بقي أسبوع على بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث يتحوّل مجلس النواب الى هيئة ناخبة. لكن بالعودة الى تصريح سابق لرئيس مجلس النواب نبيه بري قال إنه لن يدعو الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تقرّ جميع القوانين “الإصلاحية” المطلوبة! بهذا المعنى يكون رئيس مجلس النواب صاحب التاريخ “المشرق” في احترام الأصول البرلمانية قد رهن الانتخابات الرئاسية بمناورة سياسية جديدة قد يكون الهدف منها كسب مزيد من الوقت بانتظار توفر الظروف الموضوعية لوصول مرشحه المعلوم الى سدّة الرئاسة. هو يعرف أن حظوظ مرشحه ضعيفة للغاية. فمن يستمع الى عظات البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة، فضلاً عن آراء العديد من النواب غير المنتمين الى الفريق الذي يقوده “حزب الله” سرعان ما يكتشف بين سطور العظات الأخيرة في الشهرين الماضيين أن مواصفات الرئيس المطلوب للمرحلة لا تتوافر في مرشحَي “حزب الله” مهما فعلا. أحدهما ممقوت من شرائح واسعة عابرة للطوائف، والمناطق، والأحزاب، والأوساط الشعبية. والآخر يعاني من ثغرات كبيرة على مستوى المواصفات تعترض طريقه نحو منصب الرئاسة. هنا المشكلة التي تؤرّق الفريق التابع لـ”حزب الله” الذي يستطيع عندما تحين ساعة الحقيقة أن يضرب بيده على الطاولة فيصطف الجميع من أعلى الهرم الى أدناه ويسيرون وفق حساباته ومشيئته. فالحزب المشار إليه هو في أساس منع أحد الفريقين من الانهيار التام، كما هو أساس في نفخ حالة الفريق الثاني ليكون مرشحاً دائماً ومتقدّماً على غيره.
نحن على مسافة أسبوع من بدء المهلة الدستورية. حتى اليوم لم يبادر الرئيس نبيه بري للدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس. فلم التأخير؟ هل لأن المناورات لم تفض الى وقوع الاختيار على مرشحه؟ أم هو يعلّل النفس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتزخيم الاختراق الذي يرتسم في صفوف مجموعة من نواب السنة من أجل كسب أصواتهم لمصلحة مرشح “حزب الله” المفضّل من رئيسي مجلس النواب والحكومة؟ ولكن المشكلة أن رئيس مجلس النواب الذي يتحدّث على الدوام عن البعد التوفيقي، والجامع للرئيس المقبل يتناسى أن موقع الرئاسة يحتاج إلى شخصية بعيدة كل البعد أولاً وقبل أيّ شيء آخر عن “حزب الله” بما يقطع نهائياً مع المرحلة السوداء التي مثّلتها ولاية الرئيس الحالي ميشال عون. وعندما يتحدّث البعض عن ضرورة إعادة التوازن الوطني الى الرئاسات الثلاث، فإنهم يتناسون أن موقع الرئاسة الثانية يقع ضمن “قلعة” “حزب الله”، أما موقع الرئاسة الثالثة فـ”وسطي” شكلاً وليس ضمناً. بقي موقع الرئاسة الأولى الذي تحوّل مع الرئيس الحالي الى موقع مستتبع بالكامل لذراع إيران في لبنان، من هنا ضرورة انتزاع الرئاسة من الفريق المهيمن.
إننا نطالب رئيس مجلس النواب بالدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس في أسرع وقت. لا يجوز أن نعود الى مناورات تؤدّي الى شغور رئاسي مؤكد. وندعو النواب السياديين والتغييريين الى تجاوز حالة التخبّط والضياع السائدة اليوم، والإسراع في وضع معايير موحّدة لانتخاب الرئيس الرئيس المقبل، لأن الاستحقاق الرئاسي مفصلي، فإما التمديد للهيمنة أو بدء التغيير. والتغيير لا يكون برئيس ممّن لا طعم ولا لون لهم. التغيير يكون برئيس سيادي، تغييري، وصاحب كفاءة عالية.
علي حمادة – النهار