“لا للترهيب لا للسلاح”… في استقبال الحكومة


لم تكن مجرد مصادفة ان يتزامن انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد نيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ثقة مجلس النواب، مع تصاعد النبض الغاضب في الشارع، كما في السياسة، على خلفية تفجر الانفعالات بسبب تعليق مهمة المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، او على خلفية تصاعد التفاعلات المعارضة لعراضات الاستقواء التي يمارسها “حزب الله” باستسلام تام من اركان السلطة. الغضب الشعبي الذي ترجمه الاعتصام الحاشد امام قصر العدل أمس اخترقته بقوة أصوات من أهالي شهداء انفجار المرفأ منددة برسالة الترهيب الذي بعث بها المسؤول الأمني في “حزب الله” وفيق صفا إلى المحقق العدلي، بما يقطع كل شك في ان هذا العامل الترهيبي لعب دوراً حاسماً في محاصرة البيطار، وأكملته عملية تقديم طلبات كف اليد، ولن تقلل أهمية ارتفاع أصوات التنديد بترهيب الحزب للقضاء بيانات تصدر باسم فئة من الأهالي يفهم وضعها. واما المقلب الثاني المقابل للصوت السياسي المعارض، فجاء من اجتماع السوديكو لاحزاب وقوى ومجموعات معارضة بمبادرة من حزب الوطنيين الاحرار نددت بسلاح “حزب الله” وبدأت الاعداد لمنهج معارض شامل.

بهذا التزامن “استُقبلت” الحكومة بين قصر العدل والسوديكو في جلستها العملية الأولى، فيما بدا واضحاً ان ترددات كفّ يد المحقق العدلي بدأت تحدث انعكاسات سلبية للغاية لتزامنها مع انطلاق عمل الحكومة، بدليل ان باريس خرجت عن صمتها حيال هذا التطور وذلك بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس ميقاتي لباريس التي أصدرت موقفاً مشدداً على استكمال التحقيق في منأى عن التأثيرات السياسية.

والحال ان تحرك اهالي الضحايا ومعهم مجموعات من المجتمع المدني والناشطين سحب وهج الجلسة الاولى لمجلس الوزراء التي عقدت بعد الظهر في قصر بعبدا، واعقبت اجتماعاً للمجلس الاعلى للدفاع حيث تم إعلان تمديد التعبئة العامة بسبب جائحة كورونا من 1 تشرين الأول الحالي لغاية 31 كانون الأول والإبقاء على الإجراءات والتدابير المقررة سابقاً.

وبالتزامن مع هذا التحرك الاحتجاجي وزعت السفارة الفرنسية في بيروت تصريحاً للناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية حول موقف فرنسا من وقف التحقيق الذي يقوده القاضي طارق البيطار، وقالت: “تأسف فرنسا لتعليق التحقيق الذي يهدف للكشف عن الحقيقة والمسؤولية عن الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، ومن حق اللبنانيين معرفة ذلك”. وأضافت: “يجب أن تعمل العدالة اللبنانية بشفافية كاملة بعيدا عن أي تدخل سياسي. ويعود للسلطات اللبنانية التمكين من استمرار التحقيق من خلال الموارد المالية والبشرية اللازمة، من أجل إلقاء الضوء الكامل على ما حدث في 4 آب 2020، بما يتوافق مع التوقعات المشروعة للشعب اللبناني. وكما أوضح رئيس الجمهورية الفرنسية لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي في 24 ايلول، فإن فرنسا ستواصل دعم عمل القضاء بشكل مستقل وهادئ وحيادي في ما يتعلق بالتحقيق”.

ولوحظ ان رئيس الجمهورية ميشال عون حاول ملاقاة الموجة الغاضبة، فغرد عبر حسابه على “تويتر” أن “التحقيق ليس القضاء، وإذا اخطأ فهناك ثلاث درجات للتصحيح: البداية، الاستئناف، التمييز”. وختم “يجب أن يستمر التحقيق كي يُدان المذنب ويُبرّأ البريء”.

وتميّز الاعتصام الحاشد لاهالي الشهداء والمجموعات التي شاركت فيه امام قصر العدل بإعلان مواقف حادة رافضة لكف يد المحقق العدلي طارق بيطار تحت عناوين “فجّرونا بـ 4 آب” و”ما تخلّوهم يطيّروا التحقيق” و”آخر فرصة للعدالة بالبلد”… ولفتوا إلى “التدخل الوقح والسافر في تهديد وتحذير القاضي العدلي لأجل تحريف العدالة عن مسارها الطبيعي”، مشددين على دعمهم “الكبير لتحقيقات واستدعاءات القاضي البيطار لعدد من السياسيين والأمنيين مهما علا شأنهم حتى جلاء الحقيقة الكاملة”. ورفعوا شعارات تقول “لبنان رهينة ومحاصر”، و”نعم لتطبيق القرار الدولي 1559″، و”إيران برا”، و”نعم للحياد”، و”نعم لمؤتمر دولي” . ووجّه أهالي الضحايا أمام عدسات الكاميرات، رسالة إلى القاضي بيطار، قائلين: “نحن جيشك ولن نخاف إلّا من ربّنا”. وأضافوا “في 4 أب توحّدنا ونحن لسنا تجّار دم”.