اسم باسيل قد يرفع عن لائحة العقوبات الأميركية

تثير مواقف جبران باسيل إزاء الملف الحكومي، الحيرة في أذهان القوى السياسية. هل هو فعلاً يسعى إلى المساهمة على نحو إيجابي في تأليف حكومة جديدة تكون مراسيمها، آخر ما يوقعه رئيس الجمهورية ميشال عون قبيل مغادرته قصر بعبدا؟ أم أنّ مصلحته تقتضي ترك الباب مفتوحاً أمام فوضى دستورية تشعل حكومة تصريف الأعمال المطعون بشرعيتها، شرارتها الأولى؟

لا جواب شافياً لدى الكثير من الأطراف. والأرجح أنّ رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» يتخبّط في خياراته، بين هذه وتلك، وتتجاذبه الحسابات التي ستكون آخر أيام العهد، أبرز مفاصلها:

الأكيد أنّ «حزب الله» يسعى إلى إغلاق الباب أمام أي التباس دستوري قد تتركه حكومة نجيب ميقاتي ذات الشرعية المنقوصة في حال تسلّمت صلاحيات رئيس الجمهورية بفعل الأمر الواقع خصوصاً أنّ المؤشرات تتراكم على طريق الشغور الرئاسي لترفع من فرصه. والأكيد أيضاً أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كما رئيس الحكومة المكلّف يفضّلان إبقاء القديم على قدمه وقطع الطريق أمام باسيل في محاولاته تعويم حصّته في الحكومة الجديدة.

ولكن وزير الخارجية السابق مُربك في حساباته: إذا انضم إلى الجبهة المؤيّدة لقيام حكومة فسيكون بذلك قد ضرب بخطابه عرض الحائط لأنّه لن يحصّل من شروطه إلّا القليل منها وسيتخلى بالتالي عن امتياز الجلوس في صفوف المعارضة التي سيقفز إليها سريعاً صبيحة الأول من تشرين الثاني المقبل. ولكن يعني أيضاً أنّ الحكومة المتوافق عليها من مختلف الأطراف قد تتمكن من ضبط الوضع الآخذ في التدهور وقد تحول دون وقوع الانفجار الاجتماعي الكبير، وهو سيناريو ملائم لأجندة باسيل إذا ما ارتفع منسوب رهانه على الوقت ليعود من جديد إلى حلبة الترشّح الرئاسية.

في المقابل، فإنّ الاحتمال- النقيض يقضي بترك الأمور تذهب إلى مزيد من التدهور على قاعدة التعطيل الشامل، الذي يعتقد أنّه يجعل منه لاعباً أساسياً على الشطرنج الرئاسية في تكرار لتجربة ترئيس العماد ميشال عون بعدما حُصرت خيارات «حزب الله» به.

ولكنّ لهذا السيناريو جانباً مقلقاً أيضاً، ذلك لأنّ ترك الأمور متفلّتة قد يشرّع أبواب الفوضى الأمنية الناجمة عن التدهور الاجتماعي والاقتصادي والنقدي، ما قد يساهم في رفع أسهم قائد الجيش العماد جوزاف عون الرئاسية، خصوصاً أنّ الشغور سيعفيه من عبور معبر التعديل الدستوري الإلزامي ليكون مرشّحاً توافقياً تفرضه الرمال المتحركة وخشية بقية الأطراف كما الدول الغربية من انزلاق لبنان إلى مزيد من الفوضى القاتلة.

إذاً، لكل من السيناريوين حسناته وسيئاته. ولهذا يضرب باسيل حيناً، على وتر تسريع مشاورات التأليف، وأحياناً على وتر التعطيل.

وفي باله أنّ لكلّ منهما تبعاته غير المضمونة. ولكن يبدو أنّ الكفّة تميل للخيار الأول الذي يبقى بنظره أقلّ خطورة ومخاطرة، ويمنحه مزيداً من الوقت من دون الخشية من تطوّرات دراماتيكية تفقده المبادرة.

في الواقع، يوماً بعد يوم تزداد القناعة لدى الفريق العوني بأنّ الظروف ستكون لمصلحته مع الوقت. ترشّح باسيل لم يعد ضرباً جنونياً ولو أنّ معادلته الحسابية هي صفر محتّم. فهو معاقب وغير مقبول من معظم القوى السياسية ومرفوض خليجياً. ومع ذلك، تتجدّد القناعة لدى رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» بأنّ ظروف ترشيحه ستتحسّن مع الوقت وستجعله الرقم الأول، والأصعب.

وفق المطلعين على هذا المسار، فإنّ تقديرات باسيل بأنّ اسمه قد يرفع عن لائحة العقوبات الأميركية خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث يتردد أنّ المسار القانوني الذي أعلن عن اعتماده لمراجعة القرار الصادر بحقه من وزارة الخزانة الأميركية، قد يؤتي ثماره مطلع الربيع المقبل، ما يعني أنّ أمامه أشهراً قليلة لتحسين وضعه الداخلي والإقليمي ليصير مقبولاً من بقية الأطراف والقوى المؤثرة، ويفرض ترشيحه كخيار حتميّ.

وهو لذلك، سيستخدم كلّ الأوراق المتاحة التي تعيد إحياء وتشريع وجوده على الحلبة الرئاسية، وتُبعد منافسيه من أمامه، ليستثمر كلّ لحظة شغور رئاسي، لمصلحته. وها هو بدأ معركة التصويب المباشر على احتمال ترئيس قائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود.

تلك هي خطته. أمّا تنفيذها، فالأرجح، أنه يحتاج إلى معجزة!

 

كلير شكر – نداء الوطن