مصير رمادي … لمرضى الضمان الاجتماعي!

محمد ناصر الدين

لرحمة الله تُركوا والدعوات والأيادي البيضاء، اليأس على أبواب المستشفيات هو شعور ألاف من شعروا بخذلان الدولة مجدداً، نعم فصل جديد من خذلان الدولة وفرار مؤسساتها عن تأدية أقل واجباتها الإنسانية.
بين ألم الجسد وألم الشعور بالعجز عن تحمل تكلفة علاجهم، وجد هؤلاء المرضى أنفسهم مُساقون نحو الاستسلام .
بفعل فاعل ،باتت صناديق الضمان الاجتماعي في لبنان ،خاوية، تراوغ المرضى أو تغطي نسبة لا تتجاوز “أُذن الإبل” والذريعة هي السعر الرسمي للدولار!
و السؤال هنا , هل يُقبل مثل هذا الهراء عند الحديث عن حالات إنسانية؟!
هل تعديل الدولار الجمركي والرسوم الميكانيكية أكثر حاجة من رفع دولار الضمان الاجتماعي؟!

في لغة الأرقام يغطي الضمان الاجتماعي عدد لا بأس به من فئات الشعب اللبناني، هي أعداد قد تروق لمحبي الإحصاء، لكن الحقيقة سنجدها في أروقة المستشفيات والوجوه الشاحبة في طوابير صناديقها، في الملامح الباهتة كل الحقيقة، المواطن تُرك لمصيره، ترك لتكاليف الاستشفاء الخيالية، التي سببها الانهيار المثير للعملة الوطنية منذ العام ٢٠١٨ وما رافقه من تقلبات اقتصادية وفقدان أدوية واحتكار بعضها، وتنصل الدولة عن مساعدة المستشفيات في استقدام مستلزمات ضرورية لاستمرار خدماتها .
ما كانت الدولة يوماً ما طرفاً مساعداً في تطوير الضمان الاجتماعي فمنذ تأسيسه عام ١٩٦٣ في عهد الرئيس فوائد شهاب والدولة تحاول التسلل نحو خزائن الصندوق وبتر ذراعه الإنساني، وكل حكومة تأتي بذريعة مختلفة لوضع يدها على الصندوق وإدارته.
بعد صفعة انهيار العملية الوطنية والانخفاض المخيف في إمكانيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، شاركت الحكومات المتتالية في نقل الصندوق إلى مثواه الأخير، حيث لامست قيمة الديون الحكومية لصالح الصندوق ال٢٠٪ من إجمالي الأصول التقديرية للأخير وذلك حتى ديسمبر ٢٠٢٠.
ناهيك عن اختلال التوازن بين الاشتراكات وارتفاع الأجور والتكاليف الاستشفائية.
لم يستطع الضمان عبر اختلاف إداراته من منع تسلل فساد المسؤولين إلى أروقته، ولم يكن بمنأى عن آفة المحاصصة والطائفية على الطريقة اللبنانية، فكان رهينة سياسة لبنانية شديدة التقلبات .
لن نتحدث عن طرق إنعاش الضمان الاجتماعي، وإعادة الحياة إلى تقديماته، فصرح الوطن كله، بات انقاضاً تتراقص عليها أنانية ساسة، ومحاولات الترقيع الجزئية مصيرها الفشل الحتمي، لا بد من إعادة النظر بالدستور الذي وللأسف بات مستنقعاً للثغرات التي يستغلها البعض في تمرير مصالحه وعرقلة عجلة الوطن.
و الانطلاق من فشل الأمس وهفوات الحكومات السابقة، لرسم سياسة مالية سليمة، توازن ما بين الاستثمار و”الخصوصية المصرفية “في إطار نقل لبنان نحو بلد منتج أكثر صلابة في تلقي الصفعات الاقتصادية الداخلية والخارجية المصدر. وما يستتبعه من استقرار للعملة الوطنية والأجور ما يسهل عملية تحديد اشتراكات الضمان الاجتماعي في سبيل إنعاش خزائنه بما يتناسب والتكاليف الاستشفائية الحالية.
ما عاد ابعاد الضمان الاجتماعي عن المحاصصة مطلب عمالي وحسب، بل ضرورة قصوى بعد أن رأينا في المرافق الأخرى للدولة مصير الفشل والانحلال .