لماذا غيّب لقاء دار الفتوى قضايا خلافيّة؟

كان واضحا ان خطاب المفتي عبد اللطيف دريان في اللقاء الذي عقد في دار الفتوى يوم السبت ، وضم 24 نائبا من اصل 27 الذين يمثلون الطائفة السنية في مجلس النواب ، حاول ان يوازن ما بين لغة جامعة لا تخدش “آذان” بعض النواب المنتمين الى قوى 8 آذار ، والثوابت الوطنية التي يؤمن بها الجمهور السني بشكل عام . وبطبيعة الحال ما كان يمكن لمفتي الجمهورية ان يعتمد لغة تصادمية في اللقاء في وقت سعى الى ان يكون كلامه عنصر وصل، وتهدئة ، وموضع اجماع بين النواب . لكن نسجل على دار الافتاء انها غيبت في خطاب المفتي و البيان الذي صدر اثر الاجتماع ، بشكل او بآخر، عنوانين رئيسيين اهم بأشواط من الخطاب الذي ظل اسير شيء من العموميات . ففي ما يتعلق بإحترام القرارات الدولية لم يلحظ بشكل واضح القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان جرى اغفال المسألة ، لا سيما ان ما يهمنا نحن في لبنان هي القرارات الدولية المتعلقة بأزماتنا قبل القرارات الدولية المعلقة بالقضية الفلسطينية . و هنا لا بد لنا ان نلفت عناية دار الفتوى ان لا السنة ولا بقية الطوائف اللبنانية هم في حاجة دائمة الى اعادة ادراج القضية الفلسطينية في بيانات ذات بعد محلي بأسلوب يجعلنا نشعر انه “فحص دم” في الوطنية والعروبة . النقطة الثانية التي نود ان نتوقف عندها هي قضية السلاح غير الشرعي . وهنا نقول ان كلمة المفتي كما البيان كان يمكن ان يشيرا الى هذه المسألة الخلافية الكبرى في البلد. ونذكر ان غالبية عظمى من الجمهور الذي يتوجه اليه في مسعى لابراز شيء من التماسك السني في مرحلة غاب فيها تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري يعتبر القضية اساسية و خلافية . ولا يهم ان يكون سنة “حزب الله” حاضرين في الاجتماع فهم في النهاية يلعبون خارج النسيج السني العام ، ومرجعيتهم ليست دار الفتوى ، ولا شارعهم السني ، بل قيادة “حزب الله” وحدها . كان لا بد من ذكر هذه القضية الخلافية، لانها حقا خلافية ، ولا تتعلق بالمكان الذي يجري فيه حديث كمائدة السفير السعودي . وهنا نحيلكم الى كلمة وزير الخارجية السعودي التي القاها في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك الاسبوع الماضي حيث ركز على قضية الاصلاحات ، والسياسية و الاقتصادية ومنع تصدير الارهاب و الجريمة المنظمة . هذا اهم بكثير من الاشارات المتكررة الى العلاقات اللبنانية مع العرب ، والحديث العمومي عن الانتماء ، ورفض الشتائم الى ما هنالك من صياغات تجميلية لواقع بشع يمثله سلوك “حزب الله” داخليا وخارجيا على حد سواء.

بشكل عام كانت فكرة الاجتماع جيدة ، ودار الفتوى هي دار جميع المسلمين السنة بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية . لكن المفتي يعرف ان المسألة الخلافية مع “حزب الله” هي اكثر من انتماء سياسي ،انها معركة سياسية ، و ثقافية ، وفكرية ، و جماهيرية مع فريق يستقوي بتبعيته لمشروع اقليمي آت من قلب طهران حيث يقمع ملايين الناس بإسم قراءة خاصة للدين والشريعة ، و بإسم يسمى”ثورة” صارت سجنا كبيرا . ولنا في مشاهد قتل النساء هذه الايام خير مثال عن هذا النموذج الذي ينتمي اليه نائبان او ربما اكثر بقليل ممن حضروا يوم السبت الماضي لقاء دار الفتوى .

علي حمادة – النهار