تسعى “القوّات اللبنانيّة”، بخطى ثابتة نحو خوض استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة، مع رهان واضح على التغيير في المزاج الشعبيّ، وسط واقع زمن الانهيار الذي تربط معراب مسبّباته بعوامل سياسية – إدارية، في ظلّ سيطرة الأكثرية النيابية التي “لا يمكن التوصّل الى حلول في ظلّها” انطلاقاً من النقطة الأساسية التي لطالما أكّدها رئيس “القوّات” سمير جعجع. وتخفّض هذه المشهديّة من توقّعات المسار الحكوميّ المرتقب، بعد نيل الحكومة الثقة، وفق المقاربة “#القواتيّة”، طالما أنّ الواقع السياسي يبقى هو نفسه على صعيد الوقت الفاصل عن موعد الاستحقاق الانتخابيّ، في أيّار المقبل. لكنّ ذلك لن يمنع من اتّباع معراب استراتيجية قائمة على ترقّب أداء الفريق الوزاريّ، والتنويه بأيّ خطوة إيجابية تقوم بها الحكومة، في مقابل انتقاد أيّ خطوة سلبية. وبناءً على هذه الصورة، يبني تكتّل “الجمهوريّة القويّة” التوجّهات السياسية المرتبطة بالمرحلة المقبلة، على أساس مجموعة نقاط يستعرضها النائب وهبة قاطشيه في حديثه عبر “النهار”، انطلاقاً من تأكيده على عنوانين دائمين، لا يختلفان على تعدّد الفصول وتنوّع الأشهر وتبدّل الظروف السياسية في مقاربة “القوّات اللبنانيّة”، لجهة “ألّا مستقبل في لبنان من دون دولة وسيادة. ولا يمكن المساومة على المبدأين لأننا جزء من البلد، ولم نخف أو نفسد أو نترجّل، ولدينا مساحة من الحراك المعارض مع 15 نائباً، في وقت كانت جليّة ظاهرة المازوت المستورد من إيران، والأزمات المتراكمة في القطاعات اللبنانية، وعلى رأسها الكهرباء، خلال الأيام الماضية”.
أوّلاً، ينطلق قاطيشه من الهجوم المكثّف الذي تعرّضت له “القوّات” في الأيام الماضية، ليقول إنّ “من يعمدون إلى توجيه التهم للقوّات، يشكّلون بيئة عملت على بناء البيئة الشعبية، على أساس التضليل والشائعات الوهمية، ثمّ استلموا السلطة وأظهروا أن ليس لديهم سوى الفساد وعمليّة خرق السيادة من خلال حماية سلاح “حزب الله”. ووجّهوا السهام نحو “القوّات” في ظلّ هذا الفشل الذريع الذي يتخبّطون فيه”، طارحاً تساؤلات حول “الأسباب التي تدفع المغرضين الى كيل الاتّهامات والمحاولات الماكرة بغية تحقيق مأرب يراد منه الإساءة إلى سمعة “القوّات”، وإطلاق الشائعات يميناً وشمالاً، بدلاً من احتكامهم المباشر إلى القضاء، عوضاً عن كيل التهم إعلاميّاً، كعملية تضليل للرأي العام انطلاقاً من القول إنّ سواهم ينفّذ الفساد”. ويستعين قاطيشه بمثل لبناني شعبي ويضيف عليه مصطلحات سياسية، في استنتاجه حول الهجوم على “القوات”، بقوله إنّه “عندما وُلد الكذب، كان التيّار يُضيِّف المغلي”.
ثانياً، كان لافتاً السقف المرتفع الذي تبنّاه نواب تكتل “الجمهوريّة القويّة” خلال جلسة نيل الحكومة الثقة. وفي المقاربة المتّخذة من الحكومة في المرحلة المقبلة، يؤكّد قاطيشه “دعم القوّات أيّ عمل جيّد تقوم به الحكومة، في مقابل التصدّي لأيّ عمل سيّئ. لن نعمل على مهاجمة أيّ وزير أو رئيس الحكومة لمجرّد الانتقاد، بل إنّنا نتوجّه بالهجوم إلى المنطومة التي أوصلت البلاد الى الأوضاع التي آلت إليها. ونعتبر أنّ الحكومة لا يمكنها أن تعمل على إصلاح الوضع، علماً أنّ الفريق الوزاري يضمّ عدداً من الوزراء الجيّدين ورجال الدولة، لكن هل تسمح أحزاب الأكثرية الحاكمة لهم بالعمل على تنفيذ التطلّعات التي أتوا من أجلها؟”، مشيراً الى أنّ “القوات ستتعامل على القطعة مع الحكومة كخطوة أولى، من دون أن تعمل على إطلاق النار على الوزراء، لأنّه يمكن أن تكون لديهم نوايا جيدة، لكننا نطلق النار على المنظومة الحاكمة والمتحكّمة بالقرارات في البلاد”.
ثالثاً، تستمرّ تحضيرات “القوّات” للانتخابات النيابية المقبلة انطلاقاً من قواعد واضحة لم تتبدّل أو تتغيّر، على أساس التحضير للاستحقاق منذ اليوم الأول الذي انتهت فيه الانتخابات عام 2018. وقد أصبحت الماكينة الانتخابية القواتيّة جاهزة لخوض الاستحقاق الانتخابي على بعد أشهر. ويرى قاطيشه أن “القوات تراهن على تغيير لا بدّ منه في خيار الناخبين المسيحيين، خصوصاً الذين سبق أن منحوا الأكثرية النيابية لمصلحة “حزب الله”. هل يستمرّون في خياراتهم السابقة أم أنّهم يريدون إرسال أولادهم إلى المدارس، وتأمين الحقوق الأساسية للمواطن؟ نراهن على التغيير، لكنّ هذا الخيار يعود أوّلاً وأخيراً إلى الناس، إذا أرادوا الإبقاء على واقع الجوع والعطش، عندها يكون لكلّ حادث حديث. لكن النقمة الشعبية واضحة على ممارسات “حزب الله” وحلفائه في التيّار البرتقاليّ في البيئة المسيحية، فيما لم يكن باستطاعة محور الممانعة الذهاب بعيداً في لبنان، لولا التحالف القائم مع التيّار الوطنيّ الحرّ”. ويخلص إلى أنّ “العنوان الأساسيّ الذي نراهن عليه، وننظر اليه يكمن في الانتخابات النيابيّة. نحن في بلد ديموقراطيّ، وإرادة الناس ستحكم في النهاية”.
مجد بو مجاهد-النهار