انتهى العهد الفاشل

نستقبل اليوم الأول بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون بكثير من الهدوء. صحيح ان معظم اللبنانيين تنفّسوا الصعداء مع خروج عون من القصر الجمهوري، فالرجل كان يقلّب دفتر حساباته في كل اتجاه لعلّه يكتشف ثغرة ما يمكنه التسلل عبرها بتنصيب صهره في رئاسة الجمهورية من بعده. على الطاولة دُرس احتمال تسلل عون من بين شقوق الشغور الذي يحمل قسطا وافرا من المسؤولية عنه، لعله يمدد ولايته بين عامين او ثلاثة أعوام بما يمكنه من تحسين وضعيته السياسية وتأمين طريق جبران باسيل نحو الرئاسة من بعده. فشلت هذه الحسابات فخرج عون من القصر ولم يدخله باسيل خليفة له. خرج عون، وهذا هو المهم. فالتسوية الرئاسية المشؤومة التي أتت به رئيسا للجمهورية كانت وبالاً على البلاد. كان من الأفضل ان تبقى البلاد في حالة من الشغور الرئاسي لأعوام وأعوام من ان يأتوا بميشال عون رئيسا للجمهورية، تارة بذريعة المصالحات المسيحية، وتارة أخرى بذريعة انقاذ اقتصاد البلاد من الانفجار، أو مؤسسات الدولة من التحلل. من هنا نقول ان نهاية عهد عون على رغم انها تفتح مرحلة من الشغور الذي يمكن ان يطول كثيرا، حيث ان اختيار رئيس جديد للجمهورية وفق حسابات “حزب الله” لن يكون سهل المنال، فالاتيان برئيس من ضمن فريق “حزب الله” اسوة بعون، سيكون صعبا للغاية، ونحن لا ننسى ان الرئيس الخارج لتوه من القصر الرئاسي فشل في ما فشل بسبب انحيازه الفاضح الى اجندة “حزب الله” المناقضة لأسس الدولة صاحبة السيادة على أراضيها وقرارها الوطني. من هنا من الصعب جدا ان يفلح “حزب الله” إما في الاتيان بباسيل رئيسا وإما بسليمان فرنجية الذي لن يكون في رئاسة الجمهورية اكثر من امتداد لـ”حزب الله” المهيمن على معظم القوى السياسية المعنية بالتركيبة.

للإنصاف نقول ان رحيل عون من الرئاسة لن يجلب النِّعم على لبنان لكنه سيزيل ثقلاً ناءت تحته البلاد. لقد كان رئيسا سيئا للغاية. وكانت البطانة التي تحيط به أسوأ منه. ولعل الأكثر سوءا منهما هذه الطغمة العائلية التي تملّكها جنون العظمة والحسابات الضيقة والصغيرة من كل نوع. ومع ذلك نقول ان عون الذي لم يرفّ له جفن فيما كان يزور موقع تفجير مرفأ بيروت بعيدا عن الشعب المصاب، ليس المتسبب الوحيد بما يعانيه اللبنانيون. هو احد أعضاء نادي الذين ظلموا لبنان واللبنانيين. واذ يرفع عون الصوت ويصعّد سياسيا، فإن الواقع انه خرج من موقع ظن انه سيبقى فيه الى الابد إما شخصيا وإما بواسطة خليفته المعلن. ان الرئيس السابق ميشال عون ينهي ولاية رئاسية بائسة الى ابعد الحدود. لقد كشفه الجمهور اللبناني العريض، وكشف اوهامه، وشعاراته التي لم تكن سوى غطاء لـ”جوع السلطة”، حتى تلك التي تمسك بحبالها ميليشيا مسلحة لم “تبخل” على اللبنانيين بالقتل والاغتيال والغزوات والقمع والتسلط.

لم يعد مهماً ان يوقّع عون مرسوما سخيفا بقبول استقالة حكومة نجيب ميقاتي. المهم انه ذهب الى منزله بعد ولاية بائسة. من هنا دعوتنا الى تجاهله. فهل من الصواب اطلاق النار على سيارة اسعاف؟

 

علي حمادة – النهار