بكركي ترفض “شريعة الدويلة”: للتحقيق مع المعتدي أولاً


لم يجد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ما يضيفه أمس على خطاب الاثنين، باعتباره حمل على امتداد ساعتين كلاماً كافياً ووافياً في تسطير مضبطة الاتهام السياسي بحق “القوات اللبنانية” في أحداث الطيونة، فآثر القفز فوق الوقائع التي فنّدها رئيس “القوات” سمير جعجع ليل الخميس، ليعيد التشديد ليل الجمعة على وجوب استمرار “الإدانة السياسية والإعلامية لمن قتلوا واعتدوا”، مع التأكيد أنّ “حزب الله” يتابع التحقيق “الشجاع والدقيق الذي يلحق تفاصيل التفاصيل”… بينما اقتصرت مقاربته للشأن اللبناني ككل بـ”كلمتين” توزعتا على ثلاثة عناوين: الترسيم البحري من باب التهديد باحتفاظ المقاومة بحق “التصرّف في الوقت المناسب” إذا استشعرت خطراً إسرائيلياً على النفط اللبناني، ومفاوضات صندوق النقد من زاوية الإيعاز للوفد اللبناني بعدم “الاستسلام” لشروط الصندوق، وغلاء البنزين عبر دفع الحكومة باتجاه استعجال إطلاق البطاقة التموينية والموافقة على رفع بدل النقل وتفعيل النقل العام المشترك بأموال قرض البنك الدولي.

أما على المقلب الآخر، فتصدرت المشهد أمس صورة اللقاء الذي جمع البطريرك الماروني بشارة الراعي مع قائد الجيش العماد جوزيف عون في الصرح البطريركي، لما اختزنته من أبعاد سيادية ووطنية لا سيما في ضوء تزامن ثناء الراعي على دور المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية الرسمية “في الحؤول دون الفلتان الأمني في الشارع”، مع إبداء رفضه “العودة إلى محاولات العزل والاتهامات الاعتباطية والتجييش الطائفي”، في إشارة غير مباشرة إلى قضية أحداث الطيونة. وهو ما عادت لتؤكده مباشرةً مصادر بكركي بالتشديد لـ”نداء الوطن” على وجوب أن “يحتكم الجميع إلى شرعية الدولة لا إلى شريعة الدويلة” في هذه القضية، موضحةً أنّ “التحقيق يجب أن يشمل المعتدي أولاً قبل المعتدى عليه فلا يستثني المعتدي وينحصر فقط بالمعتدى عليه”.

وإذ بدا واضحاً تركيز البطريرك الماروني أمام قائد الجيش على ضرورة أن تشمل التحقيقات في أحداث 14 تشرين الأول “جميع الأطراف من دون أي استنسابية”، لفتت المصادر في هذا السياق إلى أهمية “عدم تسييس القضية ومحاولة استهداف “القوات اللبنانية” ورئيسها خصوصاً وأنّ الفريق الذي يسوّق لنظرية عودة سمير جعجع إلى سجن اليرزة ظهر للعيان كميليشيا مسلحة بكامل عتادها”، وبناءً عليه، شددت المصادر على أنّ “بكركي لن تسمح بإعادة تركيب ملفات، مثل ملف كنيسة سيدة النجاة أو على شاكلة الملفات التي كانت تركّب زمن الإحتلال السوري”، محذرةً من أي “محاولات للمساومة أو التخيير بين “رأس” القوات سياسياً وبين نسف التحقيق في انفجار المرفأ”، واستطردت بالقول: “نحن لن نخضع للإبتزاز، ولن نسمح باستعمال أحداث الطيونة للقضاء على تحقيق المرفأ”.

وتعليقاً على تهديد نصرالله بامتلاكه 100 ألف مقاتل، شدّدت مصادر بكركي على أنّ هذه التهديدات مرفوضة “ما حدا بهدّدنا أو بهدّد أي لبناني، القصة مشّ بالعدد”، وأضافت: “فات “حزب الله” أمر أساسي وهو أن لبنان مجموعة أقليات لا يشكّل فيه أحد أغلبية، لكن الخطورة تكمن في إمتلاك فريق لبناني مدعوم من الخارج جناحاً عسكرياً في حين أن الدولة هي الوحيدة التي يجب أن تحمي الجميع”.

وبالنسبة إلى زيارة قائد الجيش إلى بكركي، لفتت المصادر إلى ان الزيارة حصلت وفق رغبة مشتركة من العماد عون والبطريرك الراعي، وجرى خلالها التباحث في الأوضاع الأخيرة، فحصل قائد الجيش على “رسالة دعم” من بكركي في وجه الحملة التي يتعرّض لها، خصوصاً وأنّ “الجيش يلعب دوراً حساساً في هذا الظرف ويمنع الفتنة ويرفض أن يكون أداةً سياسية يستعملها فريق ضدّ آخر”.