محمد ناصرالدين
أظهر النظام اللبناني هشاشة قوانينه وعدم قدرته على مواكبة هفوات السياسيين، فمنذ عهد الرئيس إميل لحود ولبنان غير قادر على السير بخطوات صحيحة نحو الديمقراطية السياسية.
وباعتقادنا ما عاد الأمر يتعلق بالأشخاص أو المناصب بقدر ما يتعلق بأزمة دستور أظهر نفسه كعاجز في كل استحقاق سياسي وطني.
في وطن حيث المكر السياسي هو الآمر الناهي، لا بد للقوانين الراعية لحقوق المواطنين أن لا تغفل عن أي ثغرة قد يستغلها الساسة لتمرير مصالحهم ورغباتهم.
ليس بعد اليوم أي شك بأن الدستور اللبناني يحتاج للترميم، فإنه وللأسف متصدعٌ حد السقوط، ومواده غير قادرة على بسط أحكامها وهذا ما التمسناه مع فترات الشغور الرئاسي.
وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى غياب صفة “الِأحكام” الذي تعاني منه هذه المواد، وكثرة تفسيراتها.
ليس خفياً على أحد أن في عالم القانون، الثغرات وحدها من يمكنها أن تنقذ الضحية وربما المذنب، فهي لعبة مفاهيم لمن يتقنها اكثر، وعالم المحاماة يشهد على ذلك.
وفي قراءة التاريخ الحديث للسياسة اللبنانية، يمكننا الإلتماس بوضوح أن الساسة في هذا البلد الصغير يتقنون لعبة الوقت، وهم دائماً متعطشون للعرقلة والاسراف في استغلال المهل الدستورية.
وعليه نرى أن غياب المهل في الكثير من مواد الدستور هي المعاناة الأكبر، والشغور الرئاسي المتتالي خير دليل على أن الدستور يفتقد للخشونة في مثل هذه الاستحقاقات المصيرية.
الظرف أكثر من مناسب، لترميم ما أفسدته سنين الحرب، واستغلال هذا التلاقي العربي، للتحضير ربما لقمة لبنانية لبنانية برعاية عربية، لردم المخاوف وانتخاب رئيس للجمهورية يقود عملية اصلاحية واسعة النطاق، لانتشال الدستور من غيبوبته، ولقطع الطريق على الذي ينتظرون كل استحقاق بهدف عرقتله لتمرير مصالحهم من خلف صناديق الانتخاب.
والجدير بالذكر أن عجز الدستور عن معالجة وجهات الرأي الداخلية يفتح الشهية الخارجية للتدخل في سبيل مصالحها.
الدستور هو زر الأمان الأول للوطن، هو الجدار الذي يلطم أطماع الخارج، وأحقاد الداخل. لمن المؤسف أن دستورنا ليس بقدر الحياة السياسية الداخلية وتعقيداتها.
يجب أن لا يغفل أي تعديل دستوري قادم إضافة مادة تفرض على صُناع القرار المواظبة على عصرية مواده عبر تعديلات دورية تأخذ بعين الاعتبار الهفوات المكتشفة ،و لا سيما ما يتعلق بالمهل الدستورية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة وغيرها….