لم تعد خافيةً على أحد، إستدارة حزب الكتائب اللبنانية الجديدة المفاجئة نحو اليسار، هذه الإستدارة والتوجهات الجديدة التي جاءت مفاجئة أولاً للمحازبين أنفسهم وثانياً لكل من عرف الكتائب الحزب اليميني الأقدم، العريق بتاريخه ومواقفه وتضحيات محازبيه وإرثه الوطني.
إلى اليسار در
الإستدارة الكبيرة والمستمرة لقيادة الحزب التي بدأت بتسميات جديدة أطلقها على الحزب واستمرت بإتجاه يسار الثورة بعد 17 تشرين، أسقطت بإنعطافتها المفاجئة كل المباديء والمواقف والتضحيات وإرث حزب الكتائب العريق، في محاولة لكسب ود بعض شخصيات أو أجنحة أو مجموعات الثورة.
والمفارقة، هي أن بعض هذه المجموعات التي انحرف الحزب نحوها، متمسكة بعقائدها اليسارية والشيوعية وبكافة مظاهرها المعروفة، من الكوفية إلى صور غيفارا، في حين لم يعد من المستساغ للكتائب أو لم يعد مسوحاً لها، التطرق لتاريخها أو لمواقفها ” فلننسى تاريخنا ” قالها رأس مثلث (الله والوطن والعائلة) وأركان من الحزب، في مقابلات ومناسباتٍ عدة. البعض يسمي هذه الإستدارة بالسقطة للحزب.
هذه الإستدارة طالت تحالفات الحزب وحركته في الإنتخابات النقابية، بحيث قرر الحزب التموضع في إحدى تشكيلات مجموعات الثورة ” النقابة تنتفض” لا بل الذوبان فيها، على الرغم من أن هذا التموضع الجديد لم يجز له إيصال أي مرشح كتائبي في إنتخابات نقابة المهندسين الأخيرة، بعد أن أجبر مرشح الكتائب على اللائحة المهندس كميل حنا هاشم على توقيع كتاب ينفي فيه إنتسابه للحزب وبأنه “لم يكن يوماً منتسباً له”، فكانت سقطة مذلةً له حاول إخفاءها، بتفاخره وتهليله بنجاح لائحة “النقابة تنتفض” الخالية من إسم أي مرشح “كتائبي”، وأنه لم يتحالف في هذه الإنتخابات مع إي من “أحزاب السلطة”.
تحالفات الكتائب في نقابة المحامين والتناقضات
هذا المعيار في عدم التحالف مع أي من “أحزاب السلطة” الذي أعلنه الحزب في نقابة المهندسين، لم يصمد طويلاً. إذ أن الحزب كان قد رشح لعضوية مجلس نقابة المحامين في بيروت الأستاذ فادي المصري، الذي تبين أن إسمه كان من ضمن أول تحالف أعلن إنشاءه “تيار المستقبل” أحد “أحزاب السلطة” في إنتخابات نقابة المحامين في بيروت، ولقاءاته وحفلاته مع هذا التيار علنية وموثقة، فكانت السقطة الثانية للحزب، الأمر الذي حمل بعض مجموعات الثورة إلى رفض إدخال الكتائب في تحالفاتها.
وهي ليست السقطة الوحيدة لمرشح الحزب في نقابة المحامين في بيروت،
فالمرشح المحامي فادي مصري، كان قد انتسب لحزب الكتائب قبل عام واحد فقط من ترشيحه لعضوية نقابة المحامين، الأمر الذي أثار موجة من الإعتراضات داخل الحزب، الذي أهمل تقديم محامين عريقين في إنتسابهم وعملهم الحزبي والنقابي، ما اعتبره هؤلاء سقطةً إضافية للحزب ولمرشحه.
إرث النقيب خلف
يبدو أن حدائة إنتساب المرشح مصري الحزبية، وتوجهات الحزب الجديدة المشار إليها، قد أربكت هذا المرشح وأثرت في توجهاته وخياراته، ففي مقابلة له أجراها مع “جريدة نداء الوطن” في عددها الصادر يوم السبت 2 تشرين الأول 2021 ، جاءت تحت عنوان “إرث النقيب خلف” في إشارة لنقيب المحامين ملحم خلف، يقول المرشح فادي مصري ما حرفيته:
” وأوضح المصري أن ترشيحه يهدف إلى المساهمة في إستمرار البعد الوطني الذي قامت عليه النقابة منذ ما يزيد عن 100 عام، وان “حزب الكتائب” يصبو من خلال مجلس النقابة المقبل إلى المحافظة على هذا الإرث الذي تجلى في أفضل صوره مع النقيب ملحم خلف”
عند هذا الحد، قامت قيامة المحامين الكتائب وغيرهم ممن قرأوا هذا التصريح للمرشح الكتائبي، متسائلين أين أصبح هذا الحزب في تبعيته، الذي بات يجهد للحفاظ على إرث النقيب ملحم خلف الوطني!
في حين اقتضى ان يكون إرث حزب الكتائب الوطني العريق المعروف هو الذي يجب أن يُحافظ عليه ويُحتذى في كل مكان وزمان.
هي سقطة جديدة، كبيرة تصيب الحزب في توجهاته الجديدة العجيبة، التي باتت تؤثر على خيارات وتوجهات العديد من المحازبين فيه، كما على توجهات وخيارات الحزب في الإنتخابات النقابية، آملين أن يعدل الحزب عن تحولاته الأخيره ليتوقف مسلسل السقطات، ويعود الحزب مفتخراً بتاريخه وبكل ما قام به كما وبإرثه الوطني، الذي دافع عنه مئات الشهداء ودفعوا ثمنه حياتهم، وليس بإرث غيره أياً كان هذا الغير، ليصبحوا للأسف هم خلفاً له وتابعين، على حد تعليق أحد الكتائبيين العتيقين الثابتين.