يسير الاستحقاق الرئاسي نحو الفراغ المؤكد، ولن يعرف المدى الذي سيبلغه طالما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يمسك بورقة تحديد موعد الجلسة الرئاسية. هذه الجلسة مرتبطة بحسابات «حزب الله» وحلفائه، الذين يتصارعون على نيل لقب مرشح الحزب، أسوة بما حصل مع العماد ميشال عون الذي اصبح رئيساً فور تبنيه من امين عام «حزب الله»، وقبل انتخابه رئيساً في مجلس النواب بسنتين.
واذا كان رئيس تيار المردة، اي المرشح الطبيعي لـ»حزب الله»، قد دخل ترشيحه في غيبوبة نتيجة الصعوبة في التوفيق بينه وبين الحليف الآخر جبران باسيل، فإن الاخير لا يبدو أنه فقد الأمل بالوصول الى بعبدا في هذه الدورة بالتحديد، وهو يتصرف وفق قناعة انه يمتلك اكثر اوراق القوة التي تؤهله لإجبار الجميع على القبول به رئيساً، وبالتالي يتصرف وفق خارطة الطريق هذه، من دون الأخذ بالاعتبار أنه موضوع على لائحة العقوبات الأميركية، وأنه على عداء يصل الى حدود الكراهية مع معظم القوى السياسية، وأن صورته لدى الرأي العام رمادية لا بل سوداء، ومن الصعوبة ترميمها.
الواضح اذاً أن آخر معارك العماد ميشال عون ستهدف الى تأمين توريث صهره، مهما كلف هذا التوريث من أعباء لم تعد تقاس بما تم دفعه طوال السنوات الست الماضية وما قبلها. تقول مصادر مطلعة على أجواء «التيار الوطني الحر»، إن لا مفر من الوصول الى الاقتناع بأن محاولة تهريب اي صيغة حكومية لن تمر، وبناء على ذلك لا تستبعد المصادر ولادة حكومة ربع الساعة الاخير، بشروط تتناسب مع التوازن وبما يؤمن الانتقال الى مرحلة الانتخابات الرئاسية من دون تسجيل مفاجآت، باعتبار ان الحكومة اذا ولدت وفقاً لهذه الشروط، ستتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية، بانتظار انتخاب الرئيس، ولن يكون هناك اي انقسام دستوري.
خلافاً لذلك تقول المصادر، إن أي محاولة لتكريس حكومة تصريف الاعمال كأمر واقع لن تكون مقبولة، وليتحمل من يخطط لهذا الامر تبعات الانقسام الدستوري، واذا كانت لهذا الفريق اجتهاداته الدستورية، فللفريق الرافض تسليم الصلاحيات الى حكومة تصريف الاعمال اجتهاداته، فمن سيفصل في كل هذه الاجتهادات؟
تصف المصادر علاقة «التيار» بـ»حزب الله» في هذه المرحلة بالجيدة والواضحة، فالحزب لن يفرض اي مرشح رئاسي على باسيل، وهو طلب من فرنجية أن يتفاهم مع باسيل قبل أن يتخذ موقفاً من ترشيحه، وما ينطبق على فرنجية ينطبق على أي مرشح آخر، فالحزب لا يريد الاصطدام مع «التيار» باعتباره القوة التمثيلية الاكبر مسيحياً، ولا مصلحة له بفرض مرشح رئاسي الا اذا رشحه «التيار»، وهذا مبدأ ثابت لن يتغير.
انطلاقاً من هذا الارتياح العوني لموقف «حزب الله»، ترجح المصادر تسارع الاتصالات لتشكيل الحكومة، وتشير الى أن مصلحة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تكمن في عدم استقبال الفراغ بحكومة تصريف الاعمال، بل بحكومة غير مستقيلة، وهو بالتالي يعرف أن الطريق الى التشكيل يمر عبر انتاج حكومة متوازنة، كما يعرف، أن استمراره كرئيس للحكومة في مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس الجديد، لن يكون مضموناً، في حال استمرت محاولات الاحتيال على الدستور واستفراد التوازن في تشكيل الحكومة.
أسعد بشارة – نداء الوطن