أي تداعيات سياسية لخطف المواطن السعودي؟

ما بين الإعلان عن تعرض مواطن سعودي للخطف على طريق المطار ليل السبت الماضي، والاعلان امس عن اطلاقه بعملية نوعية لمخابرات الجيش، فترة قصيرة في الوقت، وانما طويلة في حجم التساؤلات والهواجس ومشاعر القلق التي اثارتها العملية، وسط غياب المعلومات الواضحة حيال ابعاد العملية، وهل هي فردية وعلى مستوى شخصي او انها تصب في سياق خلفية سياسية تتناول زعزعة الاستقرار الأمني الهش على أبواب موسم سياحي واعد، او تستهدف المملكة العربية السعودية من خلال توجيه رسالة امنية بأبعاد سياسية ترتبط بموقع المملكة اليوم في مسار الاستحقاق الرئاسي ولا سيما في ظل الضبابية التي تلف الموقف السعودي من المرشحين ولا سيما مرشح الثنائي “أمل-حzب الله”.

أياً تكن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء خطف المواطن السعودي او الظروف التي رافقت تحريره، او ما ذهبت به المخيلة السياسية والإعلامية في تقييم اهداف العملية، فإنها لا تخلو من تداعيات قد تتفاوت في حجم اخطارها ولكنها لا بد ان تترك اثرها على المشهد السياسي الداخلي.

ففي الوقت الذي يسعى فيه لبنان الى إعادة بناء العلاقة مع المملكة التي كانت اهتزت بفعل عمليات تهريب الكبتاغون او من خلال المواقف السياسية الهجومية عليها، يواجه اليوم تحدياً في احتواء مفاعيل التعرض لمواطن سعودي، على نحو حصر عملية الاختطاف بعمل فردي قامت به مجموعة يقودها تاجر مخدرات، من دون ان يعني ذلك ان العملية، وحتى وان أخرجت من سياق سياسي، لا تخلو من السياق الأمني الذي تسعى المملكة الى مواجهته من خلال مواجهة عمليات التهريب اليها عبر الأراضي اللبنانية.

وقد سارع قائد الجيش العماد جوزف عون الى احتواء التداعيات عبر الإعلان عن احباط عملية الخطف على يد مخابرات الجيش. وهذا الإعلان معطوف على مكان حصول العملية يطرحان علامات استفهام من المهم والضروري الإجابة عليها.

اول هذه التساؤلات يذهب في اتجاه حzب الله حيث المنطقة التي حصلت فيها العملية تقع ضمن نفوذه. فهل من رسالة من الحزب في اتجاه المملكة ترمي الى القول ان الحزب موجود ونافذ بقطع النظر عن التقارب السعودي الإيراني، او ان الرسالة تحمل معنى عكسياً مفاده ان الحزب هو الفريق الأقوى القادر على ضبط الأمور والسيطرة عليها، خصوصاً وان معلومات ترددت امس تقول ان المخطوف اطلق ومن ثم تم تسليمه الى الجيش، أي ان تحريره لم يكن على يد الجيش.

ثاني الاستفهامات تتصل بموقع قائد الجيش ودوره في المشهد السياسي الرئاسي، بعدما تراجع اسمه في بورصة المرشحين وغاب قليلاً عن حلبة السباق الرئاسي. وقد جاءت العملية مقرونة بزيارة السفير السعودي الى اليرزة اول من امس لتؤكد ان المشهد الأمني يتقدم على كل ما عداه من أولويات اقتصادية او سياسية، وفقاً لمواصفات المرشحين الأبرز اليوم سليمان فرنجية وجهاد ازعور.

كانت تغريدة للنائب طوني فرنجية لافتة في هذا السياق، اذ قال ان “خطف المواطن السعودي هو ضرب للبنان اولاً ولأمنه واقتصاده ولموسم السياحة”، داعياً الى “اتخاذ اقصى التدابير الممكنة في حق من قام بهذا العمل لاستعادة هيبة الدولة ووضع حد لعصابات الخطف والسرقة والمخدرات، وحفاظاً على العلاقة مع الاشقاء العرب والمملكة العربية السعودية في شكل خاص”. وقد توالت ردود الفعل وبيانات الإدانة والاستنكار لعملية الخطف من هيئات اقتصادية وسياحية وذلك من اجل احتواء الانعكاسات ان على العلاقة مع المملكة او على الحركة السياحية في البلد. وهذا يعني ان الأولوية الامنية تتقدم اليوم على ما عداها لحماية الاستقرار وتحصين الموسم السياحي وتعزيز فرص استقطاب الرعايا العرب. وقد جاءت خطوة الجيش بتأمين الافراج عن المخطوف بسرعة لتوجه رسالة بأن لا بديل عن المؤسسة العسكرية لحماية الامن والاستقرار وان المرحلة المقبلة امنية وسياسية.

اما عملية احتواء التداعيات، فقد تولاها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، كما وزير الداخلية بسام مولوي، عندما قال أن موضوع الخطف كان مدار اهتمام حثيث، فيما نوه السفير بخاري بعد لقائه مولوي بالدور الكبير للأجهزة الأمنية كافة لتحريره، مشيراً الى ان ما حصل يؤكد حرص السلطات اللبنانية على توفير الظروف المناسبة لتأمين امن السياحة في البلد وجذب السياح. وكان مولوي اكد ان القوى الأمنية والعسكرية متماسكة وتعمل بتنسيق تام، وذلك في رد غير مباشر على ما صدر عن القوى الأمنية بأن المواطن السعودي لا يزال مخطوفاً، فيما كان الجيش يعلن تحريره، مؤكداً ان القضاء “المستقل؟” سينظر في خطورة الجريمة، نافيا ان تؤثر العملية على العلاقة بين البلدين.

 

 

سابين عويس – النهار