لداء الاحتكار … دواء المقاطعة؟

محمد ناصرالدين

يقول المثل الشعبي “إذا طاح الجمل… كثرت سكاكينه”، فسقوط الكيان أو الشخص هو بداية تهافت الأزمات والصِعاب نحوه لا يختلف أمز المرء عن حال الأمم.
تداعيات اقتصادية لاحقة لتحركات ١٧ أكتوبر وانحلال الحكومات، بحيث اصطفت الأزمات المفتعلة في طابور منتظرة دورها لتقضي على ما تبقى من لبنان الذي طاح ظهره، وانكسر قلبه، فالراعي والرعية أساؤوا للأرض ومصيرها.

على غرار كل حكومات العالم، قامت الحكومة اللبنانية المنزوعة الصلاحيات والتأثير، بشن حملات ضد الاحتكار عبر وزارة اقتصاد قوامها لا يتجاوز عشرات المفتشين!
دون نجاعة للممارسات الحكومية، توسعت رقعة الاحتكار وطالعت قطاعات ترتبط بقوت المواطن. بطبيعة الحال اعتاد المواطن اللبناني أن لا ينتظر الحلول من “ابط” الدولة.
مصطلح احتكار يقودنا إلى مصطلح عالق في أذهان الجميع “السوق السوداء” وهي سوق لتفريغ كل المواد المحتكرة لتحقيق أرباح فاحشة .
دوائك الذي لن تجده في الصيدليات ستدجه في زقاق ما، مع وسيط ما. رغيف خبزك لا تبحث عنه في الأفران، بل عند بائعي الضمير…
و لأن الضربة تأتي من الارتطام لا السقوط، فتحت الحدود “العاهرة” أمام المحتكرين مجالاً جديداً لتكديس أرباحهم.

بيت قصيدنا، نجده في اليابان، الدولة المثال في المعالجة الأنيقة لأزمات الاحتكار وارتفاع الأسعار .
في العام ١٩٩٠ عاشت دولة اليابان أزمة اقتصادية خانقة، سجل على اثرها ارتفاع شاهق في الأسعار .
وبعد معاناة، خرج الشعب الياباني مدرك خلاصه، ومستخلص العبر، ومنذ ذلك الحين ما تجرأت الأسعار أن تلهو، حيث مع كل حالة تشهد البلاد مقاطعة واسعة للسلعة، ما يحول محاولة الاحتكار أو الربح إلى خسارة نكراء! حيث سجل كيلو اللحم انخفاضاً بلغ ٥٪ منذ العام ١٩٩٥.
ما لمسناه في مجتمعنا هو العكس تماماً، تهافت همجي، قطعان تتسابق على الكماليات قبل الأساسيات.
و لكي نخرج من خانة التنظير، فلا اعتقد ان مقاطعة الخبر العربي واللحوم، لبعض الوقت، قد يؤدي إلى وفاة الأفراد أو هلاكهم .
لا تدفعوا ثمن الضمائر المباعة، ادفعوا ثمن سلعتكم فقط، لا تشتموا المحتكرين، قاطعوهم!