اذا كان في حكم المؤكد ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستحظى غدا بثقة وازنة من مجلس النواب نظرا الى طبيعة التركيبة السياسية الواسعة التي استولدتها فان ذلك سيشكل عاملا إضافيا من عوامل تثقيلها بالمسؤوليات الجسام التي ستبرز من اللحظة الأولى بعد التصويت على الثقة نظرا الى تعطش البلاد الى سلطة حقيقية جدية تدرك فداحة الكارثة التي يتخبط بها اللبنانيون ومدى حاجاتهم الملحة الى جرعات انعاش عاجلة أولا من أزماتهم الحياتية اليومية المتلاحقة والمتراكمة . ذلك ان هذه الحكومة محكومة بانها لن تحظى بفترة سماح الا بقدر محدود للغاية لان ضغط إلازمات التي يعاني منها المواطنون لم يعد يحتمل انتظارا طويلا وباتت معالم الانفجار الاجتماعي في قلب الدار ولا تحتمل ترف التريث والتطويل . واذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدا مدركا هذه النقطة الحساسة في عدم امتلاكه والحكومة ترف التمادي في الانطلاقة بدليل انه اعلن ان الاتصالات بدأت فعلا مع صندوق النقد الدولي تمهيدا لبدء المفاوضات الرسمية على خطة النهوض الاقتصادي والمالي والإصلاحي فان اول ما سيواجه الحكومة بعد الثقة هو اختبار قدرتها الحقيقية على ان تتجاوز تركيبتها كممثلة للقوى السياسية او كبرلمان مصغر لتجعل مهمتها السريعة جديرة ببعض الثقة الداخلية والخارجية عبر فريق عمل حقيقي يتمكن من تلبية ابسط حاجات الناس بداية من الطبابة والدواء والمحروقات .
تعقد اذا غدا الاثنين جلسة مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على منح الحكومة الثقة. وفيما ستتخذ إجراءات لانجاز الجلسة في يوم واحد بحيث تكتفي كل كتلة بمداخلة واحدة، ستحصل الحكومة على ثقة قد تلامس المئة صوت، ولن يحجبها عنها الا تكتل الجمهورية القوية وعدد من النواب المستقلّين. اما تكتل لبنان القوي فبات منحه الحكومة الثقة شبه محسوم في ظل بيان الهيئة السياسية في التيّار الوطني الحرّ اثر اجتماعها الدوري امس من أن “البيان الوزاري تضمّن مطالب التيّار التي وردت في بيان التكتل الأخير ولاسيما كل ما يتصل بالإصلاحات المالية والنقدية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي ومكافحة الفساد وتوفير شبكة الأمان الاجتماعي والتدقيق الجنائي وإعادة الأموال المحوّلة إلى الخارج والكابيتال كونترول والفوائد المشجعة للاقتصاد المنتج والبطاقة التمويليّة والانتخابات ومشاركة المغتربين والتحقيق في انفجار المرفأ وإعادة إعماره وتنفيذ ورقة سياسة النزوح وإقرار قانون اللامركزيّة الإدارية”. كما ابدت الهيئة “ارتياحها لتوقيع عقد التدقيق الجنائي وترى أن العبرة بالتنفيذ، وأكدت أن إصرار رئيس الجمهورية عليه أعطى ثماره خصوصاً أن صندوق النقد والهيئات الدولية تشترط قيام لبنان بالتدقيقات المالية اللازمة ورأت ان “آن الأوان أن تكفّ بعض القوى والكتل النيابية عن سياسة النكدّ بحرمان اللبنانيين من الكهرباء”.
وفيما بدا هذا الموقف التصعيدي موجّها الى شركاء التيار في الحكومة قبل خصومه، فإن ازمة المحروقات استفحلت واشتدت وطأتها في ظل تمدد الطوابير امام محطات المحروقات والانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي رغم رفع الدعم كاملا تقريبا عن المازوت والرفع المتدرج للدعم عن البنزين .
وبينما تترقب البلاد تحسن وضع الكهرباء بعد وصول الفيول العراقي لم يبدّل رفع الدعم نهائيا عن المحروقات ولو في شكل مبطّن المشهد على الارض امس. فالمواطنون وقفوا لساعات في صفوف لا تنتهي للحصول على البنزين وقد بقيت محطاتٌ كثيرة مقفلة لانها لم تستلم المحروقات او خوفا من الاشكالات. في هذا الاطار، أشار عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، إلى أن “كنا نحذر من أن نصل الى وقت لا يتوفر فيه البنزين، والآن تم رفع الدعم وصدر جدول اسعار جديد”. وأكد أن “الشركات ستبدأ بالتوزيع، وهناك شركات تنتظر البواخر، وسيكون هناك تحسن الإثنين”.