رئيسٌ من أجل ماذا؟

يلتقي النواب والوزراء، المستقلون والـ»اختصاصيون» ومن هم «ودائع» الكتل والأحزاب، في المجلس ولجانه النيابية، وفي الحكومة واجتماعاتها، يبحثون ويتحاورون ويتقاسمون، يتفقون ويقاطعون ويعتكفون، ثم يعودون بقدرة قادر إلى سيرة التصريف تلاقياً وافتراقاً. في المجلس النيابي والحكومة يدور حوارٌ يوميّ. الكلّ يعرف مواقف الكلّ بالتفصيل. الكلّ يحيط بنوايا الكلّ ولا شيء يحتاج إلى التصريح.

لذلك تبدو الدعوة إلى الحوار، في لحظة وجوب انتخاب رئيس للجمهورية، خطوة من خارج السياق. بل هي إعتراف بالعجز من جهة ومحاولة لقول شيء في الوقت الضائع. فالكتل لو اجتمعت للبحث في اسم الرئيس ستختلف، وستكرر خياراتها المعروفة لتذهب وتعيد مسرحية التصويت في دورة أولى يليها تعطيل يسبق جلسة جديدة.

السؤال اليوم ليس من سيكون رئيساً، وإنما ماذا يريد هذا الرئيس أن يفعل؟ ما هو برنامجه الاقتصادي والاجتماعي والمالي؟ وما هو برنامجه لإعادة بناء الدولة القادرة، السيّدة، المستقلة، وصاحبة القرار في الشأن الوطني؟ وهل سيكون قادراً على تحمّل المهمة وانجازها في شقيْها الوطني والاقتصادي- المالي؟

الذين يتصدون لاختيار رئيس جديد ويعجزون، يقدّمون صورة سيئة في إعداد برامج الانقاذ، بدءاً من مسلسل جلسات الكابيتال كونترول التي تغطي هدر الودائع، وصولاً إلى إقرار الإصلاحات وإنجاز الاتفاقات مع البنك الدولي مروراً بموازنةٍ أثارت سخط المواطنين…

الطرف الأقوى المدعو إلى الحوار، «حزب الله»، يقول مسبقاً شروطه في مسألة الرئاسة. أوّلها أن يكون الرئيس موالياً لمنطقه وثانيها أن يقر الجميع بأنّ لا علاقة بين اختيار الرئيس وواقع «حزب الله» كثابتة وطنية أبدية. انتهى الحوار إذاً، بين حدّي عدم جدية أركان السلطة في المعالجات ورفض «حزب الله» التنازل عن أي مكسب حققه في سلطة الثلاثي الذهبي.

عند هذا الحدّ لا تنعدم جدوى الحوار فقط، بل يستحيل انتخاب الرئيس، ولا يبقى أمام الداعين إلى جلسات غير مجدية، سوى الانخراط في مشاورات وترتيبات جانبية، هي المعهود دائماً، علّها تفلح في إيجاد منفذ في جدار التعطيل وسوء النوايا.

 

طوني فرنسيس – نداء الوطن