إتصالات بين المعارضات: الحوافز أقوى من الهواجس

يقترب الاستحقاق الرئاسي يوماً بعد يوم، ويزداد الغموض في معظم المواقع المؤثرة فيه لا سيما «حزب الله» الذي ينام على ورقة الخلاف بين حليفيه سليمان فرنجية وجبران باسيل، ويستفيق على ممارسة الضغط لتشكيل الحكومة، لاستباق هذا الخلاف المؤدي حكماً الى الفراغ الرئاسي، علّ هذه الحكومة تكون مخرجاً للفوضى التي يستعد باسيل لممارستها، عبر بقاء الرئيس عون في بعبدا، هذه الفوضى التي هي العنوان لمحاولة استدراج تأييد علني من «حزب الله» للمرشح الرئاسي باسيل، الذي اعطى في الايام الماضية اشارات جدية الى انه مستمر بالحلم الرئاسي، من خلال وضع دفتر شروط بل دروس عن انتخاب الرئيس الأكثر تمثيلاً أو من يحوز على ترشيح صاحب التمثيل الأكبر.

في المقلب الآخر، تستمر محاولات جمع المعارضات على الرغم من ارتفاع وانخفاض منسوب التفاؤل بالجهود التي تبذل، والتي تتولاها شخصيتان محايدتان، تعملان لأن تكونا نواة اطار تنسيقي بين المجموعات والاحزاب السياسية والنيابية.

الى الآن التقت اللجنة المصغرة معظم اطياف القوى السياسية والبرلمانية، والحزبية، وخرجت بانطباع يميل الى التفاؤل بإمكان تطوير عملها، الى مرحلة الاتفاق على هدف وربما مجموعة مرشحين للتعامل مع الاستحقاق الرئاسي، حيث تطمح من خلال هذه الاتصالات الى تجنيب هذه القوى التشتت والضياع والتعامل فرادى ومستفردين، مع محطة مصيرية سوف ترسم صورة الوضع في لبنان لست سنوات مقبلة.

في الجولة الشاملة كانت لقاءات للجنة مع الاحزاب منها «الكتائب» و»القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، ومع المستقلين ككتلة «التجدد» ومع التغييريين وقد التقت الكثير من هؤلاء النواب، كما التقت مع نواب سنة، ومع مرجعيات، كل ذلك للتحضير لتطوير هذه الاتصالات وترجمتها الى تعاون يسبق الاستحقاق الرئاسي.

في محصلة هذه اللقاءات والاتصالات تظهر فجوات يمكن ردمها وأخرى تنتظر أوان الكلام الجدي الذي يتخطى الدلع والخلافات. فلكل من هذه القوى سواء الحزبية او المستقلة أو التغييرية هواجسها وحساباتها المختلفة، وكل طرف يقرأ الاستحقاق الرئاسي على قياس هذه الحسابات ويبني بالتالي موقفه، تبعاً لها.

في قراءة بعض التغييريين، جزم بأن «حزب الله» لن يذهب الى تبني ترشيح سليمان فرنجية أو جبران باسيل وبالتالي لا ضرورة لحشد النواب وفق معادلة اسقاط مرشح «حزب الله»، لأن «الحزب» برأيهم ذاهب الى تبني ترشيح اسم وسطي يستطيع تقديمه كمرشح تسوية. أما البعض الآخر من التغييريين فلا يرى أن هناك مشكلة في التنسيق مع الكتل الحزبية، لكن يتطلب الأمر الاستمهال لتمهيد هذا التفاهم بين النواب التغييريين، الذين يجد البعض منهم صعوبة في الخروج من معادلة «كلن يعني كلن»، باعتبارها التزاماً امام من انتخبوهم، ولو أنهم يعرفون أنها اصبحت قاصرة عن اللحاق بتحديد المشكلة الاساسية ومواجهتها، اي مشكلة اعادة التجديد للنهج المدمر الذي سجل ذروة الانهيار في السنوات الست الماضية.

في الاتصالات التي تقوم بها اللجنة بين القوى الحزبية، أجواء تهدئة بين «القوات اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، واتصالات متقدمة بين «القوات» و»الكتائب»، ولو من دون التوصل حتى الآن الى الجلوس حول طاولة واحدة أو ضمن لجنة تنسيق سياسية. هذه الاتصالات تسير على وقع سباق بين الهواجس والحوافز، لكن الأخيرة تتجاوز كل انواع التردد، لأن الاستحقاق الاهم بات قريباً جداً، وهو ما يستلزم الكثير من الجدية والحسم، والا ست سنوات جديدة تضاف الى ما سبق.

 

 

أسعد بشارة – نداء الوطن