الجمهورية»: نحن نقدّر اللهفة والعاطفة اللتين أبداهما الرئيس الفرنسي تجاه لبنان، ولا نعتقد انه يقصد تغيير الطائف، لأنّه يعرف انّ المَس بالطائف معناه إشعال فتيل أزمة كبرى في لبنان الى جانب ما يعانيه من أزمات اقتصادية ومالية، فضلاً عن الازمة الكبرى التي حلّت به جرّاء انفجار مرفأ بيروت.

وخَلص الرئيس المذكور الى السؤال: لنفترض انّ ماكرون يقصد تغيير الطائف، فهل انّ العرب، وتحديداً المملكة العربية السعودية، تؤيّد هذا الطرح، ثم ماذا عن الأميركيّين؟ فهل هم في جَو الطرح الفرنسي؟ وهل يقبلون بنسف الطائف؟ بالتأكيد انّ الجواب عند ماكرون.

حكومة الوحدة

وفي موازاة ذلك، فإنّ طرح تشكيل حكومة وحدة وطنية الذي عرضه ماكرون، شَغل الاوساط السياسية على اختلافها، واللافت بحسب مصادر فرنسية مرافقة لماكرون انه لقيَ تجاوباً من مختلف القوى السياسية اللبنانية.

وفي هذا الاطار، كشفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ انفجار مرفأ بيروت، عَطّل توجّهاً جدياً لتعديل نوعي لحكومة حسان دياب، بعدما كانت مشاورات حوله في الغرف المغلقة قد قطعت شوطاً مهماً.

وبحسب المصادر انّ الانفجار حرّكَ لدى قوى سياسية فاعلة، وبعضها من الحاضنة السياسية للحكومة، فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية لتواكب ما استجَدّ، وجاء طرح ماكرون ليعزّز هذه الفكرة. وبناء على ذلك، توقعت المصادر أن يوضع موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة على نار حامية، في الفترة التي تلي صدور نتائج التحقيق في ملابسات انفجار المرفأ.

وعندما سُئلت المصادر: اذا تشكيل حكومة وحدة وطنية ينبغي أن يسبقه استقالة الحكومة الحالية، فهل انّ استقالة حسان دياب واردة، علماً انه لطالما اكد انه ليس في وارد الاستقالة؟ أجابت: عندما يتقرّر السَير بحكومة وحدة وطنية لا نعتقد انّ في مقدور احد أن يعطّل ذلك.

وعمّن سيكون رئيس هذه الحكومة؟ قالت: قد يكون دياب، وقد يكون غيره، وفي أي حال إنّ اسم رئيس الحكومة ستحسمه الاستشارات النيابية الملزمة.

وعندما سُئلت: هل يمكن ان يقبل الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة ان قرّ الرأي عليه، علماً انّ له شروطاً، كما انّ لأطراف اخرى شروطها؟ أجابت المصادر: انّ وضع البلد حالياً يتطلب حكومة وحدة، وماكرون قدّم فرصة لأن يلتئم الجرح مهما كان عميقاً ببلسم الوحدة الوطنية. أمّا في ما خَصّ الشروط، فالأزمة تجاوزتها، ولا بد للجميع من أن يتخلّوا عن شروطهم ويقدّموا تنازلات.

*************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

عون يرفض التحقيق الدولي في الانفجار بحجة «حماية السيادة»

«حزب الله» يشارك الرئيس موقفه… والمعارضة طلبت دعم ماكرون لطلبها

دخل لبنان في تأزم سياسي جديد، إثر إعلان الرئيس ميشال عون رفضه إجراء تحقيق دولي في تفجير مرفأ بيروت، معتبراً أن المطالبة بالتحقيق الدولي في قضية المرفأ «الهدف منها تضييع الحقيقة»، مضيفاً أن «العدالة المتأخرة ليست بعدالة»، نافياً أن يكون الأمر قد طرح في المحادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول من أمس.

وينقسم لبنان الآن بين فريقين، الأول يطالب بلجنة تحقيق دولية ويمثله «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب»، فيما يعارض الفريق الآخر المتمثل بـ«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» لجنة التحقيق الدولية.

وقالت مصادر مطلعة على لقاء رؤساء الكتل النيابية اللبنانية مع الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر أول من أمس، إن الأطراف التي كانت تنضوي تحت فريق «14 آذار» في السابق، تتقاطع عند هذه النقطة ونقطة أخرى هي عدم وجود دولة فاعلة في لبنان. وأشارت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع طلب رسمياً من ماكرون أن يدفع باتجاه تحقيق دولي جدي وفعال لكشف الحقيقة وملابسات الزلزال الذي ضرب بيروت، وقال له إن اللبنانيين يعولون على فرنسا لتحقيق هذا المطلب، في مقابل معارضة ممثل «حزب الله» حيث اعتبر رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد في الاجتماع أن لا ثقة بتحقيق دولي يمكن أن يكون مخترقاً من إسرائيل.

وأكد الرئيس عون في دردشة مع الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، أن هدفه تبيان حقيقة انفجار مرفأ بيروت من خلال التحقيق الجاري، مشدداً على تحقيق العدالة وعلى أن أحداً لا يمكنه أن يدفعه باتجاه الخطأ أو يمنعه من كشف الحقائق. وقال: «في هذه القضية لن يكون صغير أو كبير بل ستكون أبواب المحاكم كلها مفتوحة أمام الكبار والصغار على حد سواء».

ورداً على سؤال عن إمكانية التدويل، أكد الرئيس عون أن «ليس هناك من تدويل، فإذا لم نتمكن من حكم أنفسنا، فلا يمكن لأحد أن يحكمنا، ولن تمس السيادة اللبنانية خلال عهدي».

وكشف رئيس الجمهورية أن مسؤولية ما حدث تتوزع على ثلاث مراحل: كيف دخلت المواد المتفجرة إلى المرفأ، وكيف وضعت، وكيف حفظت لسبع سنوات حيث تعاقبت عدة حكومات كما تعاقب عدد من المسؤولين وقد كتب البعض إلى السلطات المختصة في المرفأ والمسؤولين عن الموضوع وأنذروهم بخطورة الموضوع. طبعا كان هناك عدم إدراك أو إهمال في القيام بالأعمال اللازمة.

وأضاف: كما أن ثمة احتمالين لما حصل، إما نتيجة إهمال أو تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة، وقد طلبت شخصيا من الرئيس الفرنسي أن يزودنا بالصور الجوية إذا ما كانت متوفرة لدى الفرنسيين كي نستطيع أن نحدد إذا كانت هناك طائرات في الأجواء أو صواريخ. وإذا لم تكن هذه الصور متوفرة لدى الفرنسيين فسنطلبها من دول أخرى كي نتمكن من أن نحدد إذا ما كان هناك اعتداء خارجي أو أن ما جرى ناشئ عن إهمال.

وشدد الرئيس عون على «أننا أمام تغييرات وإعادة نظر بنظامنا القائم على التراضي بعد أن تبين أنه مشلول ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة»، وأشار إلى أنه في ظل الكلام عن قيام حكومة وحدة وطنية، «يجب تحضير الأجواء المناسبة لذلك، ولا يمكننا أن ندعو إلى حكومة وحدة لنصل إلى الانقسام الذي شهدناه في الحكومات». غير أن هذا الموقف عكس شرخاً سياسيا تنظر إليه مصادر سياسية على أنه سيفاقم التأزم والانقسام في المشهد اللبناني، بالنظر إلى الانقسام السياسي حول لجنة تحقيق دولي تدفع باتجاهها قوى المعارضة. وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب يؤيد لجنة تحقيق دولية كونه لا ثقة بأي تحقيق محلي، موضحة أن السبب الأول يتمثل في أنه «لا يمكن لأطراف محلية قد تكون مسؤولة عن التخزين وعدم معالجة موضوع هذه المواد، أن تدين نفسها أو تقوم هي بالتحقيق فيه، فذلك يترتب عليه تضارب في المصالح والمسؤوليات».

