ماذا بعد الحدود البحرية ؟!

محمد ناصرالدين

ليس لبنان وحده من ينتظر توقيع اتفاق بخصوص ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني، باعتباره خلاصاً اقتصادياً للبنان الذي يعيش ركوداً وتضخماً اقتصادياً، ولا شك لإبعاد شبح الحرب الذي يلوح في الأفق.
ولا شك أن الكيان الصهيوني يعول كثيراً على الثروة النفطية التي تعزز مصادر قوته، وتنفيذاً لمعتقدات استمراره بالاستحواذ على مصادر الطاقة والمياه وبناء مرافئ مهمة.
الاتحاد الأوروبي، من جهته، ينتظر بفارغ الصبر أيضاً توقيع هذا الاتفاق، كونه مصدراً بديلاً، بعد ان استَفَزَّت مضخات الغاز الروسي العَوَز الأوروبي ،و بات الشتاء القارص قاب قوسين او ادنى.
بالطبع قد تُفضل دول هذا الاتحاد التعامل مع شريك اقتصادي مألوف كالكيان الصهيوني، على التعامل مع وطن يمشي تارة في الظل وتارة في الشمس وعلى الرغم من ذلك فإن دول الاتحاد ستستفيد بالطبع من الافلاس اللبناني لتوقيع اتفاقات طويلة الأمد في ما يخص النفط والغاز.

الخطوة الدبلوماسية الأميركية دائما ما تكون محسوبة، وما من خدمات مجانية تقدمها الخارجية الأميركية. فالوساطة الأميركية هي الطرف المضمون ربحه من العملية بأكملها. فخيار توقيع اتفاق يقدم ارباح اقتصادية ومعنوية للطرف الأميركية خصوصاً ان عوكر ستحدد مجرى انابيب الغاز المستقبلية عوضاً عن حماية اسرائيل وبنيتها من ارتال صواريخ حزب الله وخيار فشل المفاوضات ليس بعيدا عن طاولة الامركيين.

لنعود قليلاً إلى الوراء، من أحلام تل أبيت كانت فرض شراكة اقتصادية مع دول الوطن العربي، كونه باعتقادهم، العامل الأول لتكريس التطبيع، وهذا ما سعى إليه مشروع الشرق الأوسط الجديد. وبهذا ستُساق الحكومات العربية لتوقيع اتفاق تلو الآخر مع حكومة تل أبيب في الأراضي المحتلة.
وبغض النظر عن نتائج مفاوضات الترسيم اللبنانية، لن تفرط تل أبيب وشركائها الأوروبيين بأي جهد أو وسيلة أو إغراء لمحاولة جر لبنان لتوقيع اتفاقات “مشتركة” لنقل الغاز.
باعتقادنا أن إسرائيل ستعتنق هذه الفكرة مرة أخرى وبشدة، لسببن، أولاً حاجة أوروبا للغاز بعد التوترات الأخيرة في شرق القارة العجوز، وثانياً هو أن مرفأ بيروت المنافس الوحيد لمرفأ حيفا، أصبح خارج السباق بعد انفجار آب وعجز الحكومة اللبنانية عن ترميمه!
الحدود البحرية وترسيمها، قضية متشابكة، تخرج عن كونها صراح حدود، فهي تفتح آفاق جديدة لمستقبل اقتصادي واعد، رغم أن غيوم الحرب ما انحسرت ، وخطر وقوع الدبلوماسية في أي المحظورين وارد جدا ” الحرب أو التطبيع!”