على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد إعلان وفاة الملكة إليزابيث الثانية عن عمر ناهز 96 عاماً، ورد أن رئيس الجمهورية ميشال عون أصبح الآن أكبر مسؤول في العالم عمراً. مع التمنّي للرئيس اللبناني طول العمر، لا بدّ من إجراء مقارنة تفرضها مناسبة رحيل ملكة بريطانيا بعد هذا العمر المديد الذي من بينه 70 عاماً من اعتلاء عرش بلادها؟
في عالم سريع التقلبات والتغيّرات، تراجع النفوذ البريطاني والمجتمع تغيّر تغيّراً لافتاً جداً، حتى بات دور المؤسسة الملكية نفسه مثار جدل. لكن نجاح الملكة في الحفاظ على الملكية خلال هذه الفترات العصيبة كان إنجازاً عظيماً. ففي مطلع شبابها التحقت الأميرة مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية بقوات الاحتياط البرّية حيث تعلمت قيادة وإصلاح الشاحنات. وفي يوم النصر، انضمّت إليزابيث إلى العائلة المالكة في قصر باكنغهام بينما كان آلاف الناس في الخارج يحتفلون بانتهاء الحرب في أوروبا. وما لبثت أن طلبت من والديها الإذن بالانضمام خفية إلى الجماهير وكان لها ذلك.
ومن موقعها كرئيسة للكومنولث، أخذت تحصل فيه المزيد من المستعمرات السابقة على استقلالها.
وفي عهدها، حدثت تغيّرات في الوضع المالي للعائلة الملكية. وبدأ البرلمان يدقق في المبالغ المدفوعة للمؤسسة الملكية، وبدأت الملكة بدفع الضرائب عن دخلها من الاستثمار وفرضت تخفيضات على نفقاتها.
ونخلص الى هذه الفقرة التي أوردها موقع بي بي سي الإلكتروني: “مهما كانت التغييرات التي حدثت في العلاقة بين الملكية والشعب فإن من الواضح أن التأييد العام للملكة ظلّ قويّاً. فقد نجحت الملكة برفقة زوجها الراحل الأمير فيليب، دوق إدنبرة، في الإبحار بنجاح وأمان بسفينة الملكية في القرن الحادي والعشرين”.
في لبنان، عشية وفاة ملكة بريطانيا، أطل الرئيس عون في حديث صحافي محذراً من أنه “ما لم تتفكّك هذه المنظومة التي تحترف الفساد منذ التسعينيات وتتوزع الأدوار فهي ستأخذ اللبنانيين الى قعر الهاوية أكثر فأكثر”، داعياً إيّاهم الى “تصويب غضبهم في اتجاه مَن تسبّب بإفقارهم نتيجة الاقتصاد الريعي وسياسة الاستدانة والصفقات المشبوهة والفساد المتراكم، لا في اتجاه من واجه كل هذه الارتكابات”.
إذن، قبل أسابيع من انتهاء ولايته التي تبلغ 6 أعوام، يذكّر الرئيس عون المواطنين بـ”جهنّم” التي سبق له أن حذر اللبنانيين من أنهم ذاهبون إليها. وما قاله بالأمس، هو للتأكيد أن لبنان صار في جهنم التي هي بهاويات عدة.
لو جرت مقارنة الدستور البريطاني بالدستور اللبناني، لكانت الملكة إليزابيث الثانية لو بقيت على قيد الحياة، تمنّت لو أنها تمتعت بالصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس عون.
مهما كانت التقديرات، فإن بريطانيا ما زالت دولة عظمى. أما لبنان، فقد صار في عهد الرئيس عون جهنّم، ينزل في هاوية تلو الهاوية.
عندما أنشأت فرنسا لبنان الكبير عام 1920 كان وطناً تحوّل الى مكان “نيّال من له مرقد عنزة” فيه.
يا ليت لو كان في لبنان رئيس كملكة بريطانيا بلا صلاحيات.
أحمد عياش – النهار