سمير جعجع بين 1994 و 2021

هل كان العماد ميشال عون مضلَّلًا

حين كان العماد ميشال عون في منفاه في فرنسا، نَشرَ موقع tayyar.org كُتيِّبًا عنوانه “كتاب سوريا الاسود في لبنان” -القمع والارهاب والهمجية المنظمة ضد شعب لبنان .
ومما ورد حرفيًا في الكتيِّب، كما نشره موقع tayyar.org:
“نَفَت سوريا العماد ميشال عون الى خارج لبنان وعملت ماكينتها الاعلامية على تشويه صورته والصاق التهم به. اما قائد القوات اللبنانية سمير جعجع فقد اعتُقل وزج به في السجن بعدما قام عملاء جميل السيد والحزب القومي السوري بتفجير كنيسة سيدة النجاة ثم قاموا بالصاق كل تهم الحرب به من اجل ضرب أي محاولة لمقاومة الاحتلال السوري .”
مع ذلك، لا ينفك قياديون في التيار الوطني الحر عن إلصاق تهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة بالدكتور سمير جعجع، على رغم ما ورد في الكتيب الذي اعدَّه مؤسس التيار العماد ميشال عون.
في هذه الحال، هناك احتمالان لا ثالث لهما: إما ان العماد ميشال عون كان مضلَّلًا، لا سمح الله، حين وافق على نشر الكتيب على الموقع الرسمي للتيار، وإما أن القياديين في التيار الذين يُلصقون تهمة تفجير الكنيسة بالدكتور سمير جعجع، مضلَّلون او مضلِّلون.
ما حاول النظام الامني اللبناني – السوري، وعلى راسه اللواء غازي كنعان عن الجانب السوري، والعميد ميشال الرحباني مدير المخابرات في الجيش اللبناني، القيام به عام 1994، والذي لقي استهجانًا من “عماد المنفى” العماد ميشال عون، وعبَّر عن هذا الاستهجان في الكتاب الاسود، يحاول اليوم خصوم الدكتور جعجع من احزاب وتيارات، القيام به، فيُلصقون التهم به ويطالبون بالعودة إلى مرحلة 1994 اي إلى مرحلة الزنزانة في وزارة الدفاع.
يطالبون بان يعيد التاريخ نفسه وفق السيناريو التالي:
يخرج ميشال سماحة آخر، كوزير للإعلام، ويتلو بيان مجلس الوزراء وفيه ” حل حزب القوات اللبنانية”.
يتقرر وقف الاخبار والبرامج السياسية في المحطات التلفزيونية، وكان المستهدف آنذاك الـ lbci. (اليس مستغربًا انه بالتزامن مع احداث بدارو – عين الرمانة ان تُوجَّه دعوات لضبط الأعلام الالكتروني تحت عنوان تنظيمه ؟)
يتم تطويق معراب، كما تم تطويق غدراس، مقر قيادة القوات اللبنانية آنذاك، وتخضع جميع السيارات للتفتيش، كما خضعت السيارات للتفتيش على طريق غدراس، حتى لو كانت سيارة من سيارات رئاسة الجمهورية وفيها اللبنانية الاولى، منى الهراوي، ومعها ضابط من الحرس الجمهوري .
تتوجه قوة من الجيش اللبناني على راسها ضابط مسيحي، إلى مقر قيادة القوات، ويتم اقتياد الدكتور سمير جعجع إلى وزارة الدفاع على رغم ان لا سجن فيها، وان اقبيتها غير مدرجة على لوائح السجون في لبنان .
يتوفى “فوزي الراسي” آخر، تحت التعذيب في وزارة الدفاع.
يصدر القرار الظني بان “سمير جعجع هو الآمر الناهي والفاعل الذهني” في القوات اللبنانية، بمعنى ان اي عنصر يقوم بأي عمل فإن التهمة تُلصَق بسمير جعجع لأنه “الفاعل الذهني” اي انه يقرر في ذهنه، فينفِّذ العنصر ما يدور في ذهن سمير جعجع حتى لو لم يتواصلا.
هكذا أَدخلت عبقرية الجهاز الأمني اللبناني السوري علمَ النفس في التحقيقات، فاستحضرت سيغموند فرويد مؤسس علم النفس لتعثر على “الفاعل الذهني”، وبهذه “النظرية” كان بإمكانها أن تُلصِق التهمة بمَن تشاء، ومَن يعترض، فليعترِض امام ” فرويد”.
لكن 2021 ليست 1994 :
النظام الامني اللبناني – السوري اندثر:
سوريا في سوريا، واللواء غازي كنعان انتحر.
العميد ميشال الرحباني، مدير المخابرات في الجيش اللبناني آنذاك، تنصّل.
في قيادة الجيش اليوم العماد جوزيف عون وليس العماد اميل لحود.
لكل هذه الاسباب مجتمعةً، 2021 ليست 1994، وسمير جعجع 2021 ليس سمير جعجع 1994، فالتاريخ لا يعود إلى الوراء على القطعة، نستحضر منه ما يناسبنا ونحاول إسقاطه على الواقع. هذه اضغاث احلام وربما أضغاث كوابيس .

جان الفغالي -وكالة أخبار اليوم