عكّرت عشية توجه الرئيس نجيب ميقاتي إلى باريس، طوابير السيّارات المركونة ليل نهار على الأرصفة المؤدية إلى خراطيم محطات بيع المحروقات، لا سيما مادة البنزين، أجواء الارتياح العفوي التي أعقبت ولادة الحكومة، حتى نيلها الثقة.
وتبين للمعنيين، وهم يحضرون التقارير حول ما يجري، قبل ان يطلب وزير الطاقة من وزارة الداخلية التدخل، ان المافيات السوداء، تعتبر تجارة السوق السوداء، أكثر ربحاً لها، ولبعض اصحاب الشركات، الذين مضوا بالابتزاز إلى رفع الدعم، بحيث أصبح سعر صفيحة البنزين فوق الـ200 ألف ليرة لبنانية، ومع ذلك لم يشفع هذا الارتفاع بارتفاع فضيحة المازوت من الشارع.
ومع ذلك، لم ترعو «مافيات البنزين» فنقلت الأزمة إلى سعر صرف الدولار، بالتنسيق مع مافيا «السوق السوداء» التي اضطرت إلى التراجع المتاح بين الـ12000 ليرة للدولار كسقف الحد الأدنى و15000 ليرة كسقف أعلى، فإذا بالمافيا إياها تخرق التفاهمات، وتلجأ إلى رفع سعر صرف الدولار إلى ما فوق الـ16000 ليرة، في محاولة منها لرفع أسعار المحروقات في المحطات والسوق السوداء، في إدارة للاسطوانة نفسها، غير آبهة بهموم اللبنانيين، أو بالمساعدة على خلق أجواء مريحة، مع بداية الخريف، وتزايد الطلب على المحروقات، ان لجهة التنقل، لا سيما في ما خص المدارس أو الاستعداد للتدفئة في المدن والارياف.
وتكون «مافيا المحروقات» تجرأت فعلاً على قرار الحكومة إنهاء مشكلة الطوابير، واحداث انتظام في الوضع العام، في سائر المجالات من المياه إلى الأفران وإلى المستشفيات، مع العلم ان تسعيرة المحروقات الجديدة، وفقاً لجدول وزارة الطاقة، جاءت على أساس 14000 ليرة لبنانية لكل دولار.
وقد اصدرت وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط أمس، الجدول الجديد لتركيب أسعار المحروقات، وجاءت الأسعار على النحو الآتي:
صفيحة البنزين 98 أوكتان 209300 ليرة لبنانية
صفيحة البنزين 95 أوكتان 202400 ليرة لبنانية
الديزل أويل 162700 ليرة لبنانية
قارورة الغاز 139700 ليرة لبنانية.
وذكرت المعلومات أن الشركات ستسلّم البنزين على أساس سعر 14 ألف ليرة للدولار، وتمّ إفراغ حمولات السفن بناء لذلك، ومن المتوقع حدوث بعض الانفراجات خلال اليومين المقبلين لكن الأزمة لن تُحلّ كلياً.
وعزت سبب استمرار محطات المحروقات في الإقفال وعدم تعبئة البنزين «إلى عدم القدرة على استبدال الماكينات التي تُشير إلى 4 أصفار أو أرقام ولا تُشير إلى 5 ممّا أربك الشركات والمحطات».
وقدتاخرت المحطات في فتح ابوابها لتوزيع البنزين بسبب تأخر صدور التسعيرة الجديدة، فزادت ارتال السيارات أمام المحطات. إذ طلب مكتب الجمارك من الشركات المستوردة للنفط عدم تسليم المحروقات إلى حين صدور الجدول، فكانت النتيجة: زحمة سير خانقة في المناطق اللبنانية كافة.
وقد عانت المحطات من مشكلة لم تكن بالحسبان حيث ان عدادات الماكينات لا تتضمن اصفاراً اضافية على السعر بعدما ارتفع السعر فوق ما هي مجهزة له من ارقام، ما ادى الى بلبلة وفوضى وانتظار طويل لحين حل المشكلة يدوياً.
وأدى هذا الوضع المأساوي إلى تحرك احتجاجي في غير منطقة.
فقطع مواطنون محتجون الاوتوستراد الرئيسي بالاتجاهين عند نقطة محطة مكية بجانب سرايا طرابلس، وذلك احتجاجا على اقفال المحطة ابوابها، نتيجة الاشكالات المتكررة التي تحصل عليها يوميا اثناء عملية تعبئة البنزين، مما تسبب بزحمة سير خانقة في المدينة.