إنفجار دمّر في ثواني ما لم تدمره الحرب في سنوات


شھدت بیروت على إمتداد ٤٥ عاما الكثیر من الحروب والإنفجارات، ولكنھا لم تشھد یوما مثل ھذا الإنفجار المرعب…

لم یحدث إنفجار في تاریخ لبنان یضاھي في عنفه وشدته ھذا الذي وقع في مرفأ بیروت حین شعر سكان العاصمة ومناطق بعيدة منها بزلزال وعصف ھوائي وسمعوا دويا لم یسمعوا مثله من قبل، وشاھدوا غیمة تصعد الى السماء مثل “غیمة ھیروشیما”، تدرج لونھا من الأسود الى الأحمر فالأبیض.
إنفجار لم تشھده بیروت في عز أیام الحرب والغارات الإسرائیلیة عام ١٩٨٢ وعام ٢٠٠٦ … وحتى إنفجار ١٤ شباط الذي أودى بحیاة الرئیس رفیق الحریري واستُخدم فیه طن من المتفجرات لم یخلّف ھذا الحجم من الدمار الھائل على مساحة واسعة “أكلت” كیلومترات من الطرف الشمالي للعاصمة، من الكرنتینا والأشرفیة وحتى عمقھا في الحمرا وفردان…
إنفجار وصل دویه الى مناطق بعیدة، وحتى الى قبرص أیضا التي سمعت الدوي واھتزت أبوابھا… مشھد مروع بمشاھده القاسیة… جثث وأشلاء طُمرت في التراب، ناس إختفوا “طاروا” من الوجود وعّدوا في خانة المفقودین، منازل ومكاتب تكسرت وتصّدعت، زجاج تطایر وشرفات سقطت… والحصیلة جاءت مرتفعة: أكثر من مئة شھید ونحو خمسة آلاف جریح… بین الشھداء أمین عام حزب الكتائب نزار نجاریان… بین الجرحى رئیس مجلس إدارة ومدیر عام شركة الكھرباء كمال الحایك.
إنفجار المرفأ دمر في بیروت في غضون ثواني ما لم تدمره الحرب في غضون سنوات… المشھد محزن یدمي القلوب وكان كافیا لاستدرار التضامن والتعاطف من دول عربیة شقیقة ودول صدیقة… العودة العربیة الى بیروت تحصل من الباب الإنساني لا السیاسي… والحصار الدولي المضروب على حكومة لبنان ُرفع جزئیا ومؤقتا لتمریر مساعدات طارئة…