وأضافت أن السبب الآخر للمطالبة يتمثل في أنه «نتيجة واقع الفساد في لبنان وسياسة الأمر الواقع، لا يمكن التوصل إلى الحقيقة، لذلك فإن الوصول إلى الحقيقة لا يمكن أن يتم بواسطة اللبنانيين». وعليه، «فإننا متمسكون بتحقيق جدي وشفاف ولا يمكن أن يحصل إلا إذا كان دوليا»، معربة عن خشية الحزب من أن تكون هناك محاولات «لتمييع ما حصل».

ويلتقي «القوات» مع «المستقبل» على هذه النقطة. ورأى الرئيس تمام سلام، أن «الثقة بالسلطة الحالية مفقودة، الأمر الذي يستدعي تشكيل لجنة دولية أو عربية للتحقيق في ملابسات الانفجار في مرفأ بيروت». وقال في حديث إذاعي: «الغاية من اللجنة الدولية الوصول إلى نتيجة دقيقة وشفافة وحاسمة. لبنان يمر بمرحلة من الاضطراب السياسي، ومعظم القيمين على السلطة الحالية غير قادرين على إدارة البلاد بشكل سليم. هم يتعثرون في كل خطواتهم وغير قادرين على المشكلات المالية أو ضمان استقلالية القضاء، لذلك لبنان في طريقه لأن يصبح دولة فاشلة. والمطلوب في الدرجة الأولى، الثقة بالسلطة، إلا أن هذا أمر غير متوفر في الوقت الحالي».

*************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

ماكرون يجهد لعقد مؤتمر الدول المانحة.. وعون ونصرالله يرفضان التحقيق الدولي

جنبلاط يقلّل من رواية حزب الله.. ومذكرات توقيف وجاهية بحق ضاهر ومرعي وقريطم

في الوقت الذي انصرف فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لتحضير الارضية لمؤتمر دولي لمساعدة لبنان، بدأت على الارض تتوضح أهوال الكارثة الكبيرة التي ضربت العاصمة بيروت، ولبنان ككل، بدءاً من الدمار الهائل الذي طال أحياءها وعماراتها القديمة والحديثة في الجميزة وشارع مار مخايل، ووسط المدينة الى خندق الغميق وزقاق البلاط الى كل الأحياء الشعبية والتجارية، وحتى التي تعتبر «راقية» الى استمرار عمليات رفع الانقاض، وانتشال الجثث، والوضع الصحي الخطير لأكثر من مئة الف طفل تضررت منازلهم او نزحوا نتيجة الانفجار، وحدت لغاية تاريخه 154 شهيداً، وأكثر من 5000 جريح، وعشرات المفقودين.

على ان اخطر ما في المشهد، انتفاضة الشعب اللبناني، وإمساكه بالأرض، لرفع الانقاض، وكنس الزجاج والحطام، وتوزيع المساعدات، في وقت خلت الساحة من عمل الفرق الفنية التابعة للوزارات، التي ذهب بعض وزرائها خارج بيروت، لمتابعة أمور عامة او خاصة.

بالتزامن، تشهد بيروت اليوم سلسلة زيارات، ابرزها للامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، الذي نقل رسالة تضامن عربي، ونائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، كما يصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي سيمثل الدول الاعضاء، في مؤتمر الجهات المانحة، الذي تنظمه فرنسا، وأرجئ من يوم غد الى موعد اخر، لتأمين مساعدات عاجلة لسكان مدينة بيروت.

وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاد دير ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ناقشا خلال مكالمة هاتفية اليوم الجمعة العمل سوياً مع دول اخرى من اجل ارسال مساعدة فورية الى لبنان، وكذلك تمديد حظر الامم المتحدة لتوريد الاسلحة الى ايران.

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نية موسكو تقديم المزيد من الدعم إلى لبنان، بعد الانفجار المدمر الذي هز حديثاً مرفأ بيروت. ووفقاً لما ذكرته «روسيا اليوم»، وصف بوتين في اجتماع عقده مع الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الروسي، انفجار بيروت بأنه حادثة مأساوية، مشيراً إلى أن مجموعة تم تشكيلها من عناصر وزارتي الطوارئ والصحة الروسيتين بتوجيهات منه قد وصلت إلى المدينة. وتابع الرئيس الروسي: «قد شرع زملاؤنا بالعمل في العاصمة اللبنانية بعد انفجار المرفأ، وسنفكر في فعل المزيد لمساعدة الناس في هذا البلد».

وكشفت المفوضية الأوروبية بعد محادثة مع الاليزيه إن موعد الاجتماع «سيُعلنه قصر الإليزيه». وأوضحت المفوضية أنه كان مطروحا تنظيم المؤتمر الأحد، لكن هذا الموعد الذي أعلنه المتحدث باسم المفوضية، لم يتسنَ تأكيده بسبب عدد الجهات التي يُفترض التواصل معها.

وأعلن المتحدث باسم المفوضية الاوروبية اريك مامير أن «المفوضية ستمثل بالمفوض المكلف المساعدة الانسانية جانيز لينارتشيتش. وسينظم المؤتمر عبر الفيديو بهدف جمع أموال لتقديم مساعدة انسانية عاجلة» للبنان.

وأضاف «سنسعى لتقييم الحاجات الانسانية وسنحتاج إلى أكبر قدر من المعلومات» لذلك. وشدد على «اننا في مرحلة طارئة. المؤتمر ليس لإعادة الاعمار لأن ذلك يأتي في مرحلة لاحقة». ونسقت المفوضية الأوروبية عملية ارسال 300 مسعف متخصص إلى بيروت وصرفت 33 مليون يورو للحاجات الأولية العاجلة خصوصا المساعدة الطبية. وقال «علينا التحقق من أن الأموال التي ستوضع في التصرف ستدار بأكثر الطرق فعالية». من جهته اعلن المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل «تؤكد المؤسسات الاوروبية على ضرورة تطبيق الاصلاحات التي يطالب بها الشعب».

كشفت مصادر ديبلوماسية مواكبة لزيارة ماكرون ماقاله للرؤساء الثلاثة خلال أجتماع بعبدا بأن زيارته الى لبنان هي زيارة دعم لبلد صديق في هذه الظروف الصعبة بعد التفجير المدمر، مؤكداً ان بلاده حريصة على القيام بمايمكن لمساعدة اللبنانيين المتضررين مشيرا إلى ان هذه المساعدات الانسانية والطبية ستسلم الى الجهات الحكومية المختصةفي حين ان المساعدات العينية قد تقدم مباشرة لهؤلاء المتضررين بناء على طلبهم لعدم ثقتهم بالمسؤولين كما ابلغوني خلال زيارتي للمناطق المتضررة. واكد الرئيس الفرنسي امام الرؤساء الثلاثة بأن المساعدات المالية الدولية لحل الازمة المالية والاقتصادية تتطلب القيام سريعا بسلة الاصلاحات المطلوبة في القطاعات التي تستنزف مالية الدولة،كالكهرباء والجمارك والمعابر وغيرها ومن دونها لايمكن تقديم هذه المساعدات وقد ابلغناكم ذلك مرارا عبر سفيرنا بلبنان وخلال زيارة وزير الخارجية اخيرا مشيرا الى نيته تنظيم مؤتمر دولي في باريس لحشد الدعم المطلوب وفي رده على ماقاله رئيس الجمهورية بان الحكومة باشرت الاصلاحات باقرار مشروع التدقيق المالي بالمصرف المركزي قال ماكرون: هذا اجراء روتيني وعادي والمطلوب اقرار سلة الاصلاحات الأخرى.وتمنى ماكرون خلال اللقاء على الرؤساء التعجيل قدر الإمكان بهذه الاصلاحات من جهة وضرورة الاستماع إلى مطالب المواطنين وصرخاتهم بالتغيير والعمل على إعادة الثقة المفقودة معهم قدر الامكان لانه لايمكن للسلطة ان تتجاهل من اعطوها اصواتهم وتستمر في ممارسة مهماتها وكأن شيئا لم يكن. واشارت المصادر إلى ان لقاء الرئيس الفرنسي مع القيادات السياسية كان مهما وجديا حيث أبلغ المجتمعين بضرورة مقاربة الأوضاع بعقلية جديدة ومنفتحة تنهي التباعد بينهم وتفتح صفحة جديدة من التعاون الجدي لمصلحة النهوض بلبنان. ودعا الحاضرين الى العمل لتطوير النظام السياسي والخروج من حالة المراوحة غير المجدية والمعطلة للديناميكية السياسية لمقاربة المشاكل والمطالب الملحة للمواطنين والاستجابة السريعة لها لانها تشكل اولوية حاليا وتمنى العمل على تشكيل حكومة جديدة بالتفاهم بين الجميع وتضم العدد الأكبر من ممثلي الأطراف السياسيين وممثلي المجتمع المدني وتحضرلاجراء انتخابات نيابة مبكرة استجابة لمطالب المتظاهرين ولتجديد الحياة السياسية في البلادوداعيا في الوقت نفسه الى ابعاد تأثير سلاح حزب الله عن ادارة الدولة ومؤسساتها لانه لايمكن استقامة الوضع السياسي في حال استمر الوضع الداخلي على هذه الوضعية الحالية وملمحا ان البحث في موضوع سلاح الحزب ليس وقته حاليا. وفي اجتماعه مع ممثلي المجتمع المدني دعا هؤلاء للالتزام بالتظاهر السلمي لتحقيق مطالبهم واستبعاد الاساليب العنفية من تحركاتهم المطلبية وابعد كل الذين يحاولون استغلال وضرب هذه التحركات ومؤكدا تعاطفه معهم.

