هل طرح معادلة “فرنجية مقابل سلام” فخ؟

يحاول “الثنائي الشيعي” الترويج لمعادلة يعتبر انها تصلح لان تكون تسوية مُرضية لكل القوى الوازنة في البلد، وللمجتمعين العربي والدولي، ألا وهي معادلة “سليمان فرنجية مقابل نواف سلام”. يقدم الثنائي المذكور المعادلة التي سبق ان طُرحت في كواليس “خماسية باريس” على انها تعالج الى حد بعيد هواجس الفريق السيادي المحلي، والحاضنة العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية. ففرنجية بحسب القراءة المشار اليها ليس مجرد مرشح “الثنائي الشيعي” بل يحظى بتأييد مسيحي معقول، وسنّي قد يصل الى 8 نواب، إضافة الى استعداد وليد جنبلاط للانضمام الى تسوية لا تطيح علاقاته العربية لا سيما مع المملكة العربية السعودية. ويرى “الثنائي الشيعي” ان الاتفاق على اختيار السفير والقاضي نواف سلام رئيسا للحكومة يدخل في اطار إضافة بُعد حواري وانفتاحي لعهد فرنجية الذي لم ينقطع عن تسويق نفسه محاورا منفتحا بامتياز على جميع القوى من دون ان يساوم على انتمائه الأصيل الى “محور الممانعة”، فيما سلام يُعتبر وجها ليبراليا نخبويا بارزا، يمتلك بُعدا سنّيا تاريخيا، فضلا عن رضى الحاضنة العربية والمجتمع الدولي الأوروبي والأميركي عليه. هذه المعادلة التي يميل اليها “الثنائي الشيعي” معتبرا انها تسوية منصفة للفريقين دونها عقبات عدة، أُولاها انها صادرة عن ثنائي شيعي يتصرف على أساس ان الموقع الماروني المسيحي الأول هو جزء من حصته في النظام، ويتناسى انه يمسك بمجلس النواب ونشاطه من خلال الرئاسة التي يمسك بها من دون منازع، ويتصرف على انها حصة شيعية غير قابلة للنقاش تحت أي ظرف من الظروف. المشكلة هنا ان الموقع المسيحي الذي يسعى ثنائي “حزب الله” وحركة “امل” الى الامساك به عن طريق مرشحَيهما سليمان فرنجية هو موقع مسيحي، والإصرار على هذه المقاربة لملف الاستحقاق الرئاسي يرفع منسوب العصبية المسيحية التي ستقرأ هذا الإصرار على انه تهديد وجودي لها، وخصوصا ان فرنجية هو اضعف الأفرقاء في الساحة المسيحية، ومتى تكتلت القوى المعارِضة لقطع طريق بعبدا عليه فإنه إما ان يفشل في الوصول، وإما في حال وصوله سيسقط عهده في الأشهر القليلة الأولى ضحية انفجار العصبية التي يعززها الشعور بأن الرئيس الجديد مفروض من الحزبين الشيعيين اللذين يستقويان على بقية مكونات البلد بسلاحيهما غير الشرعي.

اكثر من ذلك، فإن الرد على طرح معادلة “فرنجية مقابل سلام” يأتي من الوسط الإسلامي السنّي الذي وان كان يعتبر نواف سلام مرشحا اصيلا ولائقا بموقع رئاسة الحكومة قد يرفض ان تكون الرئاسة الثالثة مجرد ورقة تُستخدم لإمرار انتخاب رئيس ماروني بقوة الدفع الشيعية، وقد تنطوي على فخ لرئاسة الحكومة التي ستكون محاصرة بين رئاستين أولى وثانية تداران من الناحية الفعلية من حارة حريك وعين التينة. بهذا المعنى ليس في الطرح – المعادلة اي وجه تسووي، او منصف، او متوازن في السلطة. انه مسعى للإبقاء على ورقة رئاسة الجمهورية في جيب “حزب الله” كما كان خلال الأعوام الستة الماضية، ومحاولة تجيير جزء منها الى جيب الرئيس نبيه بري، وهو المعتبَر في أوساط الطاقم الحاكم المتنوع الوجه “الجميل” لـ”حزب الله”. وثمة من يرى ان المعادلة المنصفة لكي تستقيم يجب ان تبدأ من تحييد “الثنائي الشيعي” عن موضوع الرئاسة، واعادته الى القرار المسيحي (على ان يخرجوا من نزاعاتهم البلدية)، ثم تحييد “الثنائي الشيعي” عن مسألة اختيار رئيس الحكومة المقبل وتركه بيد الشرعية الإسلامية السنية. انها قمة المذهبة، لكن بوجه المذهبة الفاقعة لـ”الثنائي الشيعي” هذا هو الحل المرحلي الوحيد الممكن لمنع انفجار لبنان.

 

علي حمادة – النهار