عن جوزاف عون وقيادته للجيش

يتعرّض قائد الجيش العماد جوزاف عون، لحملات مباشرة وغير مباشرة، منها ما هو موقّع بالاسم الصريح، ومنها ما هو مجهول معلوم ولو اختبأ خلف إصبعه.

هذا الضابط الذي يُعدّ من جيل ضباط فترة قيادة العماد ميشال عون، استلم القيادة، في عهد الرئيس عون، فإذا به يتسلم كرة نار حقيقية، لم يشعلها هو، بل عانى من لهيبها، وهي لا تقارن بكرة النار التي ادعى العماد ميشال عون تسلمها في العام 1988، لتدل الوقائع في ما بعد، على أنّه كان يعيش أسعد لحظات حياته، وهو ممسك بها (كرة السلطة والنفوذ) ولم يتركها، إلّا بعدما احترق على طريق الاحتفاظ بها. ضباط وجنود ومدنيون، قتلوا وهاجروا في الحروب الهادفة إلى التمسك بالسلطة، والتي ألبسها ميشال عون زوراً، لبوس حروب التحرير والسيادة وتوحيد البندقية.

إستلم العماد جوزاف عون القيادة، في فترة صارت الأصعب في تاريخ لبنان. خاض حرب الجرود، لكنها كانت أسهل الحروب، إذا ما قورنت بالحروب العبثية، وجولات الفتنة، التي تعرض فيها الجيش لألف اختبار واختبار، من قبر شمون إلى طرابلس وبشري. ووفى قائد الجيش بوعده للرئيس ميشال عون، فتمّت حماية من قرر القيام بالجولات الرعناء، ولولا الجيش، لكان حصل الأسوأ.

كانت التمنيات والتضرعات تنهال لوقف هذه الجولات، ولكن وبعد كل نجاح بإلغائها وبقرار ذاتي، كانت تنقلب الذات على الذات، وتشد الرحال، ويكلف الجيش بمئات من عناصره بحماية الرحلات الرعناء، لأنّ أي خطأ أو أي حادث كان سيكون فظيعاً بنتائجه على البلد والاستقرار، والمسؤولية كانت ستقع بجزء منها على الجيش.

إستلم العماد جوزاف عون قيادة الجيش، ولبنان يتحضّر لبركان بحمم ملتهبة، فقرأ الأمر مسبقاً، وبات معروفاً أنه كان ملتزماً بحماية الناس والمؤسسات وحفظ الاستقرار. وكانت مرحلة صعبة مر بها الجيش باختبارت إضافية. وبعدما دفعت المؤسسة العسكرية من رصيدها لتحمي المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، بدأ يتناهى إلى المسامع، نقلاً عن لسان الرئيس ميشال عون، اتهامات بالتحضير للانقلاب عليه، وبأنّ الفضل في حمايته في القصر خلال ثورة 17 تشرين، يعود للواء الحرس الجمهوري، وفي ذلك تضليل موصوف طالما برع عون في استعماله، لاستهداف من يريد استهدافه.

إنه التضليل الذي يحوّل المعتدي إلى ضحية، وناكر الجميل إلى مسامح كريم. وهو التضليل الذي يهدف منه إلى تحقيق نتائج سياسية مستقبلية، في خدمة الأجندة الرئاسية، لصهر سُخّرت له الدولة بكل أجهزتها لست سنوات، فاستثمرها أسوأ استثمار، وخرج بعدها وهو يصيح متهماً الآخرين بتعرضه لاغتيال معنوي.

لم يصدق أحد أنّ الرئيس عون سيسمح لصهره بالتعرض للجيش وقيادته، متهماً الأخيرة زوراً باستعمال المال من دون حسيب أو رقيب. وحده الذي يمكن أن يصدق أكثر من غيره، اللواء عصام أبو جمرة الذي كشف قصة الـ30 مليون دولار التي أرسلها الرئيس العراقي صدام حسين للجيش، فأصبحت في حسابات العماد ميشال عون وعائلته، وقبض 12 مليون دولار مما تبقى منها في العام 2016.

لم يرد ميشال عون على أبو جمرة بكلمة واحدة ولو على سبيل رفع العتب، لكن أبو جمرة سيبقى مطالباً بتوثيق هذه الواقعة بكل تفاصيلها، لأنّها تترجم حقيقة التضليل والتلاعب بعواطف البسطاء منذ العام 1988 وإلى اليوم، كما تشرح خلفية كل الحملات السياسية التي تشن بدافع تحقيق المصلحة الشخصية حصراً… إنه باختصار زمن ميشال عون.

 

أسعد بشارة – نداء الوطن