ملاحظات على الاتفاق تحتاج إلى أجوبة

طالب حزب الكتائب ونواب من المعارضة عن حق رئيس مجلس النواب نبيه بري بتوزيع اتفاق الترسيم الحدودي مع اسرائيل على النواب تمهيدا لابداء الرأي فيه. لا يمكن للبنان ان يتخلف عن اسرائيل على هذا الصعيد فيما ان الاتفاق عرض على الحكومة الاسرائيلية ويعرض على الكنيست ايضا لاخذ العلم والاطلاع . يضاف الى ذلك ان السلطة التي فاوضت وان اعيد انتخابها ومنحها الاتفاق شرعية خارجية هي في اشد الحاجة اليها، الا انها لا تحظى بالثقة الداخلية سياسيا او شعبيا . ومن حق النواب حتى لو ان الاتفاق ليس معاهدة ولا اتفاقية الاطلاع على النص من اجل ان يأخذوا علما وعلى سبيل الاطلاع على رغم وجود اراء اخرى تفيد بالعكس اي ان مضمون الاتفاق يجب عرضه على مجلس النواب تنفيذا لاحكام الدستور نظرا لتداعياته التي ستترتب على لبنان لسنوات طويلة ايا تكن التسمية المعتمدة له وما دام الاطراف الضالعون والضامنون خارجيين . وليس متوقعا من النواب مناقشات تجوف الاتفاق او اقتراح تعديلات ظهر اكثر فاكثر استحالتها في الاونة الاخيرة بعدما ظن لبنان انه يستطيع تحت وطأة الحاجة الاميركية والاسرائيلية الى الاتفاق الحصول على تعديلات لمصلحته في الربع الساعة الاخير . ولكنه اضطر الى التراجع عنها بعد موقف اميركي حازم من اجل انقاذ الاتفاق الذي تهددت فرصة حصوله. ولا يتوقع من النواب التصفيق للسلطة على اتفاق يخشى ان عوامل شخصية وذاتية لعبت دورا كبيرا في انجاحه في هذا التوقيت بالذات علما ان التعامل الهزلي للبعض منهم مع جلسة انتخاب رئيس للجمهورية تدفع الى التساؤل اذا كان بعض النواب مؤهلين لهذه المهمة في الاصل . ولكن ما لا يمكن اغفاله ، وهو ما لا يمكن للنواب الا الاعتراف به ، هو ان الاتفاق ضروري ومهم جدا للبلد ولا يمكن الا تأييده بالمطلق لاعتبارات تتصل بالابعاد الاقتصادية في الدرجة الاولى .

يمكن تسجيل ملاحظات على بعض مضمون الاتفاق او طلب الاجابة عن تساؤلات اثارها في ظل وجود نقاط غامضة او مثيرة للالتباس . وقد يكون اهل السلطة يمتلكون اجوبة عليها من حيث المبدأ ، ولكن المعارضة لم تقم بدورها حتى الان في اثارة هذه التساؤلات اوالتعبير عن الرغبة في الحصول على اجوبة ازاءها ربما في انتظار الاطلاع على النسخة الرسمية باللغة العربية . فهناك شبه اجماع على ان لبنان وفي ذروة انهياره يحتاج الى خشبة خلاص يمثلها اتفاق يمنحه حق الاستفادة من ثرواته البحرية من اجل النهوض مجددا فيما انه لم يعد يملك ترف الحصول على اموال مساعدات مجانية ولا يملك اموالا لتمويل استمرار طبقته الحاكمة . بين النقاط الذي توقف عندها البعض وتحتاج الى توضيح على الاقل : في القسم الثاني على سبيل المثال وردت في مقاطع منفصلة اشارة قوية الى الاعتماد على حسن نية اسرائيل او تقويمها السليم والتصرف الموضوعي ازاء ذلك . ورد في المقطع (د) من القسم الثاني ان ” اسرائيل {لن تعترض على الأنشطة المعقولة والضرورية}، مثل المناورات الملاحية، التي يقوم بها مشغّل البلوك رقم 9 جنوب خط الحدود البحرية مباشرةً، في إطار سعي مشغّل البلوك رقم 9 إلى التنقيب في المكمَن المحتمَل وتطويره، ما دامت مثل هذه الأنشطة تحصل مع توجيه إشعار مسبق من مشغّل البلوك رقم 9 إلى إسرائيل.”. وفي البند (ه ) وردت عبارة ” يتعيّن على إسرائيل العمل ب{حسن نيّة } مع مشغّل البلوك رقم 9 لضمان تسوية هذا الاتفاق في الوقت المناسب. ولا يكون لبنان مسؤولًا عن أيّ ترتيب بين مشغّل البلوك رقم 9 وإسرائيل ولا طرفًا فيه”. كما وردت عبارة في البند (ز ) ” لن تمتنع إسرائيل{، دون مبرر، } عن منح موافقتها على الحفر الجاري وفقًا لأحكام هذا الاتفاق” . وفي هذه النقاط جميعها هناك تعويل على اسرائيل وحكمها الصحيح لما تراه ” انشطة معقولة او ضرورية ” او الا تجد ” مبررات ” للعرقلة . فيما ان ذلك قد لا يستمر متى اتت حكومة اسرائيلية جديدة كان لها روزنامة سياسية مختلفة او اختلفت الظروف الاسرائيلية ، ما يعني ان مجال الخلاف سيكون قويا وقد تعرقل الامور وتستدعي الوسيط الاميركي مرة بعد مرة وعند كل منعطف للتدخل . يثير هذا تساؤلات اذا كانت اسرائيل تملك اليد العليا لتقرير كل ذلك وتداعياته وهي الدولة التي لا يمكن حل الامور معها عبر التفاوض المباشر .

واستكمالا لهذه النقاط المتصلة ب” أنّ إسرائيل ومشغّل البلوك رقم 9 يخوضان بشكل منفصل نقاشات لتحديد نطاق الحقوق الاقتصادية العائدة لإسرائيل وانها ستعقد ومشغّل البلوك رقم 9 وإسرائيل اتفاقًية مالية قبيل اتخاذ مشغّل البلوك رقم 9 قرار الاستثمار النهائي.
الالتباس هنا ، إذا عجزت اسرائيل والشركة المشغلة توتال في التوصل إلى اتفاق مالي ، أو إذا وقع خلاف بينهما ، يعود لاسرائيل ان تجمد العمل في حقل قانا ام الامر متروك لحسن نيتها فحسب .

ولعل لبنان الرسمي حصل على توضيحات وربما تطمينات وحتى ضمانات من الجانب الاميركي لا سيما ان الاخير وفي مواقع عدة من الاتفاق يبدو اكثر من وسيط قد يتطلب انجاز الاتفاق ان يكون دوما على الخط من اجل وضعه على السكة الصحيحة حضورا ومتابعة دائمين و من اجل تذليل العقبات .

يعتقد البعض ان النواب سيطلعون فحسب على الاتفاق ليس الا

 

روزانا بومنصف – النهار