التسوية: رئيس يعكس التوازن المثلث الأبعاد

يكاد العام الحالي ينقضي ومعه تتبخر الآمال بإتمام الاستحقاق الرئاسي. وسبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري ان سرّب عبر مجالسه توقعات مفادها ان الاستحقاق سيُنجز في نهاية العام وانه سيكون للبنان رئيس جديد قبل رأس السنة. هذه التوقعات لم تتحقق، والشغور الرئاسي سيستمر ردحاً من الزمن الى ان تتبلور تفاهمات ثلاثية الابعاد داخلية – إقليمية – دولية فتتقاطع حول اسم بعينه ليصار الى اختياره رئيسا للجمهورية. ومن المؤكد ان التوازن الذي فرضته القوى السيادية منذ اليوم الأول من خلال ترشيح النائب ميشال معوض اسهم في تلافي تبديد أصوات هذا الفريق وتبعثرها، ومنع إمكان اصطيادها بالمفرّق من قِبل “حزب الله” وفريقه العامل بمنهجية كبيرة على خط فرض مرشح منتمٍ الى ما يسمى “خط الممانعة”. ترشيح ميشال معوض حال دون بعثرة الأصوات التي بقيت بالحد الأدنى محمية من الاختراقات التي كان يمكن ان تحصل بجهود الرئيس نبيه بري. وعلى رغم ان الورقة البيضاء ظلت تتسيّد جلسات انتخاب الرئيس، فإن فشل فريق “الممانعة”، ولا سيما “حزب الله”، حتى الآن في ضبط صفوفه وحشدها خلف موقفه الواضح الساعي الى ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، أبقى المعادلة الداخلية في مجلس النواب متوازنة الى حد بعيد، علما انه كان بالإمكان تحسين موقع الفريق السيادي في مقابل “الممانعة” لو لم يتشتت التغييريون بفعل رهانات بعضهم التي تصب في مكان ما في طاحونة ما يسمى “الممانعة”. اكثر من ذلك، لو أمكن تحرير النواب الذين يقترعون بورقة تحمل اسم “لبنان الجديد” من ميل بعضهم للقفز الى سفينة “حزب الله” لكانت الصورة مختلفة. ومع ذلك نقول إنه أقلّه بنهاية العام الحالي لم يتمكن “حزب الله” من فرض مرشحه على اللبنانيين كما حصل سنة 2016، وهذه نقطة إيجابية تعكس تغييرا في المشهد السياسي اللبناني، وان لم يكن يرقى بعد الى مستوى التغيير الحاسم الذي ينتج بداية نوعاً من التوازن الحقيقي مع فائض القوة وما يستتبعها!

بناء على ما تقدم، فإن ازمة قوى “الممانعة” واضحة من خلال الفشل في اعلان اسم مرشح، أولاً بسبب الخلافات الداخلية وحدّة التنافس بين موارنة “حزب الله”، وهذا امر جيد. وثانياً لانه على رغم عدم قدرة السياديين على إيصال مرشحهم الذي يستحق تبوؤ الرئاسة، وعلى رغم كونهم جبهة غير متراصة في العمق، إلا ان التقاطع في حده الأدنى انتج نوعاً من التوازن في اللعبة، وشكّل عنصر ضغط على مجموعتي “التغييريين” و”لبنان الجديد” منعهما من الذهاب بعيدا خلف خيارات بعض وجوههم خدمة لـ”حزب الله” ومرشحه المفضل. وثالثاً فتح التعادل السلبي داخليا الباب امام القوى الإقليمية للدخول في اللعبة. وهذا امر جيد لانه يستدرج موقفا عربيا تقوده المملكة العربية السعودية لموازنة طغيان المشروع الإيراني واداته المحلية ويمنع وصول مرشح من “الخط”، يؤدي الى فرض معادلة المرشح الذي يمثل التوازن المثلث الابعاد المحلي والإقليمي والدولي، بما يقطع نهائيا مع مرحلة 2016 -2022 حيث ضُربت التوازنات الى ابعد الحدود. في هذه الحالة يصبح لزاما على “حزب الله” وفريقه الذهاب نحو تسوية تبدأ بعدم ترشيح أي شخصية من فريقه في مقابل سحب السياديين مرشحهم، ثم الاتفاق على الاسم “الذهبي” المعلوم!

 

علي حمادة – النهار