أولويات جبران

«شو عدا ما بدا؟؟».

سؤال لا بدّ أن يُطرح مع تدفق أولويات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في عزّ حشرة تعقيدات ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل… وبالتزامن مع «المؤامرة الموصوفة» التي اعتبر العونيون أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يدبّرها من خلال دعوته إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 13 تشرين الأول، تاريخ هروب الرئيس القوي من قصر بعبدا ولجوئه إلى السفارة الفرنسية، ليصبّ الملح على جراح التاريخ الأليم للتيار… وتحديداً مع اقتراب نهاية العهد في 31 الجاري.

لكن تبقى النكتة في مضمون هذه الأولويات التي مُسحت الأرض بها ليس فقط طوال ست سنوات على امتداد العهد القوي، وإنما منذ تحولت المعادلة إلى «لعيون الصهر ما تتشكل حكومة» ومنذ الاستعصاءات التي لم تزرع إلا الشلل في مؤسسات الدولة وصولاً إلى انهيارها، ومنذ مصادرة الدستور ليصير ألعوبة، ومنذ «التزام التيار الوطني الحر» بأجندة «حزب الله» فيطيح بعلاقات لبنان الدولية والعربية وييمّم وجهه شرقاً، لإرضاء المحور الإيراني وتوابعه، ويكرِّس الطائفية ويرفع لواء حماية حقوق المسيحيين… وصولاً إلى جهنم.

ما علينا. صحيح أن التوقيت في غير محله، لكن جبران أدرى بشعابه… وغالبية أولوياته خبزها وعجنها وباع واشترى فيها ومدّ يده إليها بالطول والعرض.

وأهمّ ما في هذه الأولويات هي اعتبارها مشروعاً كاملاً متكاملاً لرئيس عتيد للجمهورية. فالصهر لم يغفل شيئاً، سواء في السياسة الخارجية والدفاعية وحماية السيادة والحدود الفالتة على طولها وعرضها، بفضل «الغطاء المسيحي» المتولد من «تفاهم مار مخايل».

وأيضاً في التوازن الوطني والشراكة، وتحديداً الشراكة التي يرفضها الريس جبران داخل تياره، فيطرد أو «يُطفِّش» من لا يواليه ولاءً أعمى أو من يشكل خطراً عليه بحضوره وأخلاقه وقدرته على الخدمة العامة، لذا تتم إزاحته.

وفي تحديد أدق، لا بد من لحظ ماهية الشراكة مع أي مكون مسيحي كماروني يشكل منافساً ورئيساً محتملاً، حينها يكون الضرب من تحت الحزام. والكل سواسية فلا حليف ولا خصم… كلهم أعداء يجب نسف وجودهم واغتيالهم سياسياً.

أما عندما تتطرق الأولويات إلى معالجة الانهيار، فالإنشاء والعموميات تتدفق ويمكنها ملء سدّ المسيلحة، وتشعّ فتكفي لإنارة لبنان من شماله إلى جنوبه ومن بقاعه إلى خط الساحل ومن جباله إلى عمق وديانه.

وفي القضاء، لنا في قاضية البلاط نموذج، ولنا في الاستماتة لإطلاق سراح بدري ضاهر أمثولة، ولنا في التغاضي عن نسف التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت عبرة.

لتبقى الثروة الوطنية… وفي هذا المقام اسمحوا لنا… فجيب جبران والخزينة واحد. وهو حاضر ليتبرع حتى بدمه لتغذية هذه الثروة الوطنية مع أن العين بصيرة واليد قصيرة… وبالكاد يكفي الراتب لنصف الشهر… وبعد ذلك… العشاء خبز وزيتون.

من هنا، لو جبنا الهند والسند فلن نجد مرشحاً سوى جبران يستطيع اجتراح المعجزات ونقلنا من مجرة البؤس الحالي إلى جنات الخلد التي يتضمن وصولنا إليها ورقة الأولويات الواعدة، واستعداد صاحبها لبذل «أي جهد ممكن للقيام بالتواصل الإفرادي أو أي نوع من اللقاءات لمحاولة توحيد الكلمة والصف الماروني»، شرط أن يتولى الرئيس القوي قيادة مسيرتها ليبارك خليفته. ولنا أن نستنبط من سيكون الخليفة…

حقيقة… أولويات جبران ضربة معلم ومن كعب الدست… فهي مهد الفراغ الذي لا يسعى إلا لسواه… ما دامت الرئاسة لن تصل إليه.

وتوقيت إتحافنا بها يعني أن لا داعي للجوء إلى الطريق المختصر والاكتفاء بتطبيق الدستور الذي ينصّ على التوجه إلى مجلس النواب والقيام بواجبات انتخاب رئيس قبل خلوّ كرسي بعبدا!!

 

 

سناء الجاك -نداء الوطن