لا محاسبة للفاسدين قبل المحاسبة الشعبية

بقلم كمال نحاس

لا ينفك اللبنانيون في المطالبة بمحاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة ومكافحة الرشوة والزبائنية، فيما تزايد عليهم هذه المنظومة الحاكمة بطرح ما هو أكثر من خلال تخمة قوانين فيما يمارسون سياسة “الجوع العتيق” في القضاء على ما تبقى من “فراطة” في خزائن الدولة ومؤسساتها وإداراتها من أصغر منصب في هذه الدولة وصولاً إلى المقرات الرسمية.

هذه المطالب أصبحت ممجوجة بحيث باتت حفلة زجلية ترافق حملات معظم المرشحين للإنتخابات النيابية في تكرار مملّ وفارغ من أي مشروع، ولم تتأخر القوى المسماة “تغييرية” من الإلتحاق بهذا التقليد البائد من باب انتقاد الجميع وتقديم أنفسهم كبديل مبهم “مش معروف خيره من شرّه ولا قوله من فعله” ومنهم الإعلامي رياض طوق المرشح في دائرة الشمال الثالثة عن بشري الذي عدد مآخذه على القوات اللبنانية التي جعلته ينسحب من العمل الحزبي في العام ٢٠١٤ في خضم معركة رئاسة الجمهورية فيما الإنتقادات التي ساقها للقوات تعود لما بعد العام ٢٠١٦ فهل كان السيد رياض طوق يتنبأ؟

لم يكن من لزوم لكتابة هذه السطور للردّ السريع على طوق وسائر النظريات المشابهة، ولكن الغاية من هذه المقالة لفت الأنظار إلى ما هو أدهى من اتهام طوق للقوات ويتمثّل في الخفة التي تتعاطى بها القوى “التغييرية” في خوض حملاتها الإنتخابية على قاعدة الرفضية المطلقة لكل آخر وحتى من هم تحت الجناح الآخر لتلك القوى، فهل هذا هو التغيير الموعود؟

على اللبنانيين أن يدركوا جيداً بأن المحاسبة في القانون للفاسدين غير ممكنة ما لم تسبقها المحاسبة الشعبية، والمحاسبة نعني فيها العدالة في صناديق الإقتراع، فتمنح براءة ذمة للصالحين وتحكم بإدانة الطالحين على عكس الشعار الخديعة “كلن يعني كلن” الذي بات دليل إفلاس وشمولية وظلم لا يختلف عن نهج المنظومة في شيطنة الآخرين، وإذا كنا سنستبدل الفاسد الشبعان بالفاسد الجوعان، فليبقَ الشبعان، ولكن نحن نتفق مع القوات اللبنانية بأننا لا نقبل هذين الخيارين مطلقاً ونحن نطالب بمحاسبتها وفقاً لمسيرتها وهي تقول دوماً أنها على استعداد لخوض الإمتحان أمام الشعب اللبناني، ولنا، ولها ملء الثقة بأن حجم معاناة اللبنانيين لم يعد يسمح لهم بسوء الإختيار، إحذروا المتسلقين على مآسيكم، وعلى من ينتقد القوات من دون مسوغ شرعي وملموس، أن يضاهيها على الأقل من حيث الجرأة في المواجهة، والتواضع والموضوعية في مدح الذات.