محمد ناصرالدين
في شرق أوسط حافل بالآلام، توسط لبنان ألامه وجراحه، ودفع أثمانه وأثمان غيره، وكان ساحة تجربة مواقف، شد أذان وتفريغ احقاد. ها هو الآن يغيب عن طاولة التسوية الاقليمية!
ولأن للحرب وقت وللسلام وقت، أما حان للبنان سلامه؟
أما حان للنبض المتسارع أن يتكئ ولمُدرج الموت أن يُغلق ؟!
في تمام انتفاء رغبة القتل، رغبة الحرب، رغبة رائحة الدم، قرر البعض توقيع تأشيرة الخروج من الازمة، ربما لتجربة السلام لا أكثر .
من قبضات تتلاطم الى قبضات تتصافح، بدا أن الربيع قد يحل هذا العام على شعوب عدة، بعد سنين حارة.
بدأ القِطاف في بلدان مشرقية عدة، قِطاف الأمل بالحياة، قطاف نور الشمس الذي حجبته دخان المدافع، فالنور الوحيد في تلك المناطق كان شعاع الراجمات …
عاد الياسمين الشامي الى شوارع الخليج، والخطوط الجوية الإماراتية تسارعت نحو مدرجات الأسد، وقيل لقيصر أن يغض البصر عن كل امدادات الحب وامدادات الثقة لسوريا جديدة بنظام قديم.
احتضن العناق السعودي الايراني شرارة الازمة المفتعلة في اليمن، وبات الهدوء ليس بحذر، هدوء يحمل معه رسائل بيضاء من المستقبل، لعيش مشترك، نفحاته الحرية للأقلية والوقار للأكثرية، رسائل في مطلعها، انسحاب التحالف من جو اليمن، والوعد بأن ضجيج محركات المقاتلات بات كابوسًا انتهى مع استيقاظ الضمير، والرغبة بالحياة …
ومر اليمام في جميع الزِقاق، عدا بيروت، ما زال الغُراب يكسو شوارعها، والحياة هنا، تنتظر الحياة. لبيروت ماض مُشرف باحتضان الشرق، ورجعية الشرق، وهشاشة فِكره، هل تشفع لها حسناتها؟!
وتُدعى بيروت إلى مأدبة محبة؟
تلملم جراح الداخل، ويشترك المدعوون العِتاب، وفراغ المسافة والمناصب، تطويه كفوف عربية بيضاء، كشكر وامتنان لوطنٍ كان نافذة وباب نحو الرقي والتمدُن !