محمد ناصرالدين
ربما لا ينقص لبنان سوى المزيد من خطوات الفشل، والعودة الى القاع حيث الأمية المنتشرة، والشهادات ذات القيمة الورقية البحتة، ودرجات التفوق التي تُوزع بالمجان، بعد عام دراسي، ما فتحت المهنيات والمدارس والثانويات الرسمية أبوابها، سوى للتهوئة!
لا ترتقي الأمم الا عبر سلم علمي متين، و في أمرٍ مُخز لضمائر الأساتذة، وهيبة المناهج، سُجِلت معدلات عجيبة في نتائج التعليم المهني في لبنان.
للتعليم المهني أهميتُه البالغة، حيث يستند سوق العمل، على مدى القصير والمتوسط، على خرّيجي التعليم المهني، هذا التعليم الذي يُشكل في دول العالم الاول، ترسانة بشرية وعمالية مهمة في ترسيخ تقدم الصناعات.
كما يوفر التعليم المهني ميزتين ،يفتقر لهما التعليم الأكاديمي، السرعة في تلبية سوق العمل والسلاسة في استحداث الاختصاصات المطلوبة.
بالعودة إلى لبنان، لم تكن مديرية التعليم المهني بعيدة عن المحاصصات السياسية، والجدل بين الحين والاخر كان حاضرا حول الخلفية السياسية للمدير العام، فبات الاهتمام بالاستيلاء على المديرية يفوق الاهتمام بمناهجها، التي يجب ان تتبدل، كشرط أول لاستمرارها.
منذ زهو التعليم في لبنان وعلامات استفهام كثيرة حول جدوى التحصيل العلمي المهني، هذه العلامات ما عادت استفهاماً بقدر ما أصبحت علامات يأس وإحباط من تحول التعليم المهني الى شباك تذاكر تباع فيه الافادات العقيمة.
وناقوس الخطر صداه مدوياً في اختصاصات طبية كالمختبر والتمريض وغيرها، فهل يُعقل أن يدخل سوق العمل اشخاصاً يفتقرون لأدنى المؤهلات العلمية.
ليس هذا من فراغ، فالدهشة على وجوه الكثيرين لحظة معرفتهم لمعدلاتهم العالية، هي الحقيقة بأننا نحتاج ترميماً لجسر متصدع، فالابداع والتطور والازدهار، تحتاج تكاملاً بين قطاعات متينة، ومهنيين.
ما زاد من آلام عاصمة الكتاب والثقافة والأبجدية، أن الهمجية باتت نهجاً للحكومات المتعاقبة، فبأي حق تُلغى الشهادة المتوسطة، هل يحتمل لبنان هبوطاً آخر في تصنيفات التعليم العالمية؟
إن سفينة الوطن انهارت بكل أركانها وإن الشاطئ بأمانِه بات أبعد من الممكن العثور عليه، في وقت يُسرفه الساسة في تقاذف الأكاذيب والتهرب من مسؤولياتهم تجاه الأجيال، التي فقدت أدنى مقومات الحُلم بغدٍ أفضل!