الجسر السعودي

وإنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بالوقوف إلى جانب الأشقاء في لبنان وتقديم العون والمساعدة للشعب اللبناني الشقيق إثر الانفجار الذي حدث في مرفأ بيروت، قام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتسييّر أولى طلائع الجسر الجوي السعودي للجمهورية اللبنانية الشقيقة بهدف مساعدة منكوبي الانفجار للتخفيف من مصابهم عبر تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لهم.

فقد انطلقت اليوم طائرتان إغاثيتان من مطار الملك خالد الدولي تحملان أكثر من 120 طناً من الأدوية والأجهزة والمحاليل والمستلزمات الطبية والإسعافية والخيام والحقائب الإيوائية والمواد الغذائية، تمهيدًا لنقلها للمتضررين في بيروت، يرافقها فريق مختص من المركز لمتابعة عمليات التوزيع والإشراف عليها.

وأوضح المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على المركز الدكتور عبدالله بن عبد العزير الربيعة في تصريح صحفي، أن الجسر الإغاثي الذي انطلق امس يأتي تنفيذًا للتوجيهات الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بتقديم مساعدات طبية وإنسانية عاجلة للشعب اللبناني الشقيق عبر المركز لدعمه في تجاوز تبعات انفجار بيروت.

وأكد أن ما يقوم به خادم الحرمين الشريفين يجسد القيم الإنسانية الراسخة التي يتحلى بها قادة هذا الوطن المعطاء، مبينًا أن هذه المساعدات تبرز الدور المحوري للمملكة على مستوى العالم في تقديم المساعدات للمحتاجين أينما كانوا بكل حيادية.

دولياً، قال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية في إفادة عبر الإنترنت للأمم المتحدة إن الأضرار التي لحقت بالمستشفيات تسببت في تقليص عدد الأسرّة المتاحة بواقع 500 سرير مشيرا إلى أن الانفجار تسبب في إلحاق أضرار كلية أو جزئية بخمسة مستشفيات.

كما دمر الانفجار حاويات تضم أطنانا من أدوات الحماية الشخصية المستخدمة لمكافحة انتشار مرض كوفيد-19 في وقت تتزايد فيه حالات الإصابة بالمرض في البلاد.

وقال كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية «النظام الصحي الضعيف بالفعل في لبنان بسبب أزمة اللاجئين وكوفيد-19 والأزمتين الاقتصادية والسياسية ونقص معدات الوقاية الشخصية للعاملين في القطاع الصحي مشكلة ضخمة».

ونقلت منظمة الصحة العالمية إمدادات من دبي إلى لبنان لعلاج من تعرضوا لحروق وإصابات بسبب الزجاج المتطاير والحطام.

وأظهرت دعوة أرسلت للدول الأعضاء أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومنسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالمنظمة مارك لوكوك سيعقدان إفادة عبر الإنترنت الأسبوع المقبل لمناقشة الموقف الإنساني بعد الانفجار وجهود الأمم المتحدة لدعم سبل مواجهة الكارثة إضافة إلى «تسليط الضوء على الفجوات التي تحتاج إلى دعم عاجل».

وقال ليندماير «المستشفيات تعمل فوق طاقتها بسبب عدد المصابين» مضيفا أن الانفجار دمر أيضا 17 حاوية أرسلتها منظمة الصحة العالمية كانت تضم إمدادات طبية وأحرق تماما أدوات الحماية الشخصية.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة إنه يعتزم استيراد دقيق القمح وطحين الحبوب المخصص للمخابز والمطاحن للمساعدة في الحيلولة دون حدوث نقص في الغذاء.

وقال البرنامج إنه قلق من أن يؤدي الانفجار والأضرار التي لحقت بالمرفأ إلى تفاقم «وضع الأمن الغذائي الصعب بالفعل» والذي تدهور بسبب الأزمة المالية الحادة.

وقال تشارلي ياكسلي المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين «هناك احتياج ضخم إلى توفير مأوى». وأضاف أن المفوضية تقوم بتوفير مخزونات من إمدادات الإيواء والأغطية.

وأشار ياكسلي إلى أن العديد من اللاجئين قد يكونون ضمن القتلى وفقا لتقارير أولية لكنها غير مؤكدة.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن نحو مئة ألف طفل من بين المشردين. كما دمر الانفجار مدارس كانت تضم 55 ألف تلميذ ودمر منشأة حيوية لرعاية حديثي الولادة.

وذكرت ماريكسي ميركادو المتحدثة باسم يونيسيف أن «المناطق المحيطة بالانفجار تضم بعضا من أكثر البؤر النشطة لانتقال العدوى محليا» في إشارة إلى كورونا.

مجلس الوزراء

ويعقد مجلس الوزراء عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الاثنين المقبل جلسة في قصر بعبدا، لمتابعة البحث في مستجدات وتطورات الأوضاع الناجمة عن كارثة الانفجار في المرفأ.

وقال وزير الصناعة عماد حب الله لـ «اللواء» ان جلسات مجلس الوزراء ستواصل متابعة موضوع تفجير مرفأ بيروت وتحديد الخطوات الواجب اتخاذها لأغاثة الناس ونتائج التحقيق متمنيا ان يصل هذا التحقيق الى خواتيمه. واكد الوزير حب الله ان القضاء يأخذ مجراه وان هناك توقيفات تحصل .

واشار الى ان الوضع دقيق وان المناكفات لا تفيد ونحن في حالة طوارئ وواجباتنا تقتضي تضميد جراح الناس.

التجاذبات إلى الواجهة

لم تمض أيام قليلة على نكبة بيروت الناجمة عن انفجار العنبر رقم 12 في المرفأ، حتى برزت إلى الواجهة تجاذبات، أبرزها ما يتعلق بالجهة التي يتعين ان يناط بها التحقيق في جريمة الانفجار، وحدود مسؤوليات القوى السياسية المشاركة في السلطة أو المعارضة.

الرئيس ميشال عون خرج من مكتبه في قصر بعدا إلى دردشة مع الصحافيين ليبعث بحملة رسائل يمكن اختصارها على النحو التالي:

1 – لا تدويل للأزمة، فإذا لم تتمكن حكم انفسنا لا يمكن لأحد ان يحكمنا، لن تمس السيادة في عهدي.

2 – لم يبد حماساً لحكومة وحدة وطنية، متخوفا من العودة إلى «الانقسام الذي شهدناه في الحكومات السابقة»، ويجب تحضير الأجواء المناسبة.

