نصرالله يهدّد… ويطلب إقصاء البيطار


مع ان أزمة المحروقات والكهرباء شهدت أمس تفاقماً إضافياً مع الحريق الذي اتى على كمية كبيرة من مخزون البنزين العائد للجيش في خزانات منشآت الزهراني، فضلا عن ترقّب ما ستقوم به الحكومة من إجراءات موعودة لتوفير رفع التغذية الكهربائية، فإن المشهد الداخلي عاد لينشغل بالفصول الجديدة من المواجهة القضائية الآخذة في التصاعد بين المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار والوزراء السابقين النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق والتي نادراً ما شهدت مواجهة قضائية نيابية نموذجاً مماثلاً لها. ولعلّ أبرز ما سجلته هذه المواجهة أمس تمثل في الهجوم الأعنف الذي شنّه الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله على القاضي البيطار والذي بلغ حدوداً غير مسبوقة وتبن ضمني للتهديد الذي وجهه اليه سابقاً “حزب الله” عبر مسؤوله الأمني وفيق صفا. وجاء ذلك بعد ان اتخذت محكمة التمييز موقفاً من طلبات النواب بكفّ يد المحقق البيطار، لم يختلف عما سبق لمحكمة الاستئناف ان قررته الامر الذي يرسم وحدة نظرة قضائية إلى هذه المواجهة لم يعد ممكناً تجاهلها. واذا كان الوزراء السابقون النواب لم يتراجعوا عن الرد مجدداً بما يؤكد شراسة المواجهة اقله حتى 19 تشرين الأول الحالي، موعد بدء العقد الثاني لمجلس النواب، الذي يمنح النواب حصانتهم ويقوي موقعهم في التحصن وراء اعتبار المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب المرجع الحصري لمحاكمتهم، فإن المواجهة الجارية طغت على مجمل التطورات والأزمات الداخلية بما يبقي الباب مفتوحاً على مزيد من التداعيات التي تتخذها هذه القضية المتفجرة التي ترصدها البعثات الديبلوماسية العربية والأجنبية بكثير من الاهتمام ما يبقيها في باب الأولويات الأشد الحاحاً.

وفي ما اعتبر تسجيل هدف جديد للقضاء في مرمى محاولات تمييع الحقيقة وتعطيلها، ردت محكمة التمييز المدنية برئاسة القاضية جانيت حنا امس الدعوى المقدمة من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، التي طلبا فيها رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وتنحيته عن التحقيق بملف انفجار مرفأ بيروت. واعتبرت أن “ليس للمحكمة أن تضع يدها على طلب الرد أو تسير بإجراءاته، بدءاً بإبلاغ الطلب إلى القاضي المطلوب رده أو الخصوم، ما لم يكن القاضي المطلوب رده من قضاة محكمة التمييز، أو في عداد قضاة النيابة العامة التمييزية”. وقررت المحكمة تضمين طالبي الرد الرسوم والمصاريف المتعلقة بهذه المراجعة.

وبرفض الغرفة الخامسة المدنية برئاسة القاضية حنا هذا الطلب تبقى الجلسة المحددة من المحقق العدلي اليوم قائمة ومخصصة للتحقيق مع النائب علي حسن خليل كمدعى عليه وكذلك جلسة غداً للتحقيق مع زعيتر والمشنوق بالصفة ذاتها قائمتين. وكان القاضي البيطار طلب إبلاغهم عبر الضابطة العدلية وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي في وقت سابق أنه لا داع أمني لإتمام التبليغين بواسطة عناصر الأمن معتبراً ان دائرة المباشرين مولجة بهذه المهمة. وفهم ان المحقق العدلي قرر الإبلاغ بواسطة المباشر. وفي ضؤ الجواب على هذا الإجراء سيتخذ المحقق العدلي الخطوة التالية.

ولكن النائبين خليل وزعيتر سارعا بعد صدور قرار محكمة التمييز إلى تقديم طلب ثان في قلم محكمة التمييز المدنية في نهاية الدوام الرسمي على ان يحال الطلب صباحا على مجلس القضاء الأعلى لإيداعه الغرفة المدنية في محكمة التمييز.

وفي سياق متصل أفادت معلومات ان وزير الداخلية بسام مولوي رفض اعطاء اذن بملاحقة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم ورده شكلاً بحجة عدم وجود اي معطيات موضوعية تبين تبدلها بين الطلب المقدم في عهد الوزير محمد فهمي والطلب الثاني. كما علم ان اجتماع المجلس الأعلى للدفاع اليوم في قصر بعبدا الذي يسبق انعقاد مجلس الوزراء مخصص لدرس طلب المحقق العدلي طارق البيطار بملاحقة المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا وإعطاء الجواب بالموافقة او عدمها.

وفي التفاعلات السياسية لهذه المواجهة اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان “قرار الغرفة الخامسة من محكمة التمييز المدنية برئاسة القاضية حنا يثبت من جديد بأنه في وسط السلطة الفاسدة الحالية ما زال يوجد قضاة عادلون متجردون جريئون حتى بالرغم من كل المداخلات والضغوط السياسية التي تمارس عليهم. إن حكم محكمة التمييز المدنية اليوم يؤكد مرة من جديد على انه لا يمكن كف يد المحقق العدلي إلا بقرار من مجلس الوزراء. إن محاولة التشويش على عمل المحقق العدلي الجارية منذ أشهر وحتى اللحظة هي جريمة تساوي ببشاعتها جريمة انفجار مرفأ بيروت”.