في عصر البنوك الذهبي كان الصرّاف الآلي يعطي المودع ما يحتاجه 24 على 24. لا يردّ له طلباً. في عصر “القلّة” صار يأخذ منه ولا يعطيه، في عصر الإنحطاط ما عاد “لا بياخد ولا بيعطي”. لذا بات من الضروري تغيير وجهة استعماله.
كأن يتم تحويله إلى ماكنة اسبرسو وكابوتشينو وشكولا ساخن، يأخذ دولار فريش، ويرد بالعملة اللبنانية حسب سعر السوق الموازية. أو يأخذ منك باللبناني ولا يرد.
كما يمكن تعديل الـ “جوب ديسكربشن” الخاص بالـ ATM وتوسيع فتحاته كي يخدم العملاء على أفضل وجه. يأتي موظف الصندوق كاللص صباحاً ويملأ خزاناته. وبدءاً من الثامنة يصبح الآيس كريم متاحاً لكل المودعين. ليس معك دولار طازج؟ يقبل الصرّاف باليورو. يأخذ منك اليورو ويرد بالتومان.
وأفضل ما يمكن أن يفعله مدراء البنوك: بث أفلام وثائقية على شاشات ماكنات الصرّاف الآلي بين الثامنة صباحاً ومنتصف الليل من كل يوم. وتخصيص الساعات الثماني المتبقية لعرض الأفلام الإباحية، فيتغير سلوك المودعين من العدائية المطلقة إلى دفع بدل خدمات إكسترا. وبالفريش. ولي عودة إلى “مصرفي الداعر مدى الحياة” في نشرة مفصّلة.
يتخطى التغيير موضوع المصارف ليشمل كل اهتمامات العوائل. من بورصة الحفاضات إلى العادات الغذائية إلى المتابعات المالية.
من كان يتصوّر أن فرصة الصيف في المدارس الرسمية 10 أشهر؟
من كان يتخيل أن يشكو صاحب السعادة على كتف المواطن أن راتبه يوازي أربع تنكات بنزين وسندويش فلافل مع لحسة طراطور؟
أي منّا فكر للحظة أن أمناء السجل العقاري سيشكلون في ما بينهم، كوكبة متقدمة في مكافحة الرشوة.
إن من شكّ بحصول معجزة التغيير في زمن شيخنا (الجنرال) والفتى ( صهر الجنرال) لمس التغيير الحقيقي لمس اليد.
ناهيك عن الإصلاح. أيها التاريخ خذ قلماً وسجّل.
أي صبية من فتوح كسروان لم تصلح “جينزها” تضييقاً أو “فستانها” تقصيراً مرة ومرّتين وثلاثاً عند الخياط أنيس، صاحب المقص الذهبي والعين الساهرة؟
أي سيدة قديرة لم تلجأ في هذا الزمن إلى إصلاح دينة الطنجرة وتلحيم جحش الكوي المنهك وإصلاح سكة البرداية وإصلاح قبّعة زوجها وإصلاح علاقتها مع اللحّام.
في كل بيت صوفة للتصليح. خزانة مخلّعة للتصليح. غسالة ترتعش بطريقة مشبوهة يحتاج موتورها إلى خراطة وتصليح، وبرّاد يجعر كشاحنة مقصّرة على أكواع عاريا.
الإصلاح عنوان كبير، يمارسه اللبنانيون فعلاً يومياً.
والتغيير حلم كبير يراود عقول اللبنانيين. تغيير البلد.
عشنا وشفنا تغيير وإصلاح، قال جالس على حافة قبره لحفيدته المنشغلة بالبحث عن الدجاج في “الرز عَ دجاج”.
عماد موسى – نداء الوطن