ليتوقف التواطؤ مع الفريق المعطّل!

غريب أمر الفريق الذي يصر على عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب فيما هو في أساس التعطيل المستمرّ للاستحقاق الرئاسي. وغريب أكثر أن يستعجل هذا الفريق التمديد لعدد من الموظفين والضبّاط في مراكزهم بدعوى وجوب تأمين استمرارية المرافق العامة فيما يستسهل التسبب عن سابق تصوّر وتصميم بالشغور في أعلى موقع في الدولة. لكن الأكثر غرابة من ذلك كله هو هذا الموقف “المائع” لقوى رئيسية في المكوّن المسيحي المشتت أكثر من أي وقت مضى الذي يحول دون بلورة معارضة حقيقية للفريق الذي يمارس أكبر عملية سطو على مؤسسات الدولة، وتوازناتها التاريخية. صحيح أن حكومة تصريف الأعمال يمكن في حالات نادرة ومحدودة جداً ولدواعٍ تتصل بمصلحة الدولة العليا أن تجتمع لاتخاذ قرارات عاجلة لا تحتمل التأخير، لكن هذا لا يعني البتة أن يصبح جمع الحكومة تحت شعارات فضفاضة هو سمة المرحلة التي لا تشهد شغوراً رئاسياً فحسب، بل فراغاً حكومياً موضوعياً نظراً لكون الحكومة المستقيلة الحالية موروثة عن تمثيل مجلس عام ٢٠١٨، وليس مقبولاً أن تبقى حكومة عرجاء ومنقوصة الأوصاف كل هذه المدة. وصحيح أن مجلس النواب هو سيد نفسه، لكن ليس مقبولاً أن يكون رئيس مجلس النواب هو سيد المجلس الذي يستسهل التلاعب بالنص الدستوري ليفسّره على مقاس فريقه السياسي، فضلاً عن استسهاله تعطيل الاستحقاق الرئاسي من خلال تهريب النصاب الخاضع لتفسير شخصي. لكن الأسوأ من ذلك كله هو هذا التراخي، لا بل التواطؤ والإذعان لواقع التدمير المنهجي لأسس الكيان اللبناني. وواضح من هي الجهة التي تضطلع بهذه الوظيفة وواضح أيضاً من هي الجهات التي “تلعب” تحت الطاولة. لكن أن نجد في البيئات من خارج إطار بيئة “الثنائي الشيعي” هذا الحجم من التواطؤ في عملية تدمير أسس الكيان اللبناني حجراً حجراً فهذا أمر يدعو الى الاستهجان الشديد.

إن تعطيل “الثنائي الشيعي” الاستحقاق الرئاسي يجب أن يواجَه أولاً من خلال حث المتواطئين على تغيير توجهاتهم وإشهار معارضتهم لهذا النهج التخريبي للبلد، وثانياً من خلال محاصرة هذا الأسلوب السيّئ لإدارة شؤون مجلس النواب على شكل مزرعة خاصة لفريق بحد ذاته، وثالثاً وهنا الأهم من خلال التوافق بين أوسع مروحة من النواب من جميع الفئات ولا سيما من خارج بيئة “الثنائي الشيعي” من أجل اختيار مرشح واحد يكون بمواجهة مرشح “حزب الله” ومحور الممانعة أياً يكن.

انطلاقاً ممّا تقدّم يجب منع عقد أي جلسة تشريعية تحت أي مبرّر، والإضاءة على سلوك الفريق الذي يصادر إرادة الغالبية العظمى للبنانيين. كما يجب دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال الى عدم عقد جلسات حكومية تمثل من الناحية العملية خدمة مجانية للفريق المعطّل لانتخاب رئيس للجمهورية. والأهم أن يبتعد كلياً عن لعب دور كاسحة الألغام أمام مرشح “حزب الله” في البيئة السنية. وأخيراً وليس آخراً دعوتنا الى الرئيس السابق ميشال عون الى أن يسارع في أقرب وقت الى طيّ صفحة “تفاهم مار مخايل” المشؤوم، ونسج موقف سياسي جديد مختلف وأكثر اتساقاً مع الموقف السيادي الإصلاحي في البلد. حان الوقت لتشكيل أوسع تحالف بوجه مشروع تدمير الكيان اللبناني وإلحاق البلد بوظيفة “حزب الله”الإقليمية الشديدة الضرر على لبنان ككل. حان الوقت للمواجهة.

 

علي حمادة – النهار