جعجع يقطع الطريق على مرشح من 8 آذار

يسارع أكثر من فريق سياسي الى وضع مواصفات للرئيس العتيد المفترض انتخابه ما بين ايلول ونهاية تشرين الاول المقبل. لكن بعض السياسيين باتوا على ثقة بمنع خصومهم من الوصول الى بعبدا، ومن أبرز هؤلاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. فهل يمكن بلوغ هذا الامر أم انه مجرد توقعات وأمنيات؟

اقتراب بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية لا ينعكس في خطابات المعنيين بالاستحقاق الابرز لجهة اعلان الترشيحات أو تبنّي هذا المرشح أو ذاك في ظل حذر يكتنف المواقف. بيد ان رئيس حزب “القوات” يكاد يتفرد بحسم الهوية السياسية للرئيس المقبل. فبعدما اعلن دعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة، حسم بنسبة 50 في المئة عدم وصول مرشح من فريق 8 آذار إلى سدة الرئاسة. ووصف الأمر بـ”إنجاز نصف المهمة، أما النصف الآخر فيكمن في الإتيان برئيس قادر على المواجهة والوقوف بثبات عند مبادئه وقناعاته ويكون قادرا على اتخاذ المواقف ولو بالحد الأدنى (…)”

عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم يضع كلام جعجع في خانة “الرأي غير الملزم لأحد”، ويوضح لـ”النهار” ان “لكل فريق سياسي الحقّ في ابداء رأيه في الاستحقاقات الدستورية وغيرها، ولكن ليس بالضرورة ان تصل الامور الى ما يريده هذا الفريق او ذاك”.

ويعتقد هاشم ان الظروف هي التي تحكم الاستحقاق الدستوري المتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، وليست الآراء أو التخمينات المسبقة.

“كثرة الوعود … وقلة التحقق”
غالباً ما لا تأتي نتائج الوعود او التمنيات لمرشحين لرئاسة الجمهورية متطابقة مع الواقع، او على الاقل مع توجهات القوى السياسية، والشواهد على ذلك كثيرة منذ الاستقلال وحتى آخر انتخابات رئاسية، وكم من مرشح نام رئيساً واستيقظ مرشحاً خاسراً والعكس صحيح .

في لبنان لا يلعب العامل الداخلي وحده دوراً في اختيار الرئيس، وفي اكثر من انتخابات كان الخارج حاضراً لا بل ناخباً اساسياً. وعما اذا كان لدى جعجع معطيات خارجية عن حسمه بعدم وصول مرشح من خصومه السياسيين، يلفت هاشم الى ان “الحديث عن حسم اسم الرئيس لا يزال مبكراً وإن ابدى بعض الافرقاء حماسة في حسم نتائج الانتخابات منذ الآن على رغم ان ذلك اليقين ينطلق من قناعة اصحابه وليس من الواقع، وعندما ندخل في الاستحقاق تتضح الامور اكثر، عدا ان القرار الحاسم لم يحن وقته بعد (…) ربما لدى رئيس القوات قناعة داخلية وسياسية ليس بالضرورة ان تكون قابلة للتنفيذ، وهناك استحقاقات حسمتها ظروف خارجية بشكل كامل، ومنها على سبيل المثال عام 1982 عندما انتُخب الرئيس بشير الجميل خلال الاجتياح الاسرائيلي وتغيّر موازين القوى، وبالتالي فالظرف المستجد هو الذي يفرض ايقاعه وليس آراء الافرقاء او امنياتهم”.

اما عن تحقّق قول جعجع بعدم وصول رئيس من قوى 8 آذار فيقول هاشم: “لا نعرف ما اذا كان في استطاعته ترجمة هذه المعادلة، ولكن لا معطى يشي بذلك، وهذا الرأي لا يمكن ان يحكم الامور، ويمكن ان يكون لجعجع رهان على ظروف معينة، وغالباً تلك الظروف لا تحقق النتيجة المرجوة”.

قد تستطيع القوى السياسية وضع مواصفات لرئيس الجمهورية العتيد والصفات التي يجب ان تتوافر فيه، ولكن هل تستطيع حسم هوية الرئيس السياسية بالشكل الذي يتحدث فيه بعض المسؤولين؟ عدا انه يمكن للمواصفات التي يضعها فريق سياسي ان تنطبق على مرشح من فريق سياسي يضمر الخصومة للفريق الآخر، وبالتالي لا محددات يمكن وضعها والتمسك بها في بلد يعيش أوضاعاً غير طبيعية منذ تأسيسه.

في الخلاصة، لا احد يستطيع الحسم في الاستحقاق الدستوري طالما ان التجارب اثبتت ان ما كان مستحيلاً في مرحلة معينة بات ممكناً في مرحلة لاحقة والعكس صحيح.

 

عباس صباغ – النهار