“الحاجة” إلى فتنة نائمة!

لا يقتصر مفعول أي فتنة طائفية او مذهبية او من أي طبيعة تقويضية لوحدة المكونات اللبنان
ية على خطر الاقتتال الأهلي المسلح فقط بل ثمة في التجارب اللبنانية ما يكشف نزعات الى توظيف “الفتنة النائمة” . ينطبق ذلك بخطورة بالغة على طلائع حملة اجتهادات دستورية وهرطقات تتصل بالرغبات المكشوفة لتيار العهد العوني في ربط الصراع مع رئاسة الحكومة على إدارة الفراغ الرئاسي بحيث ترتفع في مقابل هذا الافتعال وتيرة انفعالات عصبية ستغدو الفتيل الجاهز لتوتر مسيحي – سني ما لم يدرك سريعا أصحاب الرهانات الخاسرة الأبدية مدى خطورة افتعالاتهم . هذا الضرب الدائم المزمن والمجاني والسهل والارعن في آن واحد لدى تيار العهد على وتيرة “استرخاص” المعارك مع الزعامة السنية يشكل اخطر الطرق واسرعها الى التسبب بمزيد من التفسخ في واقع النظام الدستوري من جهة كما في واقع التماسك الوطني الذي يفترض ان رئيس الجمهورية بقسمه على حماية الدستور ووحدة الشعب اللبناني لا يسمح اطلاقا لا لنفسه ودوره ولا لاي فريق لصيق به او بعيد عنه ان يتلاعب به . والحال ان النزعة التي ورثها “العهد العوني” من “الزعيم العوني” يوم كانت حربه على الحريرية أساس الشعبوية التي اقام عليها قواعده لم تقطعها سوى هدنة قصيرة أعقبت التسوية المشؤومة التي ابرمها صاحب العهد مع الرئيس سعد الحريري ، الى حدود تنكر العونيين لكتاب شكل جردة الحرب العونية على الحريرية ومسحوا تواقيعهم عن ادانة حقبة ممتدة من فجر الطائف الى انتخاب زعيمهم المحبوب رئيسا للجمهورية باصوات الحريريين أولا . بعد الانتخابات النيابية الأخيرة ووصولا الى الفترة الراهنة كان يفترض ان “يتعلم” اشاوس هذه الحقبة الملتبسة بل الشديدة الالتباس والاذى درسا واحدا على الأقل هو تجنب الضرب الخطير على الخاصرة السنية الملتهبة منذ حصول الاهتزاز العميق الذي لم يعوضه أي تطور اخر بتنحي الزعيم الأقوى لدى السنة الرئيس سعد الحريري . مع ذلك ترانا امام خطورة عودة الجهة النافذة والمسيطرة على العهد وتياره الى استسهال التلاعب والضرب على توظيف اثارة عصبية سقيمة موجهة بصريح العبارة الى الجهة التي اعتادت هذه الجهة تسديد أسهمها اليها ظنا منها انها الأقل تسببا بالخسائر الطائفية والسياسية . ينم هذا الاتجاه ، بصريح التفصيل ، عن خطورة بالغة في استقواء الجهة العونية بحلفها مع” الشيعي القوي” واستسهال اشعال معارك محورها الاجتهاد في دور رئاسة الحكومة وموقعها وليس ادل على ذلك من سجل طويل لهذا النوع من المعارك السقيمة الجاهزة غب الطلب العصبي الطائفي الذي غالبا ما يؤدي الى استنزاف لا يفيد منه سوى “المتفرج القوي” بضحالة حليفه أولا وأخيرا . ولا تحجب النزعة السقيمة لتوظيف هذه النوع من الفتن النائمة سوى ضعف بنيوي لدى السنة في ترك الأمور تأخذ هذا المجرى من دون الاندفاع مرة واحدة وأخيرة في اقفال أبواب اللعب باساسيات دستورية كان المكون السني ركنا أساسيا في قيامها ويفترض به عدم الركون او اظهار الضعف امام أي محاولات من أي فريق لاحداث مفاهيم انقلابية عليها . لا يتصل الامر باثارة نزعة سنية عصبية مماثلة لما يتعرض له هذا المكون من رعونة بل بدور دستوري ووطني يلزمه الدفاع عنه بما يجب من وسائل دستورية وسياسية بلا أي تردد . فان يكون ثمة رعونة في الاستخفاف بفتنة نائمة لا يبرر السكوت والتفرج لاي كان على هذا الجنون المتجدد .

 

نبيل بومنصف – النهار