تفاؤل “القوات” بتقارب المعارضة…

تقترب “القوات اللبنانية” من هدف “لمّ شمل” قوى المعارضة التعددية رئاسيّاً، كعنوان أكّدت على أهمية تحقيقه بعد الانتخابات النيابية الماضية. وتتسارع مهمّة إنجاز “كرسيّ مرشّح رئاسيّ” مستند إلى مفاصل أربعة يتركّز عليها على أرض الاستحقاق المنتظر. وتتمثل أهمية كلّ مفصل في ضمان ثبات “المقعد الأول”، لئلا يتخلخل إذا فُقدت إحدى قواعده المكوّنة أكثرية نيابية منتخبة. وتستند النظرة الإيجابية التي تعوّل عليها معراب إلى أجواء ومعلومات معبّرة عن تقدّم في المشاورات القائمة بين غالبية الكتل التي تمثّل هذه الأكثرية المتعدّدة. ويعتمد المفصل الأول على النجاح الذي تحقق في الوصول إلى وحدة رؤى على صعيد مجموعة من الكتل السيادية في كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي. وكذلك، هناك تعبير عن تبلور مشتركات جيّدة ومهمّة مع تكتل النواب التغييريين، كالمفصل الثاني؛ وذلك بعد اللقاء الذي جمع المكوّنين في معراب. وتهتمّ “القوات” باستطلاع التوصيات التي ستصدر عن الاجتماع السني النيابي الموسّع بتاريخ 24 أيلول في دار الفتوى، حيث تقرأ في اللقاء تأكيداً على مجموعة مبادئ خاصة بالدستور واتفاق الطائف. أمّا المفصل الرابع، فقائم على تصوّرات قريبة للخيارات الرئاسية من جهة الحزب التقدمي الاشتراكي بحسب ما أنتجت المشاورات المستمرّة واللقاءات الحديثة.

وتراهن معراب على نوع من “الوحدة الأولية” التي بدأت تُبنى بين أضلع المعارضة المذكورة، بانتظار الانتقال السريع إلى مرحلة طرح الأسماء مع استراتيجية “قواتية” قائمة على المبادرة الهجومية رئاسيّاً من خلال ترسيخ “النصف زائد واحد” نيابياً أولاً، قبل الإعلان القريب للاسم واستباق أيّ ترشيحات مقابلة والتركيز على أهمية حصول الاستحقاق الدستوري في مهلته الزمنية. وتسعى إلى أن تتلاقى هذه الدينامية المحلية مع الحضّ الدولي المتصاعد لأهمية حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها. وتشير المعطيات إلى أنّ التداول في الأسماء الرئاسية وضع عملياً على طاولة البحث بين تكتل “الجمهورية القوية” وكتل سيادية البارزة، لكن التكتّم حولها سيستمرّ حتى لحظة الإعلان المناسبة واستكمال صورة المشاورات القائمة. وإلى ذلك، تلفت المعطيات إلى أنّ رئيس “القوات” لن يكون مرشحاً رئاسياً. وتأتي إشارته إلى أنه “في حال طلبت أكثرية نواب المعارضة تحضير برنامج رئاسي فلا مانع لديه”، رداً على سؤال من دون أن يعني ذلك توجّهه إلى الترشّح أو إعطاء السؤال الذي طرح أكثر مما يحتمل. وهنا، تركّز “القوات” على أولوية وحدة المعارضة والاتجاه نحو جمع المكونات السيادية مع بعضها البعض.

وتؤكد مصادر رسمية بارزة في “القوات” أن “البحث يستمر حالياً حول إمكان الاتفاق على “رئيس عتيد” بين القوى السيادية، على أساس طرحين اثنين: اختيار مرشح غير خاضع لأجندة “حزب الله” من جهة، وانتقائه كاسم قادر على الوصول إلى قصر بعبدا في ظلّ الموازين القائمة للمجلس النيابي من جهة ثانية”. وهنا، تقول المصادر لـ”النهار” إن “المساعي تتجه إلى اختيار اسم “غير مستفزّ” للمكونات البرلمانية على تنوعّها. وبذلك، لا بدّ ان يتشارك النموذج الذي ستخوض “القوات” معركة دعم ترشيحه مؤهلات تجمع بين الوضوح السياسي وتطبيق الدستور واللا استفزاز وعدم الخضوع لـ”حزب الله”؛ مع اعتباره أنه من الذكاء دعم رئيس يستطيع تشكيل مرجعية متقدمة سياسياً بالعناوين المذكورة”.

وتشير الانطباعات المتكوّنة في المجالس السياسية “القواتية” وسط جولة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، إلى أن الرياض مهتمة بالشأن اللبناني لا بل إنّها أكثر جهة معنيّة به خلافاً للآراء والتحليلات التي تضعها في موقع “المنسحب سياسياً” من بيروت. وبحسب مصادر “القوات” المطلعة على لقاء جعجع – البخاري الذي دام قرابة الساعتين، فإن “السعودية تؤيد وصول رئيس لبناني يعكس تطلعات الشعب اللبناني ويحترم الدستور، وأن تكون المؤسسات في عهده غير خاضعة سوى للمتطلبات الدستورية والقانونية. وهي ترفض التعاون مع وصول مرشحين مناهضين للدستور أو ساعين للانقلاب عليه. وتدعم في المؤهلات وصول رئيس يعمل يطبّق الإصلاحات ويحارب الفساد. وتنسجم مع “بروفايل رئاسي” يعيد الاعتبار إلى علاقات لبنان الخارجية ويؤكد على عضويته في جامعة الدول العربية”. وتضيء الاوساط على “استعداد السعودية لدعم لبنان بالشكل المعهود تاريخياً وتأمين الدعم المفتوح للبلاد بما يعني المساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي تدريجاً، إذا بدأت مسألة إعادة الاعتبار للدولة ووضعت على السكة الصحيحة، بدل استمرار خضوع المؤسسات لنفوذ الدويلة والأمر الواقع. وفي وقت كانت عملت على رعاية اتفاق الطائف والوصول إلى وقف الحرب اللبنانية، فإنها على استعداد كامل لرعاية الوضع اللبناني الجديد من خلال تصحيح الانقلاب على الطائف الذي لم يطبّق في زمن الوصاية السورية كما اليوم في ظلّ الهيمنة الايرانية”.

وفي الغضون، تعبّر مصادر “القوات” عن “انتقادات ملحوظة لجهة الاستعراض الحاصل على مقلب محور الممانعة بعد التلويح بمساعدات ايرانية للبنان على صعيد الفيول، لما تقرأ فيه تضخيماً متعمداً مترافقاً مع تخبّط كبير يعكس محدودية القدرة على المساعدة نظراً للكميات المعبّر عنها والتي لا تعتبر ذات تأثير فعلي في المساهمة بعودة التيار الكهربائي حتى لساعات قليلة”. وتختم: “إذا أرادت إيران مساعدة لبنان فعلياً فإن دعم خيار الدولة والتوقف عن تدعيم نفوذ الحالة الثورية التي انطلقت منها كأول ما يستوجب عليها القيام به. وبمعنى أوضح، إنّ أيّ مساعدة تبدأ باتّخاذها قرارات مساهمة في تسليم سلاح “حزب الله” إلى الدولة”.

 

مجد بو مجاهد – النهار