البيان الثلاثي يستبق الشغور الرئاسيّ

من المهم بمكان التوقف عند البيان الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي المهم الذي صدر يوم الخميس على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة حول لبنان ، حيث ركز على اربع نقاط مركزية : الأولى إتمام الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني و العمل مع مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة للتغلب على الازمة الحالية. الثانية تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل لمواجهة الازمة السياسية والاقتصادية في لبنان وتحديدا تلك الإصلاحات اللازمة للتوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي . الثالثة إعادة إقرار الدور الحاسم للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي بوصفهما المدافعين الشرعيين عن سيادية البلد واستقراره الداخلي . الرابعة التزام الطائف الذي يحفظ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي و تطبيق القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن الرقم ١٥٥٩ ، ١٦٨٠، ١٧٠١، ٢٦٥٠.

هذا التذكير بالنقاط المركزية يهدف الى الإضاءة على المقاربة العربية الدولية للازمة اللبنانية . فالبيان واضح جدا لجهة وضع الاستحقاق الرئاسي في مقدمة الاستحقاقات التي يجب ان تتم قبل أي شيء آخر . بمعنى التشديد على رفض التلاعب بالمواعيد الدستورية تماما كما حصل في ما يتعلق بإستحقاق الانتخابات النيابية الأخيرة حيث ضغط المجتمع الدولي بشقيه العربي والأجنبي منعا للعب على المواعيد . والبيان واضح أيضا بالنسبة الى تشكيل حكومة . فهو يربطها بالقدرة على تنفيذ الاصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل بما يفيد ان تشكيل حكومة أي حكومة ليس الهدف والمطلوب ، بل تشكيل حكومة امامها مهمة واضحة ، لا ان تكون تكون الحكومة مسرحا لحروب تقاسم جبنة السلطة و المواقع و المناصب في المرحلة المقبلة . والبيان واضح اكثر لجهة التشديد على دور القوى العسكرية والأمنية الشرعية في البلاد بوصفها مسؤولة عن السيادة و الاستقرار ، وهذه إشارة ضمنية الى عدم الاعتراف بأي مسوؤلية ل”حزب الله” في هذا الشأن . وأخيرا البيان يعيد التأكيد على القرارت الدولية ذات الصلة بلبنان ، وأولها القرار الذي نعتبره نحن اهم القرارات اطلاقا ، عنينا القرار ١٥٥٩وصولا الى القرار الشديد الأهمية الرقم ٢٦٥٠ المتعلق بالتجديد الأخير لقوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان . هذا القرار اتى ليضع أساسا مستقبليا لمهمة القوات الدولية فيما يقوم “حزب الله” بخرق القرار ١٧٠١ بشكل منهجي بات معروفا من القاصي و الداني .

لا يغيب عن اهتمامنا إشارة البيان المذكور المتعلق بإتفاق الطائف الذي يعيد الثلاثي العربي – الدولي التأكيد على دوره المرعي في انتظام البلاد بمؤسساتها ضمن السلطات الثلاث التنفيذية ، التشريعية ، القضائية . لا سيما تحسبا لمحاولة واضحة المعالم يتم التحضير لها من قبل الرئيس ميشال عون و”حزب الله” لدفع البلاد الى ازمة على هامش الاستحقاق الرئاسي ، والشغور الذي يلوح في الأفق ، من اجل استكمال تجويف الدستور الحالي بذريعة قصوره ، والحاجة الى ادخال تعديلات فيه . هذه وسيلة لفتح الباب امام “مؤتمر تأسيسي” ما لقلب النظام اللبناني ، و معها الصيغة ، والتوازنات الدقيقة ، ونمط العيش وبالتالي الهوية . ثمة معلومات متقاطعة تشير الى ان كلا فريقي رئيس الجمهورية و “حزب الله” كل واحد منهما لاسباب خاصة به ، يطرحان موضوع تعديل دستور الطائف لمدخل لحل الازمة السياسية اللبنانية . و البيان الثلاثي يستبق هذا الامر بدعم مرجعية الطائف بوجه “حزب الله” وعون .

 

علي حمادة – النهار