هل من الأفضل عدم تشكيل حكومة جديدة؟

سواء نجح الرئيس نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة جديدة أو فشل، فالأمر سيّان، إذ لا أهمية لأي حكومة ما لم تعكس تغييرا جذريا عن المسار المعتمد حتى الآن في مقاربة الازمة اللبنانية المتعددة الوجه. الرئيس ميقاتي ليس عنوانا لحلول جذرية، لا بل انه عنوان لسياسة مواكبة الازمة. لا هو ولا معظم شركائه في الحكم، أكانوا حلفاء أم خصوما، مؤهّلون لإنقاذ لبنان من الازمة المخيفة التي يعاني منها. في مطلق الأحوال، ثمة سبب جوهري خلف التمديد لسياسة مواكبة الازمة، يتصل بقناعة راسخة لدى العديد من القوى المحلية، والخارجية المعنية، بان الحل يبدأ من انتخاب رئيس جديد من طينة مختلفة عن تلك الموجودة الآن في قصر بعبدا. من هنا كان ربما من الأفضل عدم حرق شخصيات من طينة مختلفة ومؤهلة لقيادة الدفة الحكومية في اطار قرار داخلي وخارجي مشترك محوره ان قرار انقاذ لبنان قد اتُّخذ. هذا القرار لن يُتخذ ورئيس الجمهورية ميشال عون لم ينهِ ولايته الرئاسية بعد. ولن يُتخذ وعلى رأس الحكومة شخصيات تحمل رمزية الازمة المديدة. وفي هذه الحالة كان من الأفضل إبقاء القديم على قِدمه.

لكن هنا لا بد من التوقف عند الاستشارات النيابية غير الملزمة التي تُجرى في هذين اليومين. انها اجراء روتيني وكنا نأمل ان تطوى صفحة هذا الفولكلور الفارغ الذي لا يعكس مشاركة نيابية جدية في عملية التأليف. فالكل يعلم ان التأليف لا يحصل في الصالات الكبيرة، بل في الكواليس، واللقاءات المغلقة، وعبر الموفدين الذين يتحركون في عتمة الليل بين المعنيين الخمسة او الستة الكبار من أصحاب الوزن في عملية التأليف. ويقيننا ان العملية هذه المرة إن تمت بسرعة فستتم على قاعدة إعادة تجديد الصيغة الحالية بمعظم الأسماء. لكن دون هذا الخيار نتائج الانتخابات التي لا يمكن تجاهلها استنادا الى غياب كتل نيابية بإراداتها عن التشكيلة. من هنا فإن عدم التأليف يبقى افضل من إعادة تأليف الحكومة عينها. ونفضل ان يبقى لبنان مع حكومة تصريف اعمال، وان لا تولد حكومة كاملة الاوصاف، قبل خروج الرئيس عون من قصر بعبدا. اما ان كان الخيار هو لتشكيل حكومة جدية على قاعدة انها قد تكون في الوقت عينه حكومة الفراغ الرئاسي، فقد يكون من الصعب على الرئيس ميقاتي ان يحمل الرئيس عون على توقيع مراسيم التشكيل ما لم يقدم له جوائز ترضية لا تتناسب مع واقع نهاية العهد، والتراجع المخيف في القاعدة التمثيلية المسيحية لـ”التيار الوطني الحر”. وهنا نعتقد ان الرئيس عون سيعمد الى تعقيد عملية التشكيل الى ابعد الحدود، وعليه من المهم بمكان ان يتجنب الرئيس المكلف منح عون اكثر مما يستحق حكوميا.

بالعودة الى الفكرة الأولى: ان تشكيل حكومة جديدة، او بقاء حكومة تصريف الاعمال الحالية سيّان. ويبقى الأهم ان نراقب التطورات الكبيرة المتلاحقة على مستوى الإقليم، حيث يرتسم في الأفق مشهد جديد، سيكون له تأثير كبير على لبنان في المرحلة المقبلة، لا سيما مرحلة ما بعد عون في بعبدا، واحتمال ان يقع الخيار المقبل رئاسيا على شخصية جديدة متحررة تماما من نفوذ “حزب الله” ببُعديه المحلي والإقليمي.

 

علي حمادة – النهار