3 – خاطب اللبنانيين الحزائن بقوله: تعرفوني ويعرف اللبنانيون العماد عون في الحرب كما في السلم، لا أحد يمكن ان يدفعني باتجاه الخطأ، كما لا أحد يمكنه ان يمنعني من كشف الحقائق والعزاء يكون بتطبيق العدالة».

4 – التحقيق الدولي في قضية المرفأ الهدف منه تضييع الحقيقة، فالقضاء يجب ان يكون سريعا.. واضعاً سيناريو من 3 مراحل لتحديد المسؤوليات:

أ – كيف دخلت المواد المتفجرة إلى المرفأ.

ب – ما حصل نتيجة إهمال أو تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة، وطلبت شخصاً من ماكرون ان يزودنا بالصور الجوية..

ج – هناك تحقيق يجري مع المسؤولين المباشرين، في ضوء تقرير جهاز أمن الدولة.

د- وأقر الرئيس عون بأنه تلقى تقريراً في العشرين من تموز الفائت يتضمن معلومات حول الموضوع، واوعز فوراً إلى الاتصال بالامين العام لمجلس الدفاع والتواصل مع المعنيين بالأمر لاجراء اللازم.

مشيرا ردا على سؤال عن السبب الذي جعله لا يُبادر إلى إعطاء الأوامر بإزالة المواد المتفجرة بعدالتقرير: المواد دخلت عام 2013، لم اكن على علم بها، ولا بمدى خطورتها، كما ان صلاحياتي لا تسمح لي بالتعاطي المباشر بالمرفأ.. وهناك تراتبية يجب احترامها.

وقال: نحن امام تغييرات وإعادة رؤية بنظامنا القائم على التراضي، بعد ان تبين انه مشلول، ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة، لأنه يجب ان تمر عبر عدّة سلطات وتكون توافقية، وعندما يكثر عدد الأشخاص لا يمكن الوصول إلى توافق.

وليلاً، الرئيس عون اتصالا هاتفيا من الرئيس الاميركي دونالد ترامب قدم خلاله تعازيه والشعب الاميركي بضحايا الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، مؤكدا وقوفه الى جانب لبنان في هذه الظروف وان مساعدات عاجلة سترسل الى لبنان للتضامن مع شعبه

واكد الرئيس ترامب للرئيس عون انه سيشارك في مؤتمر باريس الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدعم لبنان وتقديم مساعدات عاجلة له.

ورد رئيس الجمهورية مخاطباً ترامب: نحتاج الى العمل سويا للمحافظة على استقرار لبنان الامني والاجتماعي والتعاون في سبيل النهوض بلبنان ، علما ان مسيرة الاصلاحات قائمة وعملنا على تنفيذ العديد منها ، كما نأمل التعاون سويا في محاربة الفساد الحقيقي ومحاسبة الفاسدين

واعرب ع أمله في ان تساعد الولايات المتحدة في انهاء ملف ترسيم الحدود البحرية.

وفي سياق التجاذب الدولي- الإقليمي، اعتبر أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي، تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته إلى بيروت تدخلا في شؤون لبنان. وقال في تغريدة ان تصريحات ماكرون: «أعطت بعداً اضافياً» إلى المحنة التي وقع فيها الشعب اللبناني في ظل الانفجار المدمر الذي هزّ الثلاثاء مرفأ بيروت.

وبعد موقف الرئيس عون برفض التحقيق الدولي.

نفى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله وجود أي أسلحة تابعة لحزبه مخزنة في مرفأ بيروت، رداً على تقارير وتحليلات حول الموضوع منذ وقوع الانفجار الضخم.

وقال نصرالله في خطاب تم بثه مباشرة عبر محطات تلفزة، «أعلن اليوم نفياً قاطعاً ومطلقاً وحاسماً.. أنه لا شيء لنا في المرفأ، لا يوجد مخزن سلاح أو مخزن صواريخ أو بندقية أو قنبلة أو رصاصة أو نيترات (الأمونيوم) على الإطلاق». واعتبر أن اتهام حزبه بأي علاقة بالحادثة ينطوي على «مظلومية استثنائية».

ووصف نصرالله الانفجار بـ«الفاجعة الكبرى والمأساة الانسانية»، مقترحاً أن يتولى الجيش الذي ينظر اليه في لبنان كمؤسسة مستقلة ويلتف حوله اللبنانيون من الاتجاهات السياسية والطائفية كافة اجراء التحقيقات.

ورحّب نصرالله بالزيارات الأخيرة إلى لبنان، التي أجراها «وزراء ووفود من دول عديدة»، معتبراً أن «الأبرز» كانت زيارة ماكرون. وتابع «ننظر بإيجابية إلى كل مساعدة وتعاطف مع لبنان وكل زيارة في هذه الأيام إلى لبنان، خصوصا إذا كانت تأتي في إطار مساعدة لبنان أو الدعوة إلى لمّ الشمل والتعاون والحوار بين اللبنانيين».

وسارع النائب السابق وليد جنبلاط رداً على سؤال لـ «العربية» إلى عدم قبول ما أعلنه نصر الله وتساءل: «هل يعقل أن حزب الله ليس معه خبر بالشحنة الخطيرة في المرفأ؟ لا أعتقد ذلك. لست مقتنعاً برواية حسن نصرالله».

كما أضاف: «لا نثق بتحقيق الأجهزة المحلية التي أصابها الاهتراء والتسييس»، مؤكداً: «نصر على أن يكون هناك تحقيق لبناني – دولي بانفجار المرفأ».

إلا ان المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أكّد اننا «سنكون على استعداد للنظر بأي طلب للتحقيق في الانفجار الهائل في مرفأ بيروت بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إجراء تحقيق دولي.ومع ذلك، لم نتلق أي شيء من هذا القبيل».

وكشف حق أنه «يمكن للأمين العام أنطونيو غوتيريش فتح تحقيق إذا أجازت هيئة تشريعية تابعة للأمم المتحدة مثل الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا أو مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا ذلك.

وفي سياق متصل ذكرت «رويترز» ان دائني لبنان يساورهم قلق من احتمال أن تكون الخسائر أشد وطأة، وذلك بعد أن عقّد انفجار مدمر في بيروت عملية لإعادة هيكلة الديون متعثرة بالفعل.

ومما يسلط الضوء على قتامة التوقعات، هوت سندات البلاد السيادية الدولارية البالغة قيمتها 31 مليار دولار، والتي تضررت بسبب قلة السيولة منذ التعثر في السداد، جميعها لأقل من عشرين سنتا للدولار منذ مارس آذار الماضي.

وبحسب بيانات من ماركت أكسس، زادت أحجام تداول السندات اللبنانية لتبلغ أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع يوم الأربعاء، فيما تشير مصادر مالية إلى دفعة من جانب بعض الدائنين سعيا لبيع حيازاتهم.

وقال ستيفن ريتشولد مدير المحفظة في ستون هاربور إنفستمنت التي تمتلك بعضا من السندات الدولية اللبنانية «يعني ذلك تزايد احتمالات أن يحظى لبنان بتعاطف من المجتمع الدولي، لكننا لا نعلم ما ستتمخض عنه هذه الآلية وما تعنيه بالنسبة لبرنامج الإصلاح». من حيث قيم التعافي، لن تكون إيجابية. إذا حدث أي شيء، فسيكون بالسلب. لكن المحدد الرئيسي هو حقائق الميزانية العمومية على أرض الواقع للمؤسسات المعنية المختلفة، أي الحكومة والمصرف المركزي والبنوك المحلية، وهذا هو ما سيقود التعافي».

وقال دائن أجنبي رفض ذكر اسمه «الاحتمالات أكثر سوءا من ذي قبل…تسلط الحلقة الضوء على مدى ضعف حالة الحكم في لبنان».

توقيف ضاهر ومرعي وقريطم

وعلى صعيد التحقيقات حقق القاضي غسّان الخوري، باشراف المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات مع مرعي، وقريطم، وجرى توقيفهما، كذلك تمّ توقيف المدير العام للجمارك ضاهر على ذمة التحقيق أيضاً.

