الاستحقاق الرئاسي: الحاجة إلى جلسة انتخاب جدّية

الدعوة التي وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى النواب لحضور جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم الخميس 13 تشرين الأول، هي من قبيل “النكنكات” السياسية التي لا تليق أولا برئيس لمجلس النواب، وثانيا لا تجوز باعتبارها “تزريكة” للرئيس ميشال عون وبطانته في الظرف الذي يعيشه لبنان راهنا، وخصوصا انه يمر بأحلك أيام الجمهورية منذ تأسيس الكيان قبل اكثر من مئة عام، وثالثا هذا ليس وقت الدعوة الى جلسات انتخابية هي اقرب الى اللاانتخاب في وقت يحتاج اللبنانيون الى انتخاب رئيس مهما حصل قبل ان تنتهي ولاية الرئيس الحالي الذي يلوّح بشكل او بآخر بالتمرد على الدستور والشرعية في حال لم يُصَر الى تلبية مطالبه التوزيرية غير العاقلة لقاء توقيعه، وهو المنتهية ولايته بعد نحو عشرين يوما.

ما تقدم لا يعني اننا نميل الى الحملة التي يشنها “التيار الوطني الحر” على رئيس مجلس النواب رداً على الدعوة يوم الثالث عشر من تشرين الأول، أي في يوم إحياء عون وتياره ذكرى لها مكانتها عندهم. بل اننا نربأ بالرئيس بري ان يحوّل الدعوات لانتخاب رئيس جديد الى نوع من المزاح. فعون والذكرى التي يحييها لا تستأهل كل هذا الاهتمام، لأنه لو كانت لدى الرئيس عون قدرة على اجراء تقييم لمرحلة الحرب العبثية فالهزيمة وما استتبعهما من لجوء الى السفارة الفرنسية، او ما سبقها من تمرد دموي على الدستور والشرعية والمؤسسات، الى عامين من إطالة أمد الحرب الاهلية، لما كان ليحيي هذه الذكرى. والأهم ان الذكرى التي رفع لها الرئيس عون شعار “حرب التحرير” لم تمنعه اثر العودة بعد خمسة عشر عاما من الإقامة الآمنة في فرنسا من عقد صفقة العودة مع النظام الأمني اللبناني – السوري المشترك لينتهي الامر بما سُمي “تفاهم مار مخايل” الشهير!

اذاً، اذا كانت لنا مواقف من مسيرة الجنرال ميشال عون، وهي عموما سلبية، لا نرى ضرورة لـ”النكنكة” السياسية التي حقيقة ليس أوانها الآن. الآن هو اوان العمل الجاد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يجب ألا يشبه الرئيس المنتهية ولايته في الأيام القليلة المقبلة. الآن هو أوان انتخاب رئيس جديد يكون متحررا من قبضة “حزب الله”، وبالتالي متحررا من قبضة قوى 8 آذار بشكل عام، وحركة “امل” ركن مركزي فيها. لكن التحرر من قبضة “حزب الله” وفريقه لا يعني ان يكون الآتي الى قصر بعبدا عدوا، او آتيا لخوض حرب أهلية داخلية مع الحزب المذكور وحلفائه. من هنا ان الأساس يكون باختيار رئيس جامع تحت سقف الدستور، والقانون، والشرعية، والتزامات لبنان العربية والدولية، وفوق ذلك ألا يكون “جائعا” بالمعنى الرخيص، او صاحب شهوة للسلطة لا يشبع ولا يرتدع.

ان لم يتم انتخاب رئيس جديد قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول الحالي، فإن ولاية الرئيس ميشال عون يجب ان تنتهي بسلام: ان يخرج بسلاسة من قصر بعبدا مهما كان شكل الحكومة التي ستمارس الحد الأدنى من السلطة خلال الشغور الرئاسي الذي يبدو انه الأكثر رجحانا. وفي هذه الاثناء نتمنى ان يقلل المسؤولون عندنا دفق المزاح و”التزريك” و”التنكيت” لأن الشعب قد ملّ حقا. من هنا دعوتنا ان تكون الجلسة المقبلة جلسة انتخاب جدية بدل ان تكون “لاجلسة” كسابقتها!

 

علي حمادة – النهار