لنكن صريحين. لا يمكن القبول بوصول مرشح “حزب لله” الى سدة الرئاسة الأولى أيا تكن الاعتبارات. ولا يهم من يكون، ولا ما يمثل أو لا يمثل. وقد دلّ أسلوب الترشيح الذي اعتمده ركنا “الثنائي الشيعي”، ولا سيما الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، على عدم اعتبار لرأي شرائح تمثل غالبية اللبنانيين. والأهم ان أسلوب الترشيح جاء بقصد او غير قصد اشبه بمحاولة لفرض رئيس بالاحتكام الى قوة السلاح والتلويح الدائم بالعنف، حتى عندما اطلِقت دعوات للحوار. موقفنا هذا لا يتعلق بشخص سليمان فرنجية بل يسري على أي مرشح للرئاسة يريد “حزب الله” ان يفرضه من اجل مواصلة الإمساك بالموقع الرئاسي الأول. وقد تحدث السيد نصرالله بشكل صريح عن تمسكه بالمكاسب التي حصّلها فريقه. هذه المكاسب التي جرى انتزاعها بالقوة، والاغتيالات، والغزوات يجب ان تُنتزع من الفريق المعني. اكثر من ذلك لا يمكن للمكوّن المسيحي ان يبتلع فكرة ان اركان مكوّن آخر يقررون في ما بينهم ثم يفرضون عليه مَن يجب ان يتبوأ منصب الرئاسة المسيحي الماروني. ولذلك نقول لقد اخطأ “الثنائي الشيعي” حينما اتّبع سلوكا ينمّ عن استصغارٍ لمكون آخر في البلد. والامر ينسحب على باقي المكونات إذ لا نزال نذكر كيف ان “الثنائي الشيعي” اسقط رؤساء حكومات سنّة اصيلين في تمثيلهم لبيئتهم، ونصَّب آخرين من البطانة المتواطئة، كما انه لم يتورع عن التحرش بالبيئة الدرزية بالحديد والنار في محاولة لتدجينها.
ما حصل في الأيام القليلة الماضية على مستوى الترشيحات الرئاسية إنْ دلّ على شيء فعلى ان مشروع الهيمنة لم يتراجع بل هو في وضعية هجوم هدفها مصادرة مواقع المكونات الأخرى وتدجينها لخدمة مشروع محلي لتغيير وجه لبنان وهويته، واقليمي لمواصلة جعل لبنان قاعدة ومنصة للمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة.
بناء على ما تقدم، وبصرف النظر عن الاسم الذي جرى ترشيحه، يجب صدّ هذا المشروع على مستويين: الأول مسيحي، يقوم على توحيد الموقف حتى بين المتخاصمين. ذلك ان المرحلة تستدعي وضع الخلافات جانبا والتفرغ لقطع الطريق على “حزب الله” وأي مرشح ينتمي اليه او الى فريقه. اما الثاني فهو العمل بسرعة وبمنهجية عالية وحكمة كبيرة على سد كل الثغرات في البيئات الأخرى المخترقة، اقله في مجلس النواب، حتى لا يقال ان ثمة حلفا إسلاميا يسعى الى الهيمنة على المسيحيين. ان مهمة النواب المسلمين، وخصوصا السنّة والدروز، ان ينحازوا بشكل حاسم الى الخيار المسيحي العارم الرافض لاملاءات “الثنائي” الذي يتصرف بفوقية مرفوضة. وكل كلام آخر، او ذرائع تستند الى خصومات من هنا او هناك لا قيمة لها في زمن يجب ان يتوحد فيه الموقف بوجه الهيمنة الصارخة التي نشهدها. ولذلك فإن أي تواطؤ من داخل البيئات الإسلامية الأخرى مع الهيمنة هو دعوة صريحة لـ”الثنائي” و بالاخص لـ”حزب الله”، للتصرف معها بنفس الطريقة والأسلوب الذي يحصل اليوم حول الاستحقاق الرئاسي.
ورسالتنا الى المرشح المعني الأستاذ سليمان فرنجية هي الآتية: لا تسمح للثنائي المشار اليه بان يستغل ترشيحك. انت تستحق ان تكون مرشحا، ولكن ليس بهذا الأسلوب او المضمون. ان الأسلوب الذي اتُّبع في اليومين الماضيين يشكل تهديدا وجوديا ليس للمسيحيين فحسب، بل لجميع المكونات الأخرى المستضعفة منذ العام 2005 حتى اليوم، وهي تتوق الى تنشّق نسمة حرية ممنوعة عنها.
علي حمادة – النهار