وكشف مصدر مسؤول ان عدد الموقوفين أصبح 20 شخصاً.

وأعلن الانتربول عن إرسال فريق خبراء دوليين مختصين في تحديد هوية الضحايا إلى موقع انفجار بيروت بطلب من السلطات اللبنانية.

واستمرت أمس، عمليات البحث تحت انقاض منشآت مرفأ بيروت ومحيطه عن ضحايا الانفجار الذي حصل قبل اربعة ايام في العنبر رقم 12، وامكن انتشال سيدة على قيد الحياة واربعة جثامين، فيما استمر التحقيق بالجريمة وتم استدعاء مدير عام الجمارك بدري ضاهر الى الشرطة العسكرية بعد مدير المرفأ حسن قريطم. كما باشرت لجان مسح الاضرار عملها تمهيدا لإعادة اعمار ما تهدم والتعويض على المتضررين.

وذكرت مصادر متابعة للتحقيق في انفجار المرفأ ل «اللواء»: أن المعطيات اكدت وجود مفرقعات في العنبر رقم ١٢، وهي التي ادى اشتعالها الى انفجار حاويات نيترات الامونيا خلال التلحيم وسد الثغرات في جدار وباب العنبر؛ وان عدد الذين تم استدعاؤهم للتحقيق بلغ ١٩ شخصا حتى الآن. من مسؤولي المرفأ والجمارك وشركة الصيانة التي تعاقدت معها إدارة المرفأ. وتم نقل عمال الصيانة الاربعة الذين تولوا تلحيم وسد الثغرات من مديرية امن الدولة الى الشرطة العسكرية في الريحانية لمتابعة التحقيق معهم.

وتشارك فرق روسية وايطالية وفرنسية وبرازيلية وقطرية في أعمال رفع الأنقاض، مستخدمة آلات ومعدات إضافية، وكلاب بوليسية مدربة.

عمليات المسح

وعلى صعيد عمليات مسح الاضرار، ذكرت المعلومات انها مستمرة من قبل لجان الجيش اللبناني، فيما تابع الامين العام لهئية الاغاثة اللواء محمد خير جولاته الميدانية وحاول طمأنة الناس الى ان حقوقهم محفوظة، وقال في بيان له مساء امس: أن لجان مسح الأضرار التابعة للجيش تواصل عملها في الكشف على المنازل والمؤسسات والمحلات والسيارات، بهدف وضع جدول كامل بالأضرار، على أن يصار لاحقا إلى تحديد آلية إصلاح هذه الأضرار، استناداً إلى طبيعة المساعدات التي تصل الى لبنان.

أضاف: في ما يتعلق بأصحاب المنازل والمؤسسات والمحلات والسيارات الذين لا يستطيعون اصلاح الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم، فإنه سوف يتم الإعلان عن آلية مرتبطة بالمساعدات وخطة الحكومة لإعادة الإعمار على ان يعلن عنها لاحقا.

وقال خير في حديث تلفزيوني: إنه تم تسريع الامور في عمليات الكشف على الاضرار والعمليات بدأت، واوضح بأن هناك تركيزاً على المنطقة الاكثر تضرراً. وهناك ​مساعدات​ من الخارج والداخل للمتضررين، والاحتفاظ بالفواتير اساسي بالنسبة لنا، وتقريبا هناك حوالي 8000 بناء متضرر في ​بيروت​ وسنعمل قدر المستطاع لانهاء العمل في اسرع وقت ممكن.

لكن مصادررسمية متابعة لعملية المسح قالت لـ«اللواء» ان الهيئة التي تقوم بعمل جبار يتجاوزطاقتها، لا يمكنها الانتهاء من عمليات مسح الاضرار وتقييمها من خلال عشرين لجنة مسح فقط، وان المطلوب من قيادة الجيش البحث في زيادة عدد اللجان الى حدود مائة لجنة وإلا ستتأخر عملية مسح الاضرار اشهراً طويلة.

5951

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 279 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 5951.

*************************************

افتتاحية صحيفة الديار

ماكرون تعاطف مع الجميع وخلوته مع رعد مميزة ومبادرته تنضج في أيلول

عون: في عهدي السيادة محترمة … التحقيق جار لكن هل له سقف محدد؟

نور نعمة

رغم المأساة والفاجعة والألم والحزن الذي تعيشه البلاد بعد ان اصبحت بيروت مدينة منكوبة من جراء الانفجار الضخم لمرفأ بيروت، لم يتوحد السياسيون والاحزاب لا بل انقسموا الى فريقين حول التحقيق في هذا الملف : الفريق الاول وهو العهد والتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة امل اللذين تمسكوا بتحقيق لبناني لمعرفة النتيجة، اما الفريق الثاني فهو القوات اللبنانية والكتائب والتقدمي الاشتراكي الذين طالبوا بتحقيق دولي لانفجار المرفأ.

وايضا قيام الاحزاب والجهات اللبنانية بتفسير زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت وفقا لمزاجها وتوجهها السياسي يعكس ان الارادة السياسية الجامعة غير متوافرة رغم المرحلة الاليمة التي يعشيها اللبنانيون بعد انفجار المرفأ. وقالت اوساط السياسية للديار ان ما سمعه المسؤولون من الرئيس ماكرون كان كلاماً قاسيا وصريحا حيث دان الجميع، اضافة الى انتقاده اللاذع للأداء السياسي الذي اوصل البلد الى الهلاك، ولكن اختلفت التفسيرات حول دعوة الرئيس الفرنسي للتغيير . ذلك ان ماكرون لم يدخل في تفاصيل الحكم ولم يقل تغيير النظام بل كان كلامه واضحا ان «ما بعد 4 آب 2020 ليس كما قبل 4 آب 2020» مطالبا بالتغيير مفاده ان السلطة السياسية لا يمكن ان تستمر في النهج ذاته بل يجب التغيير في هيكلية السلطة والأداء. ومن هنا دعا الرئيس الفرنسي الى حكومة وحدة وطنية منطلقا من ان لا احداً يمكن الغاءه ولا احد يمكن ان يدعي انه يمثل اللبنانيين جميعا. اما اللافت في كلام ماكرون ورده على اسئلة تحمل في طياتها اتهام حزب الله بانفجار مرفأ بيروت ان اجوبة الرئيس الفرنسي كانت موضوعية غير ظالمة وغير مستبقة للتحقيق حول هذا الحادث.

وفي هذا السياق، خيب الرئيس الفرنسي آمال «الثلاثي المعارض» حيث كشفت اوساط بارزة في 8 آذار لـ «الديار» ان ماكرون لم يتجاوب ايجابا مع طرح حكومة الحياد والمستقلين والانتخابات النيابية المبكرة اذ شدد على ان لبنان دولة مستقلة ولديها سيادة وان اي تغيير سياسي يجب ان يمر عبر المؤسسات الدستورية والداخلية وان لا يمكن لفرنسا ان تفرض على اللبنانيين مسؤولين وشعباً اية سيناريوهات. اما في شأن التحقيق الدولي حول انفجار المرفأ فكان موقف الرئيس الفرنسي واضحا حيث قال : «ادعو لإجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف لمنع إخفاء الامور أولاً ولمنع التشكيك ثانياً».

وقالت اوساط سياسية ان مطالبة بعض الجهات الداخلية بتدويل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت لا تنبع من عدم ثقتهم بالقضاء او التحقيق اللبناني بل لاعتبارهم ان التدويل هو الوسيلة الوحيدة والفاعلة لمحاربة حزب الله وإضعافه. ولكن حرص الفرنسيين على توجيه رسالة مفادها انهم لا يقاطعون «حزب الله» وان التواصل ليس ممنوعاً معه، حرص ماكرون على لقاء النائب محمد رعد والقوى النيابية الاخرى في الموالاة والمعارضة.

في المقابل، الناس يريدون ان يكون التحقيق دولياً في قضية انفجار المرفأ، ولكن دون خلفية سياسية بل لانعدام الثقة بالدولة ومؤسساتها واعتبارها دولة فاشلة. وعليه، تنطلق مسيرة شعبية من المتضررين وغيرهم من انفجار مرفأ بيروت المهول حيث سترفع المشانق كتعبير عن غضب الناس ودعوتهم لمعاقبة المسوؤلين عن الانفجار وإنزال اشد العقوبات من بينها الاعدام. وستظل هذه المسيرة الشعبية الكبيرة متواصلة الى يوم الاثنين المقبل تزامنا مع انعقاد جلسة الأمن لايصال رسالة للمجتمع الدولي ان اللبنانيين يريدون تحقيقاً دولياً في قضية انفجار مرفأ بيروت ولا يثقون بدولتهم.

وفي غضون ذلك، حذرت اوساط سياسية من محاولة قيام جهات لبنانية باستغلال الانفجارالمهول الذي حصل في مرفأ بيروت للقيام بانقلاب سياسي بما ان لبنان تحت المجهر الدولي، مشيرة الى ان هذا التوجه الفتنوي قد يؤدي الى اقتتال داخلي في حين ان هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اللبنانيون يجب ان تكون للقيام بالنقد الذاتي ومراجعة الحسابات من اجل بناء دولة افضل بمؤسساتها ومرفئها وأحزابها وحكوماتها ووزرائها ونوابها.

التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

اما عن التحقيق الجاري حول انفجار مرفأ بيروت، فهو تحقيق امني وكل الذين حقق معهم يقولون انهم ارسلوا الرسائل والمذكرات لقاضي الامور المستعجلة في بيروت فهل يتم التحقيق مع القاضي ؟ وهنا طرحت اشكالية جديدة امام المحققين، اذ تقود كل التحقيقات الجارية الى مراسلات حصلت مع القضاء، وبالتالي لجلاء الحقيقة كاملة على الجهات المولجة بالتحقيق الاستماع الى القضاة المعنيين، وهو ما ليس من صلاحيات الضابطة العدلية، اذ لا يجوز التحقيق مع قاض الا من قبل التفتيش القضائي، ما يعني عمليا فتح تحقيق مواز لدى القضاء، ما سيطرح الكثير من علامات الاستفهام سواء على الصعيد الداخلي ام الخارجي. فهل يكسر قاضي التحقيق الاصول ويطالب بالاستماع الى زملائه المعنيين ام سيكتفي بسقف محدد؟ رغم ان معضلة اخرى تطرح على الصعيد السياسي لا تقل اهمية مرتبطة ببعض الحصانات التي يتمتع بها بعض من تولى المسؤولية طوال تلك السنوات.

وهنا السؤال : هل هناك سقف محدد في التحقيقات التي طالت المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي و المدير الحالي بدري ضاهر او مدير مرفأ بيروت حسن قريطم دون الوصول الى معاقبة الرؤوس الكبرى في هذه القضية؟

الى اين وصل التحقيق في انفجار المرفأ؟

التحقيقات التي انطلقت والتي حدد سقفها الزمني بمهلة خمسة ايام يبدو انها لن تكون جاهزة ضمن المهلة المحددة مع تشعب الملفات وكثرة المستندات التي يعمد كل من المعنيين بها الى تقديمها دفاعا عن نفسه، ما يفسر اقتصار التوقيفات حتى تاريخه على عدد محدود جدا من اصحاب «العيار الثقيل»، مع تأكيد مصادر مطلعة انه ليس وارداً حتى الساعة استدعاء اي وزراء مرجحة ان لا تقدم السلطات المولجة بالتحقيق على القيام بأي خطوة ناقصة محذرة في الوقت نفسه من الانجرار وراء الشائعات وعدم استباق نتائج التحقيقات.

فما الثابت في التحقيقات اللبنانية حتى الساعة؟

توصلت التحقيقات الجارية في مقر الشرطة العسكرية في الريحانية تحت اشراف القاضي المختص الى بعض الخلاصات والمعلومات على مستوى تحديد المسؤوليات. وعليه، تم توقيف حوالى 20 شخصا على ذمة التحقيق من مختلف المستويات، الادارية او اشخاص على علاقة مباشرة بالعنبر 12 بدءاً من فريق التلحيم (الموقوف لدى فرع المعلومات) ووصولا الى مسؤول العنبر وعدد من العمال، فيما لا يزال التقرير الفني الذي تعده الوحدات الهندسية غير منجز في انتظار بعض المعطيات. وعلمت «الديار» ان الصور التي التقطها القمر الصناعي الاماراتي قبل وبعد الانفجار اضفت معلومات مهمة في مسار التحقيق، ولذلك طلبت الدولة اللبنانية من فرنسا تسليمها صوراً جوية اذ تعول جهات التحقيق على الصور الفرنسية لحسم مسألة استخدام صاروخ في العملية من عدمه. ويشار الى ان فريقا مختصا قام بجمع كافة المواد الاعلامية من صور وافلام لدرسها وتحليلها ووضع تقرير بنتيجتها لتسليمه للجهات المولجة بالتحقيق.

وفي الانتظار، فان النقاط الواضحة تتلخص في:

– جزم التحقيقات بوجود عملية صيانة للمعبر قبيل الانفجار قامت بتلحيم بعض الابواب وسد ثغرة اساسية في جدار العنبر رقم 12.

– التوصل الى تحديد المواد التي كانت موجودة داخل العنبر.

– رسم خريطة واضحة للمسؤوليات الادارية والهرمية الوظيفية للاطراف المعنية في مرفا بيروت حيث كشف انه لا يوجد حارس لعنبر رقم 12.

– تسلم تقرير أولي حول حجم الانفجار والأضرار التي خلفها في مكانه لجهة عمقه وقطره.

من جهتها، باشرت السلطات القبرصية تحقيقاتها مع مالك السفينة، «ايغور غريتشوشكين» ، المتزوج من قبرصية ويحمل الجنسية الروسية، دون ان تعرف دوافع الخطوة القبرصية مع تأكيد موقع «Cyprus Mail» لم يتلق طلبات لبنانية للمساعدة، فجر قبطان السفينة الأوكراني «بوريس بروكوشيف» قنبلته كاشفا لموقع بيزنس إنسايدر الأميركي (Business Insider) نقلا عن راديو «أوروبا الحرة (Radio Free Europe) أنه بعد إبحاره لم تُعتبر الرحلة مربحة بما فيه الكفاية وتحوّلت السفينة إلى ميناء بيروت آواخر 2013 لتحمل المزيد من المعدات التي كانت ثقيلة جداً بالنسبة للسفينة، في رواية «تناقض» ما تم تداوله في بيروت، وما جرى تسريبه الى وسائل الاعلام .

عليه، فهل ستطالب السلطات اللبنانية بتسليمها مالك السفينة وقبطانها؟ وهل تم التواصل مع السلطات في الموزمبيق وجهة السفينة الاخيرة المنتظرة يومذاك ؟ علما ان مصادر مطلعة اشارت الى ان اي مراسلات لم تحصل مع الدولة المعنية منذ عام 2013 وحتى الساعة.

الرئيس عون: ابواب المحاكم ستكون مفتوحة امام الصغار والكبار على حد سواء

في دردشة مع الصحافيين في القصر الجمهوري، رأى الرئيس ميشال عون انه عند وقوع المآسي والكوارث على الجميع ان يضع الخلافات السياسية جانبا ويتضامن ويقوم بالواجب، ولكن في لبنان لم نرى اي جهة تقوم بالواجب». وتابع الرئيس عون ان هدفه تبيان حقيقة انفجار مرفأ بيروت من خلال التحقيق الجاري مشددا على تحقيق العدالة قائلا:» ابواب المحاكم ستكون مفتوحة امام الكبار والصغار ولا احد يستطيع ان يمنعني عن كشف الحقائق، مشيرا الى ان «هناك مسؤولين مباشرين بدأ توقيفهم وعندما نصل الى الكبار منصلي على النبي».

وكشف رئيس الجمهورية ان مسؤولية ما حدث تتوزع على ثلاث مراحل: كيف دخلت المواد المتفجرة الى المرفأ، وكيف وضعت، وكيف حفظت لسبع سنوات حيث تعاقبت عدة حكومات كما تعاقب عدد من المسؤولين وقد كتب البعض الى السلطات المختصة في المرفأ والمسؤولين عن الموضوع وانذروهم بخطورة الموضوع .

واعتبر الرئيس عون ان لا شك كان هناك عدم ادراك او اهمال في القيام بالاعمال اللازمة مشيرا الى وجود احتمالين لما حصل : اما نتيجة اهمال او تدخل خارجي بواسطة صاروخ او قنبلة، وقد طلبت شخصيا من الرئيس الفرنسي ان يزودنا بالصور الجوية اذا ما كانت متوافرة لدى الفرنسيين كي نستطيع ان نحدد ما اذا كانت هناك طائرات في الأجواء او صواريخ. واذا لم تكن هذه الصور متوافرة لدى الفرنسيين فسنطلبها من دول أخرى كي نتمكن من ان نحدد ما اذا كان هناك اعتداء خارجي او ان ما جرى ناشىء عن اهمال.

وحول المطالبة بإجراء تحقيق دولي في قضية انفجار المرفأ رأى الرئيس عون ان هذا المطلب هدفه تضييع الحقيقة مؤكدا انه لن يسمح في عهده بتدويل الازمة اللبنانية او المس بسيادة لبنان. واضاف «اذا ما عرفنا حكمنا حالنا ما حدا بيحكمنا». ولفت الى ان الحادث فك الحصار وستبدأ عملية الاعمار بأسرع وقت مشيرا الى انه اقترح تقسيم المناطق المتضررة وإشراف كل دولة على منطقة.

ترحيب حزب الله بزيارة ماكرون

رحب حزب الله بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون لبيروت واعتبرها انها ايجابية تندرج في خانة جمع اللبنانيين وحثهم على التضامن خاصة بعد مأساة انفجار مرفأ بيروت. وكان ماكرون عقد خلوة مع النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة وأبلغه أن لا تعديل في مهمة اليونيفيل وأن الأمور ستأخذ بعين الاعتبار أوضاع الجميع.

وكان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته واضحا في تأكيدة على الدور الفرنسي الايجابي للبنان حيث قال « ننظر بإيجابية إلى كل مساعدة وتعاطف مع لبنان وإلى كل زيارة إلى لبنان خصوصا إذا كانت تأتي في إطار الدعوة إلى لم الشمل بين اللبنانيين». في الوقت ذاته انذر سماحة السيد نصرالله من يحاول الاصطياد في الماء العكرة بعد ان حاولت جهات اتهام حزب الله بعد وقوع الانفجار بساعات قليلة تحميله المسؤولية نافيا نفيا قاطع مطلقاً بأنه لا يوجد مخزن سلاح ولا مخزن صواريخ ولا شيء لحزب الله في مرفأ بيروت. هذا وطالب بالعقاب الشديد والعادل لكل مسؤول عن ملف مرفأ بيروت داعيا الى ان يكون التحقيق شفافا من دون اي حسابات للمصلحة الحزبية أو الطائفية.

القوات اللبنانية : اي تحقيق من قبل الدولة اللبنانية سيكون «مسخرة»

من جهتها رأت القوات اللبنانية ان زيارة الرئيس الفرنسي لبيروت أتت للتضامن بعد الانفجار المهول وليشعر اللبنانيون بانهم ليسوا وحيدين ولم يأت بورقة عمل كما روج البعض. وأكدت مصادر في القوات اللبنانية ان رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع طلب من الرئيس الفرنسي بشكل معلن وواضح ان تساهم الدولة الفرنسية في تذكية طلب لبنان بإجراء تحقيق دولي حول انفجار مرفأ بيروت وتحويل هذا المطلب الى مطلب فعلي وحقيقي من اجل الوصول الى نتيجة جدية وشفافة. وعللت المصادر التمسك بالتحقيق الدولي انطلاقا من الاسباب المعلومة وابرزها انه في لبنان لا يمكن الوصول الى الحقيقة، ذلك ان المذكرات التي وصلت الى قضاة والرسائل التي ارسلها مديرون عامون والاجهزة التي اطلعت عليها متساءلة انه من الصعب ان يقوم المعنيون بالتحقيق مع انفسهم؟ اضف الى ذلك رأت المصادر القواتية انه لا يمكن لاي قاضي في ظل الخوف على حياته وفي ظل سلطة عاجزة عن حمايته ان يبادر الى اجراء تحقيق واتخاذ اجراءات وقرارات كبيرة، فمن البديهي ان نختار الذهاب الى تحقيق دولي. والى جانب هذه العوامل، استندت المصادر القواتية الى تصريح وزير الخارجية السابق ناصيف حتي بوصف السلطة بالدولة الفاشلة مشيرة الى ان هذه الدولة الحالية التي فشلت في اتخاذ اصلاحات ووقف الانهيار المالي وحل اي قضية او ملف لن يكون باستطاعتها اجراء تحقيق يصل الى نتيجة ومعالجة زلزال (اي انفجار مرفأ بيروت) قضى على العاصمة وعلى احلام اللبنانيين واحدث ارهابا حيث المواطنون لا يزالون يعيشون تحت وطأة الهلع والرعب الذي احدثه انفجار المرفأ. وباختصار، وصفت المصادر القواتية ان التحقيق اذا كان على ايدي الدولة اللبنانية فسيكون تحقيقاً «مسخرة».

وحول طرح الرئيس الفرنسي فكرة حكومة وحدة وطنية خلال الاجتماع الذي عقده مع المسؤولين اللبنانيين، اوضحت المصادر القواتية ان الرئيس الفرنسي لم يتطرق الى الموضوع بهذا الشكل بل قال ان على اللبنانيين ان يروا ما هو الانسب لمعالجة الوضع واذا لستم قادرين على التغيير من خلال الحكومة الحالية اذا عليكم التفكير بطريقة مختلفة للوصول الى النتائج التي تطلبها فرنسا من الدولة اللبنانية ابرزها الاصلاحات. وهنا كشفت المصادر ان رئيس حزب القوات سمير جعجع قال لماكرون ان موضوع الاصلاحات يجب ان يطرح على العهد والتيار الوطني الحر وحزب الله لانهم الاطراف الممسكة بزمام الامور والمتحكمة بالدولة . وهنا حسمت القوات اللبنانية موقفها بعدم الاشتراك بحكومة وحدة وطنية معتبرة ان الاجواء غير متوافرة ولا نؤمن بأي حكومة يكون فيها حزب الله والتيار الوطني الحر والعهد ممسكين بمفاصل الحكم بل نرى ان الامل بالتغيير يكون بانكفاء هذه السلطة عن الحكم.

اما عن التحقيق حول انفجار مرفأ بيروت فتساءلت المصادر القواتية : هل فعلا نتيجة الاهمال بقي 2750 طناً في المرفأ ولسنوات طويلة؟ ولماذا الباخرة أتت وتركت هذه المواد في مرفأ بيروت؟ وعلى هذا الاساس، شددت المصادر على وجوب اجراء تحقيق دولي حول انفجار مرفأ بيروت؟

عمليات الانقاذ تستمر

في غضون ذلك، تستمر عمليات الانقاذ، التي تؤدي فيها الفرق الاجنبية دورا اساسيا، مع ادخال الفريق الفرنسي لآلات متطورة تسمح بالمسح الحراري للمنطقة ما سيسرع من عملية انتشال الاحياء، رغم اقرار المعنيين بصعوبة ذلك بعد مرور اربعة ايام ونظرا لضخامة الاضرار وعصف الانفجار، الذي تسبب بتغيير ملامح المنطقة جغرافيا ونقل سفن كانت راسية في الاحواض عشرات الامتار باتجاه اليابسة، فيما لم يعثر على اي اثار لاليات فوج الاطفاء التي حضرت بداية الى مكان الحريق، حيث لا يزال رجالها في عداد المفقودين.

هل تنفذ الدولة الاصلاحات قبل ايلول؟

في الشق الاقتصادي، الملفت في زيارة ماكرون لبيروت هو تشديده على ضرورة اتخاذ خطوات اصلاحية وخلال اسابيع وليس اشهراً، ولذلك هو عائد في ايلول. وايضا الامر الجديد الذي تحدث عنه الرئيس الفرنسي بصراحة عن ضرورة اصلاح النظام المصرفي وهذا امر قيم جدا في اطار رزمة الاصلاحلات المطلوبة. اما الملاحظ فهو ان الاصلاح بقي شرطا للعبور الى الدعم المالي وترجمة سيدر في زيارة الرئيس ماكرون لبيروت على غرار ما قاله وزير الخارجية الفرنسي لودريان في لقائه مع المسؤولين اللبنانيين قبل الانفجار .

*************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

عون:أنا غير مسؤول.. ولا اعرف أين الشحنة ولا درجة خطورتها

لا يمكن لزلزال بيروت، لا بل لبنان، ان يمر على السلطة السياسية والمنظومة الحاكمة من دون مفاعيل. تعاطيها مع الكارثة التي اقترفتها «من بعيد لبعيد» يشي بأن شعورا بالخطر يتملكها. فهل بات الرحيل قريبا والتغيير الحقيقي على وشك التحقيق؟

غياب الدولة عن الميدان مقابل الحضور الشعبي العفوي الذي يبقى الامل الوحيد المتبقي للبنان الغد، ابلغ ادانة للمسؤولين من رأس الهرم الى اسفله. مهما قالوا ومهما برروا ومهما حاولوا ابعاد التهمة عنهم سيبقون في عيون اللبنانيين « متورطين واكثر…» الى ان يثبت العكس. لم يعد اي لبناني باستثناء، المغمضة عيونهم ومن عماهم الولاء السياسي المصلحي يثق بما يقولون او يفعلون. ذنوبهم باتت اكثر من ان تحصى وخطاياهم لا تغتفر.

ليس في الدولة الغائبة من يواسي الشعب، والانكى ان المسؤولين مازالوا يطلون عليهم بالمناظرات التلفزيونية يتنطحون ويهددون بالويل والثبور ومحاسبة المرتكبين، وكأنهم غير معنيين بما جرى، فيما لا تزال الجثث تحت الانقاض، والجراح تنزف. دول العالم في اقاصي الارض هبّت للنجدة واغدقت لبنان بالمساعدات، لكن المساعدة الوحيدة التي ينشدها اللبنانيون ازالة «الكابوس الحاكم» عن حياتهم. فهل من يفعل؟

السيادة والتحقيقات

على وقع ارتفاع عدد شهداء زلزال 4 آب الى 154 وانتشال جثث اضافية من موقع «الجريمة» ولفظ طفلة تبلغ من العمر الـ3 سنوات انفاسها مستسلمة امام الجراح التي أصيبت بها جراء التفجير، وغداة تجلّي الغضب الشعبي العارم من السلطة خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للصحافيين متطرقا الى التحقيقات والمحاسبة وسواها. فقد أكد أن «الشعب اللبناني غاضب جراء ما حصل في مرفأ بيروت وأنا غاضب مثله»، لافتا الى أننا «نعمل لإظهار الحقيقة للشعب اللبناني خصوصا وأن الرأي العام يتغيّر ويتجه نحو الابرياء»، مؤكدا أن «التحقيق سيشمل المسؤولين المباشرين، والعزاء لا يكون إلا بتحقيق العدالة والعدالة ستقوم بواجباته». وقال: «انا العماد ميشال عون تعرفونني بالحرب وبالسلم ولا احد يستطيع ان يدفعني باتجاه الخطأ ولا احد يستطيع أن يمنعني عن كشف الحقائق».

وأوضح رئيس الجمهورية أن «التحقيق في حادثة 4 آب يرتكز على 3 مستويات: أولا على كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12 والثاني ما اذا كان الانفجار نتج بسبب الاهمال أو حادث قضاء وقدر والثالث هو احتمال أن يكون هناك تدخل خارجي أدى الى وقوع هذا الحادث». ولفت الى أن «هناك مساعدات دولية ذات قيمة ستصل الى لبنان ومخطط اعادة الاعمار في طريقه الى التنفيذ». وشدد عون على أنه «مش ع ايامي بينمس بالسيادة.» وختم «يمكن الذهاب الى حكومة وحدة وطنية ولكن هي بحاجة الى تمهيد وتوافق.»

احتضان خارجي

في الغضون، حركة الاحتضان الخارجي للبنان مستمرة. ففي وقت اعلنت المفوضية الأوروبية ان الجهات المانحة للبنان ستجتمع عبر الفيديو الأحد، يزور أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بيروت اليوم السبت. اما «ا. ف. ب» فأعلنت ان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يزور بيروت السبت ايضا. كما تدفقت مساعدات طبية وغذائية ومالية لبيروت من كل حدب وصوب. واعلنت السفارة الاميركية ان حكومتنا تتعهد بأكثر من 17 مليون دولار كمساعدات للمتضررين، في حين وصلت طائرتان سعوديتان الى مطار بيروت، ومساعدات اماراتية وايرانية وقطرية… وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: سنقف إلى جانب لبنان وشعبه بكل ما نملك. وطلبت منظمة الصحة 15 مليون دولار للاحتياجات الطارئة بعد انفجار بيروت.

استجوابات

في شق المتابعة القضائية، عقد امس اجتماع بين فريق خبراء التحقيق الفرنسيين ومدعي عام التمييز للاطلاع على سير التحقيقات وخطة العمل. وافادت معلومات صحافية ان عدد الموقوفين بملف انفجار مرفأ بيروت ارتفع الى 19 وجرى التحقيق مع المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي. وقالت مصادر ان مفرقعات نارية كانت موجودة في العنبر حيث كانت هناك نيترات الامونيوم في المرفأ.

نجم تنفي

من جهتها، نفت وزيرة العدل ماري كلود نجم الخبر الذي تناقله عدد من وسائل الإعلام، ومفاده أن وزيرة العدل رفضت مثول المدير العام للجمارك أمام جهاز أمني للتحقيق معه على خلفية الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت.»

غياب رسمي

على الارض، تفقد قائد الجيش العماد جوزف عون طواقم البحث والانقاذ المحلية والدولية في مرفأ بيروت، في موازاة استمرار أعمال الاغاثة والعثور على المفقودين جراء فاجعة الانفجار الذي وقع يوم الثلاثاء، فيما واصل اللبنانيون من كل المناطق والجمعيات والمنظمات غير الحكومية وبمبادرات فردية اعمال رفع الاضرار وكنسها من الشوارع المدمّرة، وسط غياب واضح للاجهزة والمؤسسات الرسمية المعنية.

المرافئ

من جهة ثانية، تفقد كل من وزيري الاشغال العامة والنقل ميشال نجار والصناعة عماد حب الله، مرفأي صيدا القديم والحديث ،ولفت نجار الى أن «مرفأ صيدا الحديث بحاجة لاعتماد يقدر بحوالى أربعين مليون دولار حتى يتم استكمال العمل فيه معولا على التعاون مع القطاع الخاص وكذلك المساعدات الخارجية لا سيما من الحكومة البريطانية التي أبدت استعدادها في المساعدة بتأهيل وتجهيز الموانىء اللبنانية»، مشيرا الى «أن الوزارة تعد دراسة لتفعيل عمل مرفأ صيدا الحديث».

ترامب يقدم تعازيه بضحايا انفجار المرفأ

تلقى قبل الرئيس عون قبل منتصف ليل امس اتصالا هاتفيا من الرئيس الاميركي دونالد ترامب قدم خلاله تعازيه والشعب الاميركي بضحايا الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، مؤكدا وقوفه الى جانب لبنان في هذه الظروف وان مساعدات عاجلة سترسل الى لبنان للتضامن مع شعبه. الرئيس ترامب اكد للرئيس عون انه سيشارك في مؤتمر باريس الذي دعا اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدعم لبنان وتقديم مساعدات عاجلة له.