…ولا كلّ الأسابيع!

في أسبوع “ولا كلّ الأسابيع” تتسابق وتتصادم فيه الاحداث والاستحقاقات المتراكمة في آخر أيام العهد العوني، نتساءل ماذا تراه سيجري بعد لكي يحجب حدث نهاية العهد نفسه عن المشهد الآتي؟ فلا افتعال كرة نار كبيرة من حجم افتعال ازمة حكومية، ولا حتى حدث انجاز تبادل وثائق اتفاق الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل في الناقورة، ولا أي “مشتقات” أخرى تمليها نهاية العهد ستكون كفيلة بتبريد الانفعالات المتفجرة التي ستواكب نهاية المسار الرئاسي لعهد الرئيس ميشال عون، والتي ستشكل بذاتها لحظة يصعب استباقها على مستوى رصد مشاعر اللبنانيين تجاهها بعد كل هذا الهول الذي صاروا عليه، خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة من هذا العهد. لم تعد المسألة مسألة تسابق على إدراج الاوصاف والنعوت الانهيارية التي استنفدها العهد، ولم يعد الامر يقدِّم أو يؤخِّر في حقبة أثبتت واقعيا وتاريخيا لجهة تشكيل عهد عون عهد الانهيار بلا أي جدل، ولكنها أبعد من ذلك لجهة مخلّفات نظرة الناس المدمرة الى الدولة والسلطة والمؤسسات عموما بعد هذه “المحنة” الشرسة التي عصفت بلبنان على نحو لم يشهد له مثيلا لا في الماضي القديم ولا الحديث حربا أو سلما. ولكن المذهل في الامر انه حتى في الأسبوع الأخير من العهد الراحل وشيكا يمعن العهد في التطوع عن نفسه وشركائه في ترسيخ ما يتهم به خصومه لجهة التسبب بزيادة محنة اللبنانيين على قاعدة تلك المعادلة المبتذلة “ما خلّونا”. ونعني بذلك اطلاق نفير الاستنفار لآخر ابتكارات التسبب بأزمة حكومية يراد لها ان تكرس منطقا “شمشوميا” إن هي تمكنت من شلّ حكومة تصريف الاعمال بالتزامن والتكامل والتشارك مع فراغ رئاسي بحيث تنزلق البلاد بسرعة قاتلة الى متاهة لا تقاس اخطارها بكل سوابق الفراغات او الفوضى التي عرفها لبنان. لعل الحكمة تقتضي مزيدا من الصبر قبل التوغل في تصور ما يمكن ان يغدو عليه لبنان في ظل حكومة قائمة وصالحة دستوريا ولكن مشلولة قسراً، وفي ظل رئاسة هائمة تنتظر توافقا شبه مستحيل تحقيقه قبل أمد طويل وغامض وخطير لانتخاب الرئيس الرابع عشر، وفي ظل انفجار تفاقم الازمات الانهيارية الكارثية التي يخلّفها العهد الآفل. ومع ذلك يتعين على كل الذين يغضبهم تحميل العهد التبعة الأكبر في الانهيار التاريخي الكارثي ان يلتفتوا الآن، والآن تحديدا، الى نهج و”فكر” يعتمد قاعدة تقويض الدستور والطائف في أسوأ المنعطفات التي يمر بها لبنان وكأنه انتقام اللحظة الأخيرة من اللبنانيين وليس من الخصوم الذين سيتفرجون هازجين على وقائع يوم رحيل العماد ميشال عون عن قصر بعبدا.

لن تؤدي أزمة حكومية، أياً تكن طبيعتها، اذا حصلت ولم توقفها “استفاقة” الحكمة في اللحظة الأخيرة الحاسمة، سوى الى مزيد من زيادات تغرق فيها البلاد وتسجل في خانة العهد الراحل ولو ظن انه يربط النزاع مع “اليوم التالي” الذي سيلي نهايته. لن يتطلع الناس اليوم وطوال اللحظات المقبلة على امتداد الأسبوع الطالع الى اليوم التالي، بل ان الواقع الجسيم الذي يعيشونه منذ سنوات وسيسمّرهم أمام لحظة نهاية العهد بلا أي التفات الى “شراكة” أخرى في الحدث. حتى ازمة حكومية اذا اصطُنعت لن تحجب حدث الرحيل المدوّي ولن يجدي نفعا أي افتعال امام هذا الاستحقاق بكل ما سيرافقه من دون انتظار الآتي!

 

نبيل بومنصف – النهار