العليّة: هيئة الشراء العام ستوقف زمن الفساد

في دولة اللاقانون، انتصر قانون الشراء العام، وأصبح نافذاً في 29 تموز 2022. وفي دولة المفسدين انتصر المدير العام لإدارة المناقصات جان العليّة على سماسرة البواخر والصفقات وأصبح رئيساً لهيئة الشراء العامّ بموجب القانون.

هذا اليومُ أخاف أصحابَ المصالح الحريصين على المسار المشبوه لتلزيم الفساد بالتراضي، فلجأوا إلى القضاء لتشويه صورة العليّة واتّهامه بالإساءة إلى القضاء، ومثُل بموجب دعوة “غبّ الطلب” أمام القضاء في 19 تموز كشاهد لا كمتّهم، معلناً انتهاء مسرحية المحاولات الأخيرة لعرقلة تطبيق قانون الشراء العامّ.

 

ما بعد قانون الشراء ليس كما قبله

يؤكّد جان العليّة بوصفه رئيس هيئة الشراء العام بموجب القانون، في حديثه لـ”أساس”، أنّ “المسرحية انتهت”، متمنّياً على “الذين حاولوا استعمال القضاء لتحقيق مصالح خاصة، وللتهويل من أجل التأثير على مزايدة السوق الحرّة، وللتوصّل إلى خلق دعوى قضائية بوجهي، ولو كانت تحت مسمّى الإساءة إلى القضاء للتأثير عليّ مع اقتراب نفاذ قانون الشراء العام، ألّا يعودوا إلى هذه المسرحيات من جديد لأنّهم سيفشلون مجدّداً، ذلك أنّني سأواجههم بنفس الطريقة، ولا أحد يمكنه إخفاء الحقيقة بالتهويل والتخوين”.
وعن المرحلة المقبلة يحدّثنا العلّية، الذي يبدو كما عهدناه متحمّساً للعمل، ينجز من منزله خلال عطلة نهاية الأسبوع بعض الأعمال، وعلى يمينه القانون، فيقول: “اليوم يتوجّب عليّ أن أعمل بالصلاحيّات الممنوحة لي بصفتي رئيس هيئة الشراء العام، من أجل ضبط حركة الإنفاق العام، خدمةً لمصالح الشعب اللبناني، فالناس تريد أفعالاً، وهناك الكثير من العمل”. ويؤكّد أنّ “موضوع الصفقات العمومية شائك جدّاً ويحتاج إلى خطوات عمليّة، والمرحلة اليوم هي للعمل بشفافيّة، ولنسمح لجميع اللبنانيين أن يروا الإنفاق العام كيف وأين يذهب، ولنجعل كلّ الوزارات والإدارات والمجالس تعتمد السبل القانونية، ولنحاسب المخالف ليس لإلحاق الأذى به، بل لنحمي الشعب اللبناني من هذه المخالفات التي أدّت إلى إفلاسه”.

 

تلزيم من دون ضغوط سياسيّة

ينظّم قانون الشراء العام كلّ ما تشتريه الدولة اللبنانية والقطاع العامّ بكلّ مؤسّساته من وزارات ومجالس بلديّات، ويُعوَّل عليه في إنهاء الفوضى الكبيرة في موضوع المناقصات والمشتريات، التي تتحمّل جزءاً كبيراً من الانهيار الحاصل في البلد، ووضع لبنان على الطريق الفعليّ للحدّ من الفساد. لأنّه يُعتبر أحد أهمّ القوانين الإصلاحية التي التزم لبنان بالعمل عليها وإقرارها وفقاً للمعايير الدولية المعتمَدة، بهدف تعزيز الشفافية والنزاهة والمساءلة، واستعادة ثقة المجتمعين المحلّي والدولي.

أعدّ “معهد باسل فليحان” القانون، وقدّمه النائبان ميشال موسى وياسين جابر في شباط 2020، وتمّت مناقشته على مدى 45 جلسة. وبموجبه تكون هيئة الشراء العامّ هيئة محايدة ومستقلّة، وتتمتّع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، ولا تخضع لسلطة تسلسليّة أو لسلطة وصاية إدارية، ويكون لها الصلاحية في إدارة التلزيم من دون ضغوط سياسية.
لذلك شكّل هذا القانون قلقاً لعرّابي الصفقات، ولم تكن الحرب الأخيرة على العليّة هي الأولى، بل سبقتها حرب ممنهجة ضدّ القانون منذ اقتراحه في مجلس النواب، وكان التيار الوطني الحر رأس حربة في الانتقام من هذا القانون. إذ تقدّم رئيس التيار جبران باسيل ونواب تيّاره بطعن أمام المجلس الدستوري بقانون “الشراء العام” قبل عام، ووصفوه بأنّه “غير القابل للتطبيق”. ولا يبدو أنّها ستكون الحرب الأخيرة. فبعد فشلهم في النيل من القانون نفسه، يلوح أنّ تركيزهم سينصبّ على من يطبّقه… عسى أن تتحقّق أمنياتهم وتصبح هيئة الشراء العام برئاسة أحد الأوفياء للفساد.

 

– أساس ميديا