تسلية باسيل ومناورات “الحزب”

بلغت عملية اللعب في الوقت الضائع حداً مفضوحاً من قبل بعض الفرقاء المطالَبين بتحديد مواقفهم الواضحة من الاستحقاق الرئاسي وضرورة إنهاء المراوحة القاتلة في شأنه، سواء من قبل الدول المعنية بلبنان، أو من المرجعيات لا سيما المسيحية، التي بات تشديدها وإلحاحها على ملء الفراغ الرئاسي ولا سيما البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وراعي أبرشية بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، محرجاً لهؤلاء.

تغلب المناورات على التحركات التي يقوم بها بعض هؤلاء الفرقاء المعنيين بالإفراج عن الرئاسة، لأنّ همهم في الوقت الضائع الإيحاء بأنهم يقومون بجهد من أجل حسم الأمور، لتجنب المزيد من الحملات عليهم، في وقت تكشف هذه المناورات مقاصدهم الفعلية، بأن الأمور لم تنضج بعد. مقاصدهم إما رفع التهمة عنهم بأنهم سبب تعطيل انتخاب الرئيس، أو انتظار ما يعتقدونه تسوية في الخارج على الرئاسة في لبنان، في شكل يتناقض بوضوح مع ادعاء الدعوة إلى التوافق الداخلي حول الاستحقاق.

يشكّل تسريب الأسماء التي تنشر هنا وهناك، واحداً من أساليب ملء الوقت الضائع. وفي حين يتم تسريب بعض الأسماء على أنّها طرحت خلال اجتماع فلان بفلان، لا تلبث الوقائع أن تثبت أنّه لم تُطرح في ذلك الاجتماع. وهذه هي حال ما يتم تسريبه عن أسماء اقترحها رئيس «التيار الوطنيّ الحر» النائب جبران باسيل، حيث ينفي بعض من التقاهم، حصول بحث معهم في ما جرى تسريبه. تارة يسرّب بأنه اقترح دعم ترشيح رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور، ثم ينفي ذلك، بعدما كان أوحى (في باريس) بأنه يميل إلى الوزير السابق زياد بارود، لينتهي الأمر باقتراحه رئيس مجلس إدارة محطة «إل. بي. سي. آي» بيار الضاهر، فيما الهدف زكزكة وإثارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بسبب الخلاف بينهما على ملكية المحطة، ولإحراج رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط نظراً إلى المصاهرة بينهما، مع أن أوساط الأخير تنفي أن يكون ناقش مع باسيل هذه الفكرة.

أمّا سائر نواب «التيار الحر» فيؤكدون أن ما يُنسب إلى باسيل من أسماء، لا علم لهم به، ولم تتم مناقشته لا في «التيار» ولا في تكتل «لبنان القوي» وبعضهم يذهب إلى القول إنهم لن يأخذوا بهذه الأسماء إذا اقترحها باسيل عليهم، ويصفون ما يحصل على هذا الصعيد بأنه أقرب إلى «التسلية» وحرق الأسماء.

«حزب الله» يشدد في تصريحات قادته على أنّه لا فائدة من انتظار الخارج ويدعو مع رئيس البرلمان نبيه بري الى الحوار في الداخل من أجل التوافق على اسم الرئيس، ويجزم بأنّ إيران لا تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي وفي الموضوع الرئاسي وتطلب من الدول التي تراجعها في شأن الاستحقاق أن تتحدث «إلى أصدقائنا» أي «الحزب»، والسفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني يزور الرئيس السابق العماد ميشال عون من أجل دعوته إلى «تقريب وجهات النظر لانتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت»، فيما الحديث تناول تقريب وجهات النظر بين الحليفين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر». أي أن إيران تدخل على خط معالجة الخلاف بين الحليفين حول سعي «الحزب» إلى ضمان انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.

الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله يؤكد أنّ إيران لا تتدخل في الاستحقاق الرئاسي، ويدعو الفرقاء إلى عدم انتظار الخارج، فيما تلفزيون «المنار» يتحدث عن تفكير بدعوة إيران إلى الاجتماع الرباعي الذي يضم مستشارين ودبلوماسيين مكلفين بملف لبنان في كل من فرنسا والسعودية وأميركا وقطر، المنتظر في باريس بعد أيام لبحث أزمة الفراغ الرئاسي، وهو ما فهمه بعض المراقبين على أنّه رسالة عبر بث هذا الخبر بأن بحث الدول الأربع لملف الرئاسة غير مفيد من دون اشتراك طهران… لكن هذا الأمر غير وارد عند الدول المعنية، حتى أنّ الاجتماع لم يكن قد تأكد بعد.

في الخلاف بين «حزب الله» و»التيار الحر» حول تمسك الأول بترشيح فرنجية، والذي كان التباعد في الموقف من دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مجلس الوزراء إلى الانعقاد امتداداً له، يؤكد قادة الحزب أنه قابل للمعالجة ويتحدثون عن التواصل قريباً في هذا الصدد، فيما أوساط قيادة «التيار» تنفي حصول أي تواصل في اليومين الماضيين، معتبرة أنه مع فرضية حصول لقاءات لبحث الخلاف، هناك صعوبة في التوافق على الرئاسة الأولى لأنّ أجواء القيادة والجمهور العوني صارت في مناخ آخر، بعدما ظهر لدى هذه القيادة وهذا الجمهور أن لدى «الحزب» رأياً يعمل على فرضه.

وليد شقير – نداء